المصانع مهدّدة بالإقفال… والدولة غائبة

29 أغسطس 2021
المصانع مهدّدة بالإقفال… والدولة غائبة
جنى غلاييني

حلّت سنة 2021 على لبنان حاملةً معها مصائب لا تعد ولا تحصى لتفتك بعجلته الاقتصادية التي باتت شبه معدومة، إذ ألحقت هذه الأزمة الضرر بالقطاعات كافة، ومؤخراً بقطاع الصناعة الذي أصبح يعاني من تراجع ملحوظ في الانتاج المحلي الذي يؤدي الى غرق الدولة في عجز اقتصادي هائل نتيجة النقص الحاد في المازوت، المادة الأساسية والضرورية لإحياء القطاعات المنتجة.

حب الله: الصناعة تعاني مشكلة أكبر

وعن اشتداد الأزمات على القطاع الصناعي، يقول وزير الصناعة عماد حب الله لـ”لبنان الكبير”: “سيكون هناك اجتماع مع الصناعيين الثلاثاء المقبل لاستكمال إطلاق الصرخة التي كنت قد وجّهتها سابقاً للدولة، فكل الخطوات التي أجريت حتى الآن لم تعطِ الصناعة حقها، وإذا بقينا على هذه الحال ستُقفل الكثير من المصانع أبوابها.


كما أنّ الاجراءات التي تم التوافق عليها مع الدولة غير كافية لمساعدة القطاع الصناعي، فهناك بعض المصانع تعاني بشدّة”.


ويتابع: “لم يؤمّن المازوت الكافي للمصانع حتى الساعة، لكننا عقدنا اتفاقا مع وزارة الطاقة وجمعية الصناعيين في بعبدا، حيث تم التوافق على تمكين الصناعيين من استيراد المازوت مباشرةً إما عبر وزارة الطاقة أو عبر القطاع الخاص، وعلى اساسه قامت شركتان باستيراد المازوت غير المدعوم لتوزيعها بين الصناعيين بسعر 550$ للطن الواحد وبالطبع هناك آلية للدفع”.

ويلفت حب الله إلى أنّ “القطاع الصناعي يعاني مشكلة أكبر من شحّ المازوت وهي مصادرة كمية المازوت التي تكون قد أمّنتها بعض المصانع والتي تكفيها لأسبوعين على الأقل لتشغيل معاملها، لكن يتم أخذها بحجّة ضبطها ويعطونها لمؤسسات أخرى ويتم توزيعها حتى بين الأبنية، لذا هناك بعض المداهمات تقام بصورة خاطئة إذ لا يوجد أي مصنع مخالف قانونياً بتخزين مازوت أكثر مما يحتاج. يجب أن يكون هناك استراتيجية من القوى الأمنية والقضاء لتوضيح أسباب عمليات المداهمة التي يقومون بها”.

ويوضح: “هناك بعض المصانع من الضروري جدّاً أن يتأمّن لها المازوت المدعوم كالأفران وشركات الكهرباء وكل معمل منتج للمواد الغذائية وذلك لإمداد المواطن بأبسط ما يمكن من المواد، كما يجب أن تتأمّن البطاقة التمويلية بأسرع ما يمكن”.

ويؤكد: “يجب أن تكون المشتقات النفطية غير المدعومة متوفّرة في السوق، وفي حال لم تتوفّر سيضطّر الصناعيون الى شراء المازوت من السوق السوداء والتي تفوق أسعارها أسعار المازوت غير المدعوم. إذا لم نستطع تأمين المازوت غير المدعوم للمصانع ولغيرها من المؤسسات سيظل هناك سوقا احتكاريا”.

ويختم حب الله: “أنا شخصياً ضد الإبقاء على الدعم عبر الـ225 مليون دولار، والاجدى هو إعطاء البطاقة التمويلية التي تخصّص لكل عائلة لبنانية 93$ وليتم رفع الدعم عن المحروقات بدلاً من إذلال الشعب فيما يستفيد المحتكرون من الدعم بنسبة 70%”.

نصراوي: حيز كبير مع انقطاع الاستيراد

وفي السياق عينه، رأى نائب رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين جورج نصراوي أن “الصناعيين يجدون صعوبة كبيرة جدّاً في تأمين المازوت حتى في السوق السوداء، ولهذا السبب باشرت جمعية الصناعيين بتفعيل القرار 66 المتخذ منذ سنة 2004 والذي يسمح للصناعيين باستيراد المشتقات النفطية شهرياً، ويتم ذلك عبر استمارة يملؤها أصحاب المصانع، ورأينا أنّ بعضهم تجاوب مع هذا القرار والبعض الآخر استغنى عنه مفضّلاً المازوت الذي كان يأخذه بالسعر المدعوم، وهناك بعض الصناعيين يلجأون الى شراء المازوت من السوق السوداء لعدم الالتحاق ببرنامج الجمعية”.

ويوضح: “مع تفاقم أزمة المحروقات يزداد الطلب على الجمعية لتأمين ما يكفي من مازوت للمصانع، لذا نعمل على ملحقات للشركات التي تستورد المازوت لاستمرارية القطاع الصناعي بالعمل”.

ويشرح نصراوي سبب تراجع الانتاج المحلي، فيقول: “من الطبيعي أن تنخفض نسبة الانتاجية الوطنية لتأثّرها بشح المحروقات، بالإضافة الى التأثير الكبير الحاصل في عملية التصدير الى الخارج وذلك لأنّ السعر العالمي للمازوت أغلى من السعر المدعوم”.

ويتابع: “لا ننسى أن هناك صناعيين لديهم صفقات تصدير الى الخارج وهم كانوا يحسبون كلفتهم على أساس مازوت بالسعر المدعوم، لكن باتوا الآن يدفعون أضعاف الكلفة على السعر العالمي بالنسبة لكلفة الانتاج وهذا ما لم يكن في الحسبان وشكّل ضربة كبيرة لهم”.

من جهة ثانية، يؤكّد نصراوي أنّ “أزمة البنزين أدّت الى عرقلة عملية توزيع المنتجات بين الأسواق المحلية، لكن على الرغم من ذلك أخذت الصناعة المحلية حيزا كبيرا بغياب المنتجات المستوردة، كما قامت بعض المصانع بتركيب خطوط انتاج جديدة لتغطية النقص وتلبية حاجات المواطنين”.

المصدر لبنان الكبير