فترة الحمل من أجمل الفترات في حياة الزوجين وتحديداً المرأة التي تنتظر بشغف أن تشهد على معجزة الحياة. لكن هذه الفترة باتت مشحونة بالقلق والخوف منذ جائحة كورونا التي حصدت حتى الآن أرواح أكثر من 4 ملايين شخص حول العالم. موقع “نيوز ميديكال” (news-medical) المتخصص بالشؤون الطبية سلط الضوء، في هذا السياق، على التقارير المتباينة المتعلقة بالفيروس وآثاره على النساء الحوامل في فترة الوباء، وسط تخوف من امتداد هذه الآثار إلى ما بعد الإنجاب.
وبحسب المقال الذي نقل عن بحث نشر مؤخراً في مجلة Nature Journal Scientific Reports العلمية، ليس هناك من دراسات جازمة للتشابه أو الاختلاف في الأعراض لناحية التعرض للفيروس لدى الحوامل وغير الحوامل. فبينما أشار الكثيرون إلى أن الحوامل لم يعانين عوارض مختلفة عن غير الحوامل من نفس الفئة العمرية، اقترح البعض الآخر أن الحوامل أكثر عرضة للولادة المبكرة، ويواجهن مخاطر متزايدة مرتبطة بوفاة الأم ويظهرن أداء مناعياً مختلفاً. وكشفت دراسة بأثر رجعي عن الاختلافات الرئيسية التي يمكن أن تسمح بتحقيق تشخيص دقيق للكورونا لدى الحوامل بشكل أفضل. ولكن الغموض يبقى محيطاً بكيفية تفاعل الحمل مع ديناميكيات المؤشرات الحيوية خلال فترة التعرض والإصابة بالفيروس.
وبنيت نتائج الدراسة على المؤشرات التي سجلت لدى مجموعة من 227 امرأة نقلن إلى المستشفى إثر العدوى، وأنجبت 165 منهن أثناء دخولهن المستشفى، وخرجت 62 منهن من المستشفى قبل الولادة. وبحسب النتائج، احتاجت أقل من 1% من النساء للدخول إلى وحدة العناية المركزة وأقل من 10% إلى مكملات الأوكسجين. أما بالنسبة للأعراض الأكثر شيوعاً، فهي الحمى والسعال والشعور بالتعب. وعولجت جميع المريضات في هذه الدراسة بعقار إينوكسابارين المضاد للتخثر كوسيلة وقائية، أما من عانين إصابة الرئة فتم تطبيبهن باستخدام عقار هيدروكسي كلوروكين.
(…) ولوحظ بشكل مثير للاهتمام في المجموعة، الارتباط الكبير بين احتمال الحاجة إلى مكملات الأوكسجين وتركيز الخلايا الليمفاوية (وهي نوع من خلايا الدَم البيضاء)، واستخدمت المؤشرات الحيوية مثل الكريات البيض والخلايا الليمفاوية وعدد الصفائح الدموية، كأدوات للتنبؤ بحالة الحوامل ومدى تجاوبهن مع العلاج.
الحوامل أكثر عرضة للعدوى؟
في السياق عينه، حذر تقرير لموقع “سي دي سي” (cdc) التابع للمركز الأميركي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، من الخطر المتزايد الذي يواجه الحوامل إثر التعرض لكورونا والمرض الشديد الذي قد يتبعه، بمعنى الحاجة للاستشفاء ودخول العناية المركزة والاستعانة بجهاز تنفس. وعلى الرغم من أن خطر الإصابة بمرض شديد منخفض بشكل عام، إلا أن الحوامل والنساء حديثات الولادة أكثر عرضة للإصابة بأمراض خطيرة بعد التعرض لكورونا مقارنة بغير الحوامل.
وقد تؤدي الإصابة، بحسب التقرير، في حالات طبية أساسية معينة ومع أخذ عوامل أخرى مثل السنّ (أكبر من 25 عاماً للأم)، في عين الاعتبار، إلى زيادة خطر إصابة الشخص بالمرض الشديد (لمدة 42 يوماً على الأقل بعد نهاية الحمل). كما تتعرض الحوامل المصابات أيضاً لخطر متزايد للولادة المبكرة، كما قد يكنّ أكثر عرضة لنتائج سيئة أخرى قد تصل إلى حد فقدان الجنين. لذلك، يتوجب على الحوامل وعلى من يقيمون معهن أو يزورونهن، اتخاذ خطوات لحماية أنفسهم وحمايتهن بالتالي من الإصابة بالفيروس.
أضف إلى ذلك أن التغييرات التي تحدث في الجسم أثناء الحمل والتي تزيد من خطر الإصابة بأمراض خطيرة من عدوى فيروسية في الجهاز التنفسي مثل كورونا، قد تستمر في فترة ما بعد الحمل أي بعد الإنجاب. وعلى سبيل المثال، قد لا يزول خطر الإصابة بتجلطات الدم أثناء الحمل، بعد الإنجاب كما قد يرتفع خطر الإصابة بأمراض خطيرة. لذلك، يجب أيضاً على النساء اللاتي يعانين من حالة طبية أساسية الاستمرار باتباع خطة العلاج التي يحددها مقدم الرعاية الصحية الخاص بهنّ.
وتترك البيئات التي تعيش فيها الحوامل في هذا السياق تأثيراتها أيضاً (…) على سبيل المثال، من المرجح أن يمرض الأشخاص مثل العاملات في مجال الرعاية الصحية الحوامل، اللاتي يعملن في أماكن يعجزن فيها عن الابتعاد بمسافة كافية عن المرضى (…) كما أدت أوجه عدم المساواة الاجتماعية والصحية المنهجية طويلة الأمد لتعريض الحوامل من بعض مجموعات الأقليات العرقية والإثنية لخطر متزايد للإصابة بالمرض.
الحمل واللقاح
وبحسب التقرير، يمكن للحامل تلقي لقاح كورونا مع الالتزام بمراجعة أخصائي الرعاية الصحية الخاص بها للإجابة عن أي استفسار. ويبقى من المهم بشكل خاص للحوامل، ولأولئك الذين يقيمون معهن أو يقومون بزيارتهن، المواظبة على ارتداء القناع (الكمامة) عند الخروج أو عند التفاعل مع الآخرين خارج الأسرة المباشرة.
ولم تجزم منظمة الصحة العالمية حول فعالية اللقاح والمخاطر المرتبطة به أثناء فترة الحمل، لكنها توصي بشكل عام باللقاح نظراً لأن منافعه أرجح من المخاطر المحتملة للفيروس. كما أنها لا توصي بتأخير الحمل أو النظر في إجهاضه بسبب التطعي.