كتبت “الحرة” أكد فريق من العلماء في الولايات المتحدة أن الأدلة بشأن تحول قطعان غزلان “الذيل الأبيض”، إلى مستودع أو مخزن لسلالات فيروس كورونا المستجد قد أضحت في ازدياد مستمر، مما سيؤدي إلى آثار واسعة وسلبية على انتشار هذا الوباء في المستقبل، حتى لو جرى تطعيم جميع السكان باللقاحات المضادة.
وكان فريق بحثي قد رصد، في وقت سابق، أجساما مضادة لفيروس كورونا المستجد في عينات من غزلان الذيل الأبيض تعيش في شمال شرق الولايات المتحدة “في أول دليل” على تأثر الحيوانات البرية بشكل واسع النطاق بالفيروس، وفق موقع “NPR”.ودرس العلماء 624 عينة تم جمعها من ٤ ولايات أميركية، ووجدوا الأجسام المضادة لفيروس SARS-CoV-2 في 152 عينة (40 في المئة) منها.وفي ولاية ميشيغان وحدها، أظهرت 67 في المئة من الغزلان، المعروفة أيضا باسم “أيل فرجينيا”، علامات على وجود رد فعل مناعي ضد الفيروس.
وفي حين لم تظهر الغزلان آثارا صحية ضارة، فإن وجود أجسام مضادة يشير إلى أنها قامت بمكافحة الفيروس، ما يثير مخاوف بشأن احتضانها له ونشره بصمت.وهناك أيضا مخاوف من أن تسمح الغزلان للفيروس بالتكيف والتطور إلى سلالات جديدة أكثر فتكا يمكن أن تصيب البشر بعد سنوات.واكتشف الأطباء البيطريون الآن في جامعة ولاية بنسلفانيا إصابات نشطة بالفيروس التاجي في 30٪ على الأقل من الغزلان التي تم اختبارها عبر ولاية أيوا خلال عام 2020.”خزان كورونا”وتشير دراسة، التي نُشرت على الإنترنت الأسبوع الماضي، إلى أن غزلان الذيل الأبيض يمكن أن تصبح ما يُعرف باسم الخزان لكورونا، أي أن الحيوانات يمكن أن تحمل الفيروس إلى أجل غير مسمى وتنقله مرة أخرى إلى البشر بشكل دوري.وبحسب عالم الفيروسات في ولاية بنسلفانيا، سوريش كوتشيبودي الذي شارك في الدراسة فإن ذلك الأمر سوف يحبط أي آمال في القضاء على الفيروس في أميركا والعالم.وأوضح بالقول: “إذا أتيحت الفرصة للفيروس لإيجاد مضيف بديل إلى جانب البشر، والذي يمكن أن نسميه المستودع، فإن ذلك سيخلق ملاذًا آمنًا حيث يمكن للفيروس أن يستمر في الانتشار، حتى لو أصبح جميع البشر محصنين”.وزاد: “وهكذا يصبح التعامل مع الفيروس أو حتى القضاء عليه أمرا أكثر تعقيدًا.”وشملت الدراسة الجديدة البحث عن فيروس كورونا المستجد في العقد الليمفاوية لما يقرب من 300 غزال من فصيلة “أيل فيرجينيا”، بما في ذلك أكثر من 100 غزال بري.وقد أصابت النتائج كوتشيبودي وزميله عالم الأحياء الدقيقة البيطري فيفيك كابور بالذهول، إذ قال الأخير: “لقد كان الأمر مذهلاً للغاية بالنسبة لنا.. لقد فوجئنا جدًا برؤية هذا العدد الكبير من العينات الإيجابية”.وخلال الفترة من أبريل إلى ديسمبر من العام الماضي، كان حوالي 30 ٪ من الغزلان التي الذين ثبت إصابتهم بالفيروس من خلال اختبار “بي سي آر” PCR.وخلال خلال موجة الشتاء في ولاية أيوا من 23 نوفمبر 2020 إلى 10 يناير، أصيب حوالي 80 ٪ من الغزلان التي تم اختبارها.وهنا يوضح كابور إنه في ذروة الطفرة، كان انتشار الفيروس في الغزلان فعليًا بحوالي 50 إلى 100 ضعف انتشاره في سكان ولاية أيوا في ذلك الوقت.وخلال هذا الإطار الزمني، تتبع الفريق أيضًا تسلسل جينات ما يقرب من 100 عينة من الفيروس، ليجدوا أن السلالات المنتشرة في الغزلان تتطابق مع المنتشرة بين الناس.وبحسب، كابور، تشير هذه التسلسلات الجينية إلى أن الغزلان التقطت الفيروس من البشر عدة مرات في ولاية أيوا وحدها، وذلك قبل أن تنقله إلى حيوانات أخرى.مصدر للقلقوفي نفس السياق، تقول ليندا سيف، عالمة الفيروسات في كلية الطب البيطري بجامعة ولاية أوهايو: ” إن البشر قادرون على نقل الفيروس إلى تلك الغزلان التي تعيش جميع أنحاء الولايات المتحدة بالإضافة إلى مناطق واسعة من أميركا الشمالية والوسطى وعلى حدود أميركا الجنوبية وعددها يقدر بأكثر من 30 مليون رأس”.وزادت: “السؤال الآن هو: هل يمكن للفيروس أن ينتقل من الغزلان إلى البشر؟ أو هل يمكن للغزلان أن ينقل الفيروس بفعالية إلى مربي الماشية؟ لا نعرف حتى الآن إجابات هذه الأسئلة، ولكن إذا الجواب نعم، فإن ذلك سوف يدعو إلى قلق كبير”.ولفتت، سيف، إلى مصدر قلق آخر وهو إمكانية ظهور سلالات جديدة من الفيروس داخل أجساد الغزلان، في تكرار لسيناريو سابق حدث مع حيوانات المنك في مزارع بهولندا وبولندا.ففي حالة المنك، فإن عمال المزارع المصابين كانوا قد نقلوا الفيروس إلى تلك الحيوانات، مما أدى لاحقا إلى ظهور متحورات جديدة من كورونا.وإذا تكرر الأمر مع غزلان الذيل الأبيض، فإن تتبع ظهور المتغيرات الجديدة قد يصبح أكثر تعقيدًا، كما يقول كوتشيبودي.ويختم بالقول: “إذا أردنا أن نستمر في التصرف بشكل استباقي بشأن المتحورات الناشئة، وألا نتفاجأ من ظهور إحداها فإن فهناك حاجة ملحة لمواصلة مراقبة انتشار فيروس كورونا في الحياة البرية خاصة في الحيوانات التي يمكنها تصبح خزانا له مثل الغزلان ذات الذيل الأبيض “.