أشعلت تلميذة من ثانوية المربّي جورج صراف في أبي سمراء الطرابلسية، مواقع التواصل الاجتماعي بعد كتابتها منشوراً عن أستاذ مدرسيّ يتحرّش لفظياً وجسدياً بتلميذاته، مع قيامه بإهانتهنّ وإهانة حتّى تلاميذه من الصبيان عند محاولتهم رفض ما يقوم به، وذلك بأسلوبٍ مهين لا يمت بصلة للقيم الأخلاقية التي يعلّمها لتلاميذه في الصف.
لم تكن هذه الحادثة هي الأولى من نوعها التي يُقال فيها إنّ الأستاذ طرد بسبب أسلوبه وتصرّفاته غير السوية من المدارس التي سبق أن عمل فيها، فبحسب المعلومات كان طرد من مدارس في مناطق مختلفة شمالًا كالقلمون، وبخعون، والحدادين وآخرها مدرسة في أبي سمراء وكلّها مدارس رسمية، لكنّها الحادثة الأولى تتجرأ تلميذة بفضح تصرّفاته علنًا بلا خوف أو تردّد بسبب المجتمع الذي تتحكّم به عادات متوارثة لا تُقيم وزنًا لحقوق الإنسان والحدود التي على أيّ معلّم أو معلّمة الالتزام بها من دون تعدّ على التلاميذ.
إنّ التلميذة التي ضاقت بها السبل، اضطرت بعد لجوئها إلى إدارة المدرسة للمطالبة بمحاسبة أستاذ التربية المدنية والقيم الإنسانية سامر مولوي بعد إهانته تلميذاته، إلى مشاركة معاناتها ومعاناة أخريات بمنشور استدعتها إدارة الثانوية لمحاسبتها على نشره.
وما إن نشرته حتّى توالت ردود أفعال ضحايا من التلميذات اللواتي أرسلن صورًا وأدلّة لمحادثات بينه وبينهنّ للكشف عنها مباشرة، الأمر الذي شكّل صدمة كبيرة بين الطرابلسيين الذين نشروا صوره وتعهّد بعضهم بالانتقام منه عند رؤيته، مطالبين أهالي الفتيات باللجوء إلى القضاء.
وبعد هذه الفضيحة، نظمت طالبات وفعاليات نسائية وحقوقية تحرّكًا أمام الثانوية، ودخل بعض التلاميذ إلى المدرسة وتحديدًا إلى مكتب المدير محيي الدّين حدّاد الذين اتهموه بالتواطؤ مع مولوي والتستر على جريمة فاضحة بعد الشكاوى المتكرّرة ضدّه، وأطلقوا من مكتبه شعارات وعلت أصوات الصراخ والاحتجاجات من المكتب الذي خرج منه حدّاد مسرعًا من دون البوح بتفاصيل عن الموضوع.
وبعد تشديد إدارة المدرسة على أنّ مولوي كان قد اتجه إلى بيروت للإدلاء بإفادته، تلفت بعض المعطيات الأوّلية لـ”لبنان الكبير” إلى أنّ مولوي لم يُحقّق معه لأنّه قد يكون هرب من العدالة ومن أهالي الطالبات اللواتي وقعن ضحية أفعاله المشينة.
تحرّك وزارتيّ التربية والداخلية!
يُعبّر المحامي نهاد سلمى عن صدمته الكبرى بعد ما سمعه من تلامذة الثانوية، ويقول لـ”لبنان الكبير”: “سمعت إفادات بعض الفتيات عمّا قام به مسبقًا، فهو يتحدّث معهنّ بكلام غير لائق تارة، ويلمسهنّ تارة أخرى، ويُهدّدهن بالعلامات والدرجات في الثانوية ولا سيما كلّ من ترفض التقاط الصور معه فيلجأ إلى إهانتها أمام الجميع”، مضيفًا:” يُمكن القول إنّ هذه القضية باتت قضية رأيّ عام وسأكون إلى جانب الطالبات في هذه القضية لأنّ أكثر من 30 فتاة وقعن ضحيته ويجب معاقبته بتدخل القضاء، لا بالاكتفاء بمعاقبته مسلكيًا فحسب أي بفصله من المدرسة أو الهيكل التعليمي فقط، إذ يُمكن للمتضرّرين الادّعاء شخصيًا عليه عبر رفع دعوى “تحرّش” وعقوبتها تراوح ما بين سنة وسنتين مع غرامة مالية، فضلًا عن حصول ابتزاز منه أيضًا ويُمكنهم معاقبته عليه”.
أمّا عن احتمال سكوت المدير عن تصرّفاته، يلفت سلمى إلى أنّ المدير حدّاد كان قد أكّد رفعه تقارير مسبقة إلى الوزارة منذ عام 2017 لكن من دون جدوى”.
وبوثيقة صدرت عام 2019، تبلّغ مولوي طلبًا للحضور إلى مكتب التفتيش التربوي في طرابلس، لكن وفق المعطيات يبدو أنّ “هناك ثغرة ما في التفتيش إذ لم يصدر أيّ قرار بعد تسلّمه هذه الوثيقة، لا منه شخصيًا ولا من التفتيش…، مع العلم أنّه كان طرد من إحدى المدارس بعد تلقيه ضربًا مبرحًا ردًا على تصرّفاته وفق ما يقول الأهالي”.
في هذا السياق، تؤكّد بعض الطالبات أنهنّ لجأن إلى المدير منذ أيّام للحديث عن هذا الأمر، ليردّ عليهنّ بأنّ كلّ المدرسة تُدرك تصرفاته لكن لن يتمّ فصله، وذلك لأنّه “مدعوم” وهي كلمة كانت رافقت كلّ التلاميذ عند محاولة تبرير ما يقوم به.
وإذ يُعدّ مولوي من أقرباء وزير الداخلية بسام مولوي، يُشير مصدر قضائي لـ “لبنان الكبير” إلى أنّ الحديث عن احتمال تبرير أو تقديم الوزير الغطاء لهذا الرجل غير صحيح على الإطلاق، فالوزير قاضٍ من الأساس ومن المستحيل أن يُغطّي هذه الجريمة التي قد تُسيء إليه مباشرة…، مشدّدًا على أنّ الوزير سيتحرّى عن هذه التهمة وسيقوم بما يلزم بعد التدقيق في الاتهامات الموجهة ضدّ الأستاذ”.
تربويًا، وبعد تدخل التفتيش التربوي من وزارة التربية والتعليم، واستماعه لإفادات عددٍ من الطالبات والطلاب مع الكشف على هواتفهم الخاصّة والمحادثات الشخصية التي تُظهر المحتوى الجنسي أو الذي يُشير إلى إيحاءات جنسية كان يُرسلها إلى طالباته، تُشير المعلومات لـ”لبنان الكبير” إلى أنّ الوزير عباس الحلبي يُتابع شخصيًا هذه القضية التي قد تُحيلها الوزارة على القضاء، بخاصّة بعد ورود تقارير عدة عن تصرّفاته.