لماذا لا يصاب الأطفال بشدة بكوفيد؟

27 مارس 2022
لماذا لا يصاب الأطفال بشدة بكوفيد؟


أحد الألغاز المستمرة المتعلقة بوباء كوفيد-19 هو أن الأطفال، في أغلبهم، قد تمكنوا من النجاة من الفيروس ولم يعانوا من شدة المرض التي ظهرت والتي عانى منها البالغون.وبحسب شبكة “سي أن بي سي” الأميركية، “عندما ظهر وباء كوفيد في أواخر عام 2019 وبدأ ينتشر في كل أنحاء العالم، سارع العلماء لفهم الفيروس وكيفية مكافحته، حيث حاولت المستشفيات تطبيق تقنيات مختلفة لإنقاذ المرضى ذات الوضع السيء من في وحدات العناية المركزة. ولحسن الحظ، عدد قليل من هؤلاء المرضى كان من الأطفال، مما شكل لغزًا لخبراء الصحة العامة حول سبب عدم إصابة الأطفال بمرض شديد أو حتى التسبب بوفاتهم بسبب كوفيد. لا يزال العلماء في حيرة من أمرهم حول سبب عدم تأثر الأطفال بشدة بكوفيد، على الرغم من أن الدراسات تسلط الضوء ببطء على اسباب اختلاف استجابات الأطفال للوباء عن تلك الحاصلة لدى البالغين. قال الدكتور أندرو فريدمان، الأكاديمي في الأمراض المعدية في كلية الطب بجامعة كارديف في المملكة المتحدة، للشبكة، “تم اقتراح عدد من النظريات، بما في ذلك استجابة مناعية فطرية أكثر فعالية، وخطر أقل للتفاعل المناعي المفرط كما يحدث لدى الإصابة بكوفيد الحاد، كما وعدد أقل من حالات الاعتلال المشترك الكامنة وربما عدد أقل من مستقبلات ACE-2 في ظهارة الجهاز التنفسي العلوي، وهي المستقبل الذي يرتبط به فيروس كورونا SARS-CoV-2″، مضيفًا أنه بالرغم من ذلك لم تكن الظاهرة “مفهومة تمامًا”. وأشار إلى أنه ستكون هناك حاجة إلى مزيد من البحث قبل أن نحصل على إجابة نهائية، ولكن ظهرت بالفعل مجموعة من الأدلة تظهر أن كوفيد يشكل خطرًا أقل بكثير على الأطفال، والسبب وراء ذلك”.

استجابة مناعية سريعة
ورأت الشبكة أنه “من المفهوم على نطاق واسع أن الخطر الذي يتعرض له البالغون جراء إصابتهم بكوفيد يرتفع مع تقدم العمر حيث تصبح أجهزتنا المناعية أبطأ في الاستجابة للعدوى وأقل فاعلية في مكافحتها. وتقول مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، على وجه الخصوص، إن الخطر يزداد بالنسبة للأشخاص في الخمسينيات من العمر ويزداد مرة أخرى لمن هم في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات من العمر، حيث من المرجح أن يمرض الأشخاص الذين يبلغون من العمر 85 عامًا أو أكثر. يمكن أن تؤدي الإصابة ببعض الحالات الطبية الأساسية إلى زيادة احتمالية إصابة البالغين بمرض شديد. كانت هناك العديد من الدراسات الحديثة التي تبحث في الفرق بين الاستجابة المناعية للبالغين، والاستجابة المناعية للأطفال، وقد وجدت هذه الدراسات اختلافات أساسية بين الاثنين مع استجابة مناعية أكثر قوة و “فطرية”. وجد البحث الذي أجراه معهد ويلكوم سانجر وجامعة كوليدج لندن، ونُشر في مجلة نيتشر في كانون الأول، استجابة مناعية “فطرية” أقوى في الشعب الهوائية للأطفال، تتميز بالانتشار السريع للإنترفيرون – التي يتم إطلاقها في وجود تهديدات فيروسية أو بكتيرية وتساعد على تقييد تكاثر الفيروس في وقت مبكر”.
وأضافت الشبكة، “في غضون ذلك، لاحظ الباحثون أن لدى البالغين استجابة مناعية أقل سرعة مما يعني أن الفيروس “كان أكثر قدرة على غزو أجزاء أخرى من الجسم حيث يصعب السيطرة على العدوى”. قالت كريستين موندي، رئيسة قسم الأمراض المعدية في كلية ديل الطبية بجامعة تكساس، للشبكة إنه “من بين العديد من الفرضيات المتداولة حاليًا في الأدبيات، فإن أفضل دليل حتى الآن يدعم الفرضية والنتائج القائلة بأن الأطفال لديهم استجابة مناعية فطرية أقوى مقارنة بالبالغين، لا سيما في الأنسجة المخاطية للأنف حيث يمكن للخلايا المناعية أن تتحكم بسرعة أكبر في الفيروس والقضاء عليه”. وأضافت، “ومع ذلك، نعلم أيضًا أن الأطفال هم أكثر عرضة من البالغين للإصابة بمتلازمة الالتهاب متعدد الأجهزة، وهي استجابة مناعية مفرطة النشاط لكوفيد-19، مما يؤدي عادةً إلى التهاب مفرط في أعضاء أخرى غير الرئة (عادةً القلب / الدورة الدموية والجهاز الهضمي)”.
التعرض للفيروسات
وبحسب الشبكة، “هناك ميزة أخرى يتمتع بها الأطفال وهي تعرضهم بشكل أكبر للفيروسات، لا سيما خلال فترة الفصل الدراسي عندما تكون الفيروسات قادرة على الانتشار بسهولة بين الأطفال في المدرسة. أكثر الفيروسات التي يصاب بها الأطفال شيوعًا هي نزلات البرد الحميدة، وعادة ما تسببها عدة أنواع من الفيروسات بما في ذلك فيروسات الأنف (السبب الأكثر شيوعًا لنزلات البرد) وكذلك فيروسات الجهاز التنفسي المخلوي (RSV) وفيروسات كورونا. أوضح رالف رينجيس، أستاذ علم الأوبئة في جامعة هامبورغ للعلوم التطبيقية، للشبكة أن أجهزة المناعة لدى الأطفال لها عدد من المزايا عندما يتعلق الأمر بمكافحة العدوى. وأضاف أنه عندما يواجه جهاز المناعة عند الأطفال كوفيد-19، بعد أن تدرب على مكافحة العدوى المختلفة وفيروسات كورونا، يصبح لديهم استجابة مناعية أقوى بكثير من البالغين الذين يميلون إلى الإصابة بهذه الأنواع من العدوى”.