تشتق الرغبة القوية في الأكل عن تراجع مؤشر سكر الدم، أو اختلال توازن الهرمونات، أو حتى العواطف السلبية. اكتشفي مختلف الأسباب المحتملة كي تتعاملي مع نوبات الجوع بالشكل المناسب.
وجبات غير كافية
حين تشعرين بالجوع في منتصف الصباح، أو في فترة بعد الظهر، ربما ينجم شعورك عن تناول وجبة غير كافية بكل بساطة. بناءً على الأفكار الموروثة، يظن بعض الأشخاص أن النشويات تسبب السمنة. لذا يكتفون بتناول أطباق صغيرة من السلطة لفقدان الوزن ولا يشعرون بشبع حقيقي. نتيجةً لذلك، يتجدّد الجوع بعد ساعتين تقريباً.
يفضّل أشخاص آخرون تفويت وجبة الفطور أو يأكلون وجبات عشوائية في فترة الصباح. قبل أن تبحثي عن أسباب جوعك المتكرر، يجب أن تتأكدي إذاً من تناول ثلاث وجبات رئيسة يومياً، ومن الأفضل أن تأكلينها في أوقات ثابتة إذا أمكن. احرصي في الوقت نفسه على الالتزام بنظام غذائي متوازن، عبر الإكثار من أكل الخضراوات مع كمية صغيرة من النشويات (خبز كامل، ومعكرونة مطبوخة جزئياً، وعدس…) لأن الألياف والكربوهيدرات المركّبة تعزّز شعور الشبع.
مشكلة هرمونية
عدا عنصرَي اللبتين والغريلين اللذين يرتبطان مباشرةً بتنظيم الشهية، تبرز هرمونات أخرى قد تؤثر في شعور الجوع. تترافق متلازمة ما قبل الدورة الشهرية مثلاً مع تقلبات بارزة على مستوى الأستروجين والبروجستيرون، مما قد يؤدي إلى تفاقم التعب وتعكر المزاج وتجدد نوبات الجوع المفاجئة. يمكن التعرف إلى هذا النوع من “الجوع” بسهولة، لأنه يتزامن مع الدورة الشهرية. لكن في ظروف أخرى، يصعب أن نرصد اختلال توازن هرمونات الغدة الدرقية: يؤدي فرط نشاط الغدة الدرقية إلى زيادة الجوع من دون التسبب في البدانة، بينما يؤدي قصور الغدة الدرقية إلى إضعاف الأيض في الجسم وتسريع اكتساب الوزن. عند الاشتباه بوجود خلل مماثل، استشيري اختصاصياً بالغدد الصماء لتشخيص الوضع بدقة.
يُشار إلى أن الضغط النفسي يزيد إفراز الكورتيزول أيضاً. ويعزّز هذا الهرمون تخزين الدهون وذوبان العضلات ومشكلة مقاومة الأنسولين، وبالتالي اختلال توازن مؤشر سكر الدم، حين تصبح كميته فائضة. كذلك، ربما تصبحين أكثر عرضة لأمراض متنوعة بسبب الالتهابات المزمنة.
إفراط في أكل السكريات
تتعدّد المنتجات اليومية التي تحتوي على سكريات “بسيطة”، من بينها الخبز الأبيض والحبوب المنتفخة والبطاطا المقلية والهريسة والبسكويت الحلو أو المالح والمثلجات والمشروبات الغازية… يمتص الجسم هذه المنتجات بسرعة، مما يؤدي إلى إفراز كمية كبيرة من هرمون الأنسولين الذي ينقل السكريات من الدورة الدموية إلى الخلايا التي تستعملها أو تخزّنها على شكل دهون إذا كانت كميتها فائضة. بسبب تراجع مؤشر سكر الدم سريعاً، ينشأ مؤشر تحذيري في الدماغ مفاده أن الجسم بات يفتقر إلى السكّر. تؤدي هذه الرسالة إلى تطور شعور الجوع وزيادة الرغبة في أكل المنتجات الغنية بالسكر. إنها حلقة مفرغة! لذا يجب أن تقيّمي محتوى خزائنك: قد تكون المنتجات المتحولة عمليّة، لكنها تعجّ بالسكريات البسيطة على عكس المنتجات الطبيعية كالفاكهة والخضراوات النيئة والحبوب الكاملة والبقوليات.
ضوابط فائقة
يسهل أن تنشط حواسك حين تمرّين بين رفوف المتاجر الكبرى وترين المنتجات الجاذبة، أو تشمّين رائحة المخبوزات الشهية، أو تشاهدين إعلانات المأكولات في الشوارع والمجلات. لفقدان الوزن، يحاول كثيرون أن يخففوا الأكل أو يتخلوا عن المنتجات التي تحتوي على سعرات حرارية فائقة. لكن لا يسهل الالتزام بهذه المقاربة في ظل المجتمع الاستهلاكي المعاصر. ربما تنجحين في تطبيق هذا المبدأ إلى أن تجتاحك رغبة قوية في الأكل. سرعان ما تنهارين وتأكلين كميات كبيرة من المأكولات “الممنوعة” خلال وقت قصير. كلما ازدادت الضوابط المفروضة عليك، يرتفع احتمال أن تفقدي السيطرة على نفسك. بعد هذه النوبة تشعرين بالذنب والانزعاج، حتى أنك ربما تصابين باضطراب حاد على مستوى السلوك الغذائي.
اضطراب النوم
تتعدّد الدراسات التي تشير إلى وجود رابط بين تراجع مدة النوم (أقل من 6 أو 7 ساعات كل 24 ساعة) وارتفاع مؤشر كتلة الجسم. تؤدي قلة النوم إلى تراجع مستوى هرمون اللبتين الذي تفرزه الخلايا الدهنية المسؤولة عن إطلاق شعور الشبع وحرق السعرات الحرارية. على صعيد آخر، نقص النوم مسؤول عن زيادة مستوى هرمون الغريلين الذي تفرزه المعدة لتقوية الشهية. من الواضح إذاً أن قلة النوم تسبب خللاً في النظام الهرموني الذي يُبلِغ الدماغ بمستوى حاجته إلى الطاقة.