ما علاقة الوزن بتفكيرنا؟

13 مايو 2022
ما علاقة الوزن بتفكيرنا؟


كثيرون منا حاولوا توجيه اهتماماتهم خلال فترة تفشي جائحة كوفيد-19، نحو هوايات جديدة، فركز بعضنا على صحته، في حين عمد آخرون إلى تخفيف توترهم بسبب ما يحصل حول العالم والمصير المجهول، من خلال التركيز على الطعام. 

وذكرت أبحاث بأن عدد الأشخاص الذين أفرطوا في تناول الطعام بسبب التوتر والقلق ارتفع خلال فترة الجائحة، ومع إجراءات الإغلاق وفرض حظر التجول في بعض الدول، ارتفعت معدلات الوزن الزائد والمفرط.  ويروي الكاتب، سام أندرسون، في مقال في صحيفة “نيويورك تايمز” تجربته مع الوزن الذي كسبه خلال الجائحة، مؤكدا أن إنقاص الوزن واعتباره معيارا يدل على صحة الإنسان النفسية أو صورته لنفسه ليس أمرا مثبتا. 

يقول إنه لم يستوعب مدى الوزن الذي كسبه إلا عندما توجه في رحلة إلى أحد شواطئ الولايات المتحدة، واكتشف أن لباس السباحة الخاص به لم يعد خيارا متاحا، وعندما ذهب لشراء ملابس أخرى نصحه أحد العاملين في محل الثياب باستخدام تطبيق لإنقاص الوزن. ويضيف أنه بدأ في استخدام التطبيق. يقول “شعرتُ بالسخافة حيال ذلك، لذا في البداية لم أخبر أحدا. نعم، لقد وجدت أنه من المهين أن أعاني من زيادة الوزن، لكنني اكتشفت أنه من المهين القلق بشأن زيادة وزني. كنت أرغب في إنقاص وزني ولكني لم أرغب الاعتراف بأنني بصدد إنقاص وزني، حتى أمام نفسي”.وبعد تجربة التطبيق، تمكن الكاتب من إنقاص وزنه، وسط دهشة عائلته، وحتى زوجته، التي سألته إن كان يخفي عنها إصابته بالسرطان، وصل أندرسون لوزن مثالي، لكنه تساءل: “ماذا بعد ذلك؟” بعدها يغوص أندرسون في أعماق تساؤلات فلسفية، يطرح فيها علاقة الإنسان بجسده: “هل هو شريك في السكن؟ حيوان أليف؟ توأم؟ عضو في الفريق؟ منافس؟ طفيلي؟ وعاء لاحتواء النفس؟ هل الجسد أساسي للنفس؟ أم أنه مجرد قوقعة تغلفنا؟.. هل الجسد يعد وجها لعملة العقل؟ أم أنه العملة بأكملها؟”   

ويجيب “لا أعرف. لا أحد منا يعرف. هذه واحدة من الغرائب المزعجة لكونك إنسانا. من المستحيل أن تفكر باستخدام جسدك؛ يمكنك فقط أن تجسّد جسدك. ولذا فإننا نتجول مع هذا الشعور بالغربة، هذا التنافر الأساسي، ازدواجية تمتد حتى جذور الثقافة الغربية”. ويؤكد أنه “في ثقافتنا المهووسة بالأرقام، يميل الناس إلى استخدام ‘الوزن’ كاختصار تشخيصي للعلاقة المزعجة بين العقل والجسم. إنه بمثابة نوع من أسعار الأسهم: رقم يشير، علنا، إلى الصحة العامة لمواقفنا الخاصة”.ثم ينتقل إلى وصف علاقته بالطعام، مشيرا إلى أنه منذ صغره كان موضوع الطعام مخصصا للمتعة، مشيرا إلى أن جده قال له مرة، بعد أن شرب كأسا من عصير التفاح: “لقد شربته للمتعة، وليس لفوائده الصحية”، ويقول: “أجل استمتعت بشربه، لماذا يجب أن يكون ذلك أمرا خارجا عن المألوف؟”. لكنه يقول إنه استمتع في طفولته بتناول وجبات زملائه، الذين كانوا يتسابقون في كشف عدد الكعكات الحقيقية التي يمكنه تناولها، ويعترف بأنه كان يحب الاهتمام الذي لاقاه من ذلك. ويستدرك “لكني لم أحب بدانتي”، مشيرا إلى أنه عندما كان في الصف السادس وقف خلال الاستحمام ناظرا إلى جسده ممسكا ببطنه مرددا: “هذا ليس أنا”. بعدها وفي الثانية عشر من عمره بدأ يلعب الرياضة وعندما بلغ المرحلة الثانوية وصل إلى “الوزن المطلوب”، وبدأ يردد قصة النجاح التي تتغنى بها تطبيقات إنقاص الوزن “تمكّنتُ من إرادتي، وأنقصتُ وزني”. ويضيف “لكن هل تمكنتُ من التغلب على وزني؟ ما تميل قصص الحمية الغذائية إلى إهماله هو أنه في أعقاب حصر الطعام، يعود الناس لاكتساب الوزن مرة أخرى. فقصة الحياة أطول بكثير من قصة حمية طعام”. ويقول: “سأظل سام السمين. سأظل أيضا الشخص الذي يشعر بالخجل من سام السمين. إن مشاعري تجاه جسدي تشكل وترا من العديد من النغمات، لا تبدو جميعها جيدة معا. أنا، وفي آن واحد، الشخص الذي يريد ابتلاع العالم والمسؤول عن منع نفسي من ابتلاع العالم. ربما يعني هذا أنني سأظل دائمًا غير راض، بطريقة ما، حتى اللحظة التي ينتهي فيها كل شيء. وسيتعين علي أن أتعلم كيف أكون راضيا عن هذا”.وينهي مقاله: “لكن وفي ما يخص الوقت الحاضر، سأستيقظ من النوم وأحاول توجيه سام السمين بعدد من الحدود، سأحضر طبقا من الزبادي مع العنب الأخضر وعشر حبات من اللوز، سيأكله (سام السمين) بشراهة وبفرحة لا توصف. وسويا سنفكر أنا وسام بهذا الزبادي لبقية اليوم، وسنغط في النوم ونحن نفكر به، متحمّسَيْن للعودة إلى المطبخ وتناوله مجددا”.