العلاج الحديث للعقم: ما الذي يخبئه المستقبل؟

17 فبراير 2021آخر تحديث :
العلاج الحديث للعقم: ما الذي يخبئه المستقبل؟

تخيل أنه في المستقبل سيستطيع الطبّ إعادة تشغيل الجهاز التناسلي البشري عن طريق العلاج بالخلايا الجذعية عن طريق إستعمال الذكاء الإصطناعي من أجل علاج العقم لضمان حمل ناجح للأزواج الذين يفشلون في الإنجاب بشكل طبيعي. هذه الروايات كانت تُعتبر من الخيال العلمي، لكنّها أصبحت تُطبّق اليوم في بعض أفضل مراكز المساعدة على الإنجاب في جميع أنحاء العالم. يقول البروفيسور إرجان باشتوه، أخصائي علاج العقم والتخصيب في مجموعة أجيبادم للرعاية الصحية في اسطنبول، تركيا: “في العالم الحديث، حيث تميل العائلات إلى تأجيل الإنجاب إلى بعد تحقيق أهدافهم المهنية أو الشخصية، يتم تطوير حلول طبية لمرافقتهم في تحقيق حلم الإنجاب أيضا”.
نصف النساء التي تخضع للتخصيب المجهري تتعدّى أعمارهن 40 سنة
على مستوى العالم، يعاني ما يجاور 10 إلى 15% من الأزواج من مشاكل العقم. عندما يفشل الأزواج في تحقيق الحمل بعد محاولات منتظمة لمدة عام على الأقل، وإذا كان سنّ الزوجة لم يتعدّى 35 سنة، يوصى بمراجعة الطبيب المختص. أما إذا كان سنّ المرأة فوق 35، فإنّ المحاولات الطبيعية لمدة 6 أشهر كافية قبل إستشارة المتخصصين من اجل إجراء بعض الإختبارات والتحاليل لتقييم أسباب عدم الإنجاب. في الآونة الأخيرة، أصبحنا نلاحظ أن فئة النساء اللاتي تتجاوز أعمارهم 40 سنة هنّ الأكثر تردّدا علة العيادات الطبية من أجل القيام بالإخصاب المجهري في المختبر أو ما يسمى بالعامية أطفال الأنابيب (IVF). يضيف البروفيسور إرجان باشتوه: “على سبيل المثال، في الشهر الماضي، نصف النساء اللاتي قدمن إلى عيادتي من الفئة العمرية أكثر من 40 سنة. في السنوات الأخيرة، أصبحت العديد من النساء تُأجّلن حملهن لأن هذه التجربة الحياتية تُصعّب عليهن التوفيق بين رعاية الطفل والنجاح في العمل. لكن، مع مرور السنين، يصبح من الصعب العثور على بويضات ذات نوعية جيدة وبعدد كافٍ مقارنة مع نساء بعمر أصغر”.

التخصيب المجهري وحده لا يكفي، هناك تقنيات جديدة
في ضوء التقدم المتواصل للطب والتكنولوجيا الطبية، يتبنى أخصائيو علاج العقم خيارات علاجية جديدة. تأتي التكنولوجيا بدورها لتوفير أجهزة حديثة مثل منظار الأجنة الذي يسمح بتتبع تطور البويضات إلى أجنة سليمة. كما تساهم الإختبارات الجينية (PGD) في تقييم جينات الأجنة وتحديد التشوهات التي قد تعيق الحمل. يتوفر خيار علاجي جديد للرجال الذين يقدّمون خللا أو نقصا في الحيوانات المنوية الناضجة، وهي حالة تسمى فقد النطاف. سابقا، كان الأزواج الذين يتم تشخيصهم بهذه الحالة، لا يستطيعون الإستفادة علاج أطفال الأنابيب. حاليا، تساعد تقنية متقدمة تسمى ROSI على تنشيط خلايا الحيوانات المنوية عن طريق التحفيز الكهربائي. يوضح البروفيسور باشتوه، وهو من بين أول من طبق هذه الطريقة الجديدة في تركيا بمستشفى أجيبادم، بقوله: “بالنسبة للرجال، تساعد هذه التقنية الجديدة في تجميع حيوانات منوية جيدّة مباشرة من داخل الخصية. أما بالنسبة للنساء اللواتي ليس لديهن احتياطي كافٍ في المبيض، يمكننا استخدام بعض طرق العلاج الجديدة للحصول على بويضات ذات نوعية جيدة، مثل البلازما الغنية بالصفائح الدموية (PRP) أو الخلايا الجذعية. نحن نعمل حاليا على الحصول على موافقة وزارة الصحة للعلاج بالخلايا الجذعية”.

ماذا عن المستقبل؟ يقدم البروفيسور باشتوه بعض المعلومات عن مستقبل طب العقم، حيث يوضح بقوله: “يعد الذكاء الإصطناعي موضوعا جدّ متداول بين الباحثين في الوقت الحاضر، وقد أجرينا بعض الأبحاث حوله، لأن الذكاء الإصطناعي سيساعدنا في تحديد البويضة التي تتمتع بأفضل الحظوظ لإنجاح زرعها داخل الرحم وبالتالي الحمل بموضوعية وسرعة كبيرتين. سيصبح من الممكن فعلا إجراء إختبارات تشخيصية جديدة لتثبيت أمراض الكروموسومات دون لمس أو إيذاء الجنين. في المستقبل أيضا، من الممكن أن نحصل على معلومات جديدة حول التبادلات التي تتم بين بطانة الرحم والجنين بالتفصيل، من أجل فهم التفاعل الجزيئي والتبادل الوراثي بين الأم والجنين، من أجل مساعدة أطفال الأنابيب على التعلق ببطانة الرحم بشكل أفضل. أعتقد أننا سنقوم بذلك في مستقبل قريب جدّاً”.
نهج شامل لعلاج العقم
يتطلب علاج العقم والمساعدة على الإنجاب فهما جيدا للظروف الصحية التي تعيق الحمل. لذلك نتبع في مستشفيات مجموعة أجيبادم نهجا شاملا يجعل أخصائيين من عدّة تخصصات طبية يعملون مع بعضهم البعض تحت سقف واحد من أجل تقديم خدمات التشخيص وإختيار أفضل حلول للعلاج لكل حالة على حدى. يقول البروفيسور إرجان باشتوه، الذي درس علم الأجنة السريري في جامعة ليدز بالمملكة المتحدة، وحضر دروسا في التنظير الداخلي في جامعة سوراي بالمملكة المتحدة أيضا، بالإضافة إلى مشاركته في بعض الأبحاث العلمية في جامعة هارفارد بالولايات المتحدة الأمريكية: “لا يمكن تحديد سبب فشل التخصيب المجهري في جميع الحالات، لكن الاختبارات الإضافية وتغيير نوع العلاج قد يساعدان في الحصول على نتائج إيجابية. بعض االحالات قد تستدعي إجراء عملية جراحية لتسهيل الحمل، كما يقول البروفيسور باشتوه الذي يقدم خدماته لمرضى من جميع أنحاء العالم: “تعتبر تشوهات بطانة الرحم، وانسداد قناتي فالوب، والأورام العضلية وتشوهات الرحم الخلقية من أهم عوائق الحمل التي تحتاج إلى جراحة تصحيحية باستخدام تنظير الرحم. مع العلاج المناسب، قد يتمكن المرضى من الحمل بشكل طبيعي دون مساعدة على الإنجاب”. في الوقت الحاضر، تعتبر تقنيات تنظير البطن والعمليات الجراحية بمساعدة الروبوت، العمليات الأكثر أمانا والأقل ضررا على صحة المريض.
لماذا مركز أجيبادم لعلاج العقم؟
تقدم مراكز مجموعة أجيبادم لطب الإنجاب وعلاج العقم نهجًا متكاملًا قائمًا على الأدلة لتشخيص وعلاج العقم. ويساعد الفريق الطبي المرضى في كل خطوة من تجربة الإنجاب. تنفذ مراكزنا بنجاح جميع طرق التشخيص والعلاج بما في ذلك تحريض الإباضة، والتلقيح الإصطناعي، والتلقيح في المختبر، والحقن المجهري، وخزعة الخصي، وطرق أخرى للمعالجة الدقيقة بالإضافة إلى العمليات الجراحية لتنظير الرحم والمبيضين. يقول البروفيسور إرجان باشتوه إن جودة الخدمة وراحة المرضى هي المتطلبات الأساسية لنجاح عمليات التخصيب، ويضيف: “نحن نقدم خدمات عالية الجودة، حيث أن مركزنا يتوفر على أحدث التكنولوجيا العالمية. كفريق طبي متمرس، قمنا معا بالكثير من الأبحاث حول العقم. نمتلك ونستعمل أحدث التقنيات في مختبرنا، حيث يمكننا استخدامها من أجل التشخيص والعلاج. كما أننا نقوم بتبادلات مستمرة مع زملائنا في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية حيث نتبادل الأفكار والتقنيات ونقوم بدورات تدريبية. معدل نجاح عملياتنا مماثل وربما أعلى مقارنة بالدول الأخرى. بفضل ذلك، يرتفع عدد المرضى الذين يزورون مركزنا وجميعهم راض عن خدماتنا”.
يوضح اختصاصي العقم أن معدلات النجاح تعتمد على عوامل كثيرة، لا سيما العمر. على سبيل المثال، عندما يكون نحصل على جنين ذو جينات جيدة، فهناك فرصة 60 إلى 70% لحصول الحمل. بينما قد يكون من الصعب الحصول على كيسة أريمية عالية الجودة من إمراة يفوق سنّها 40 سنة، وفي هذه الحالة، ينخفض معدل الحمل إلى 30-40%.
قصة بنهاية سعيدة
يمكن للبروفيسور إرجان باشتوه سرد مئات القصص السعيدة التي عاشها في حياته المهنية، لكنه يتذكر إحداها بالخصوص، يقول إنها غيرت منهجه تجاه المرضى إلى الأبد:
“جاء الزوجان لملاقاتي أول مرّة وهما حزينان، حتى أنّهما بكيا أثناء هذا اللقاء. أخبراني أنهما يرغبان في الإنجاب، لكن المرأة كانت تبلغ من العمر 46 سنة، فقلت لهم أنه لا يمكنني إجراء عملية التخصيب لأن الحمل شبه مستحيل، ونصحتهما بتوفير المال والوقت عبر التنازل عن هذا الحلم. ثعندها أخبرتني المرأة أنها حملت ووضعت طفلا في السابق، وأنّ هذا المولود يبلغ من العمر 19 عاما. قالت: “لقد فقدناه قبل شهرين. كان إبني دائما يريد أخا أو أختا، واليوم، حتى وإن كان لن يراه، نودّ في تحقيق رغبته”. لم أستطع الرفض، وقرّرنا القيام بمحاولة، فكون المرأة قد أنجبت طبيعيا في السابق يرفع من فرص الحمل حتى إن كانت متقدمة في السن. كان لدى المرأة بويضة واحدة فقط وأخذناها، في نفس اليوم اضطر زوجها إلى إعطاء الحيوانات المنوية، لكنه لم يستطع فعل ذلك لأن وفاة إبنه دفعته لشرب الكحول بإفراط. فقمنا بتجميد البويضة وأعطيناهما موعدا جديدا بعد بضعة أسابيع. عادت المرأة مرة أخرى بعد شهرين وكانت تبلغ من العمر 47 عاما، قمنا بمحاولة ثانية، حصلنا من خلالها على بويضتين إثنتين ذات جودة متوسطة، فأخذنا البويضة المجمدة وتمكن الزوج من إعطاء الحيوانات المنوية، فقمنا بالتخصيب. كان لدينا جنين واحد بجودة متوسطة، ومع ذلك قررنا القيام بالنقل ولحسن حظنا حصل الحمل. أنجبت مريضتي ولدا يتمتع بصحة جيدة، واليوم أنا أنظر إلى الصور الموجودة فوق مكتبي، لا توجد بينها صور للمرضى، لكن صورة هذه الأسرة تُجاور صور أبنائي. معجزة من عند الله! االيوم، لا أقول أبدا “مستحيل”، إذا أراد الأزواج المحاولة، فأنا أرافقهم في تجربتهم، حتى لو كحصلنا في المختبر على جنين واحد فإن حلم الحمل يستحق المحاولة”.
(إعلان)

المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع “بيروت نيوز” بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و”الموقع” غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك.