عندما بدأ لبنان يتخبّط إقتصادياً وإجتماعياً، ظهرت أزمات عدّة أخرى ولا سيما منها الصحية، مع انتشار فيروس كورونا الذي فتك باللبنانيين وفاقم أوضاعهم الصعبة نتيجة الأزمة الاقتصادية وإنهيار الليرة مقابل الدولار، فارتفعت كلفة الاستشفاء ولم يعد المواطن قادراً على دفعها بعدما أصبح نصفها بالليرة ونصفها الآخر بالدولار، وبات قدره الموت على أبواب المستشفيات.
هذا الارتفاع الحاد كانت حجته غلاء أسعار المحروقات وعدم توافر الكهرباء، ما يدفع بالمستشفيات إلى الاعتماد على المولدات التي تعمل أكثر من نصف النهار لتغطية غياب الكهرباء وتحتاج إلى كميات كبيرة من المازوت.
الدولة غائبة والعلاج أصبح تجارة بيد أصحاب المستشفيات، والأطباء رهينة ذلك. فالطبيب اليوم يتعرّض للعنف والهجوم الجسدي والنفسي والشتائم، ولا يتلقّى أجراً يساوي تعبه حتى. وبعد معركة طويلة خاضها الأطباء الذين لقبوا بالجنود في وجه كورونا، لم يتم تعويضهم، وهذا سبب كافٍ دفع الكادر الطبي إلى الهجرة، حتى بات لبنان يعاني نقصاً حاداً في طواقمه.
ليست الكلفة وحدها القاسية على المواطنين، فهناك مشكلة إنقطاع المستلزمات الطبية وأكياس الدم والدواء، أضف إلى ذلك مشكلة الضمان الاجتماعي، الذي لا يزال يسدد المستحقات على الأسعار القديمة بينما أسعار الأدوية مرتفعة ووزارة الصحة عاجزة عن تأمين التغطية.
ومن ناحية كورونا، كان للأزمة المالية والاقتصادية التأثير الكبير على الوضع الصحي، اضافة الى الإشغال الكبير للأسرّة وعدم وجود شواغر، وتراجع دور أقسام المستشفيات نتيجة صب جميع الجهود في قسم كورونا.
وهي ليست المرّة الأولى التي تدخل فيها المستشفيات دائرة الخطر، فقد شهدنا بعضها الذي أقفل أقسامه، والبعض الآخر أعلن موظفوه إضراباً مفتوحاً، وهناك أخرى توقفت عن إستقبال المرضى، وبات القطاع الصحي وتحديداً الاستشفائي منه مهدداً تماماً.
هارون: الواقع الصحي مأساوي
وفي السياق، جدد نقيب أصحاب المستشفيات سليمان هارون تحذيره من أنّ “الواقع الصحي في البلاد صعب جداً ومأساوي، إذ أنّ بعض المرضى عاجز عن تأمين الأدوية، ويواجه صعوبة في سداد المستحقات”.
وكشف عن “اتصالات دولية مع الجهات المانحة في محاولة لتأمين استمرار المستشفيات، علهم يؤمنون على الأقل مادة المازوت التي أصبحت تكلفتها أكبر من تكلفة الأجور”.
وفي اجتماع طارئ برئاسة هارون، عرض مجلس إدارة نقابة أصحاب المستشفيات الواقع المزري الذي وصلت إليه المستشفيات، معتبراً أنّ “وضع الأمن الصحي في دائرة الخطر الكبير لا سيما مع توالي مسلسل إقفال المستشفيات بشكل نهائي بعد إقفال بعض الأقسام فيها، على الرغم من التحذيرات التي أطلقتها النقابة منذ أشهر منبهة على الوصول إليه، في ضوء عدم معالجة الأمور بشكل فاعل”.
وأضاف في بيان: “مع تضييق الخناق المالي على المستشفيات من قبل المصارف واستمرار فرض القيود على حساباتها المالية وسحوباتها النقدية بشكل غير قانوني، والأغرب حجز رواتب موظفيها في المصارف مقابل شروط تعجيزية، قرر المجتمعون وفي حال لم تسفر الاتصالات خلال هذا الأسبوع عن حلول ايجابية، اتخاذ خطوات تصعيدية حاولت النقابة مراراً عدم اللجوء اليها رحمة بالمرضى”.