رمضان في بيروت… عادات تغيب وغلاء يبدد الفرحة

8 أبريل 2022آخر تحديث :
رمضان في بيروت… عادات تغيب وغلاء يبدد الفرحة
جنى غلاييني

يبدو أن شهر رمضان هذه السنة لن يمر بسهولة ويسر على الصائمين في ظل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المتواصلة، وتداخل الأسباب الخارجية والداخلية التي تحد من فرحتهم بهذا الشهر المبارك.

في العاصمة بيروت، مركز الاحتكارات في الأسعار والغلاء الفاحش لمختلف أنواع السلع والمواد الغذائية، يحرم المسلمون القاطنون فيها من التبضع كما يشتهون وشراء ما يلزمهم لهذا الشهر، ما يشعرهم بعدم الأمان والقلق من تبخر الراتب في أوائل أيام رمضان، لأن رواتب اللبنانيين أصبحت في علاقة عكسية مع الأسعار، الأمر الذي يجعل المسلمين في حيرة من كيفية التحضير لهذا الشهر من دون الشعور بالضّيق.

ومن المعروف أنّ المائدة الرمضانية هذه السنة ستفتقد في بعض العائلات البيروتية الفقيرة اللحم والدجاج، إذ أصبح سعر كيلوغرام اللحم يساوي 250 ألف ليرة وكيلوغرام الدجاج يتراوح بين 90 و110 آلاف ليرة، ما يعني أنّ الوجبة الرئيسية اليومية لعائلة من خمسة أفراد قد تصل تكلفتها الى ما بين 300 أو 400 ألف ليرة حسب مكوناتها. فما بالكم بالخضار التي كانت تعد شبه مجانية وأصبحت أسعارها بفعل التداعيات الاقتصادية غير مسبوقة حتى وصل سعر الخسة الى 15 ألف ليرة، وكيلوغرام البندورة 25 ألف ليرة، وكيلوغرام الخيار 30 ألف ليرة، وكيلوغرام البطاطا 15 ألف ليرة…؟.

وفي أحد أحياء بيروت، تشكو سميرة من الأوضاع الحالية ومن عدم قدرتها على شراء ما يلزم في شهر رمضان.

وتقول: “لم أستطع شراء التموين اللازم من المواد الغذائية، لدي العديد من النواقص، ولم أصرف الكثير من المال حتى لا أجد نفسي مفلسة في رمضان.

ولأنّ عائلتي تتألف من 5 أفراد ولا أحد يعمل غيري فلن أستطيع أن أُكثر من تحضير الطعام هذه السنة وسأتخلّى عن طبق الفتوش والمقبلات وسأحصر وجبة الإفطار بالشوربة وطبخة واحدة، إضافة الى التخلي عن دعوة أحد الى الإفطار والزيارات التي تتطلب شراء الحلويات وغيرها”.

فيما يؤكد محمد المعيل لأمه وأخواته، أنّ راتبه لن يكفيه لكل أيام شهر رمضان، “فأنا أتقاضى 5 ملايين ليرة وسأعطي والدتي المصروف كل يوم بيومه، وسنحاول أن نكون مقتصدين قدر المستطاع، وشددت على والدتي أن تخفّف من الأطعمة وأن يقتصر الافطار على طبخة رئيسية واحدة وليس من الضروري أن يكون فيها لحم أو دجاج، حتى يكفيني ما يبقى من راتبي لتعبئة بنزين للدراجة النارية خاصتي. كما أنّني أحاول وضع اسمي في المساعدات الخيرية لكي أحصل على الإعاشات أو المساعدات المالية أو حتى وجبات الافطار الجاهزة لي ولعائلتي”.

أمّا أم يحيى التي كانت تتجوّل في سوق الخضار فترى أن الأسعار لم تعد تناسب جيبتها، وتقول: “منذ الصباح وأنا أتنقل من محل الى آخر ومن بسطة الى غيرها كي أجد الأرخص سعراً، حتى اذا تطلب الأمر المجادلة مع البائع، ولكنني أعرف أن وضعي مشابه لوضعه وكلنا بالهوا سوا، ورمضان سيمر علينا بصعوبة ما دفعني الى الطلب من صاحب الميني ماركت المجاور لمنزلي أن يفتح لي حساب ديْن في حال أفلست خلال الشهر على أن أسدّد له ما بذمتي فور انتهاء شهر رمضان حين يتقاضى زوجي راتبه”.

وتضيف: “تخليت عن الكثير من الأمور التي اعتدت أن أقوم بها في رمضان، لأن الوضع لا يسمح، وبما أنّنا عائلة مؤلفة من 7 أفراد فقد استدعى الأمر أن اسجل أسماءهم في الجمعيات الخيرية التي تقدّم وجبات الافطار كل يوم، والله بيفرجها”.

في المقابل، تؤكد الشابة سارة التي تعتبر ميسورة الحال أنها ستمتنع عن قبول الزيارات والدعوات في رمضان، وتقول: “اعتدنا في لبنان حين نلبي دعوة إفطار أن نأخذ معنا أشهى وألذ أنواع الحلويات العربية ومختلف أنواع العصائر، ولكن هذه السنة وبما أنّ الحلويات أصبح سعرها غالياً جدّاً وتبدأ بـ150 ألفاً وما فوق، فأرى أنّ من المناسب تخصيص هذه الأموال للصائمين المحتاجين في مدينة بيروت وضواحيها وتأمين وجبات إفطار لهم وشراء الخبز وغيره.

انها أيام عصيبة تمر على اللبنانيين لكنّها ستمضي وأدعو الله أن يكون رمضان شهر خير وبركة وطمأنينة على كل المسلمين”.

المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع “بيروت نيوز” بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و”الموقع” غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك.