هل من علاقة بين جدري القرود والمثلية الجنسية؟

24 مايو 2022


لم تكد الكرة الأرضية ترتاح من الرعب الذي نشره فيروس كورونا في أرجاء العالم، حتى ظهر شبح جديد يدعى “جدري القرود”.وفي بداية انتشار فيروس كورونا ألقَى العالم اللوم على الصين “بؤرة الفيروس”، وانتشر رهاب الآسيويين في كثير من البلدان، أما مع بداية انتشار جدري القرود تتوجه أصابع الاتهام نحو المثليين جنسياً؛ إذ يعتقد البعض أنهم السبب في انتشار هذا المرض، بينما يعتقد آخرون أنه لا ينتشر سوى في أوساط المثليين، فما هي صحة تلك الاعتقادات؟

ما علاقة جدري القرود بالمثلية الجنسية؟
منذ بداية انتشار المرض توجهت الأنظار إلى المثليين جنسياً، وركز مسؤولو الصحة على دراسة الحالات المنتشرة بين المثليين. وكان ذلك لعدة أسباب:1. حالات متعددة بين المثليين جنسياًلعل السبب الرئيس الذي دفع الخبراء إلى الربط ما بين جدري القرود والمثلية الجنسية هو انتشار هذا المرض بشكل كبير بين المثليين جنسياً، فقد تم رصد نسبة ملحوظة من الحالات الحديثة في المملكة المتحدة وأوروبا في أوساط الرجال المثليين وثنائيي الجنس، وفقاً لما ورد في موقع Daily Mail.

حتى إن بريطانيا قد بدأت باتخاذ الإجراءات للحد من انتشار المرض، وذلك عبر إعطاء لقاح جدري القرود للمثليين.ووفقاً لوكالة رويترز، فقد كشفت السلطات في إسبانيا أن معظم حالات الإصابة بجدري القرود كانت مرتبطة بحمام “ساونا” يرتاده مثليو الجنس.2. طريقة انتشار المرضووفقاً لخبير الأمراض المعدية في كلية لندن للصحة والطب، البروفيسور جيمي ويتوورث، لا نزال بحاجة ماسة لمعرفة ما إذا كان هذا النوع من جدري القرود ينتشر “بطريقة جديدة”.فعادة ما ينتشر جدري القرود من شخص لآخر من خلال الاتصال الوثيق للغاية؛ إذ يمكن التقاط الفيروس من فوق الأسطح أو الفُرُش أو الملابس أو إفرازات الجهاز التنفسي، ولكن من السهل بشكل خاص انتقال الفيروس عن طريق ملامسة الجلد للجلد.أما عن سبب التركيز على الرجال المثليين جنسياً، فقد قال ويتوورث: “يمكنك أن تتخيل أن المرض من الممكن أن ينتقل إلى امرأة تعيش في المنزل نفسه مع شخص مصاب، لكننا لم نر ذلك حتى الآن”. وأضاف: “هذا ما يجعلنا نشك قليلاً في أن عدوى جدري القرود من الممكن أن تنتقل عبر التواصل الجنسي، لكننا بحاجة إلى المزيد من الدراسة لاكتشاف ذلك”.

أما عالمة الأوبئة في المركز الأمريكي لمكافحة الأمراض والوقاية منها، أندريا ماكولوم، فقد حققت لسنوات في تفشي مرض جدري القرود في 4 بلدان إفريقية مختلفة، وقالت حول تفشي المرض بين المثليين لموقع Insider: “على الرغم من وجود الكثير من الأسئلة في الوقت الحالي حول مجموعات معينة من الأشخاص الذين ينتشر بينهم المرض (تعني المثليين)، وعن كيفية انتشاره، إلا أنني أعتقد أن ما نشهده حالياً يتفق تماماً مع ما نعرفه عن الفيروس؛ فهو ينتشر عبر الاتصال الوثيق للغاية”.ويمكن أن يكون هذا الاتصال بلعاب شخص آخر أو دمه أو الجدري نفسه، فالطفح الجلدي الذي يصاب به الأشخاص المصابون بجدري القرود؛ مُعدٍ بشكل كبير.3. أماكن ظهور الطفح الجلديعدا عن ذلك، يميل الطفح الجلدي الناتج عن جدري القرود عادةً إلى الظهور على الوجه وراحتي اليدين وأسفل القدمين. لكن وفقاً للتقارير الحديثة حول الحالات المنتشرة في أوروبا، فإن الطفح منتشر في كثير من الحالات في الأعضاء التناسلية والفخذ والجلد حول فتحة الشرج، وقد يكون ذلك سبب آخر يدعو الخبراء إلى الربط بين المثلية الجنسية وجدري القرود. أطباء ينفون علاقة جدري القرود بالمثليين
تقول الدكتورة بوغوما تيتانجي لموقع Speaking of Medicine، إن رهاب المثلية هو ما أدى إلى تصنيف عدوى فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز) على أنه مرض مرتبط بالمثلية في ثمانينيات القرن الماضي، وهو أمر تبين للعلماء لاحقاً أنه عارٍ عن الصحة، وتضيف أن الأمر ذاته يحدث حالياً مع مرض جدري القرود.وتؤكد الطبيبة أن جدري القرود مرض حيواني المنشأ، ولا نزال بحاجة إلى مزيد من البحث والدراسة لنفهم طرق انتقال العدوى، ولا يزال من المبكر القول بأن هذا المرض ينتشر بسبب الاختلاط الجنسي بين الرجال، فرصد بضع حالات من جدري القرود بين أوساط المثليين جنسياً لا يعني بالضرورة أن نشاطهم الجنسي هو المسؤول عن انتشار جدري القرود.والدكتورة بوغوما لم تكن الوحيدة التي ربطت بين ما يحدث اليوم مع جدري القرود وبين ما حدث منذ 40 عاماً مع مرض الإيدز، فقد قال عدد من خبراء الصحة وعلماء الفيروسات إن التركيز على الرجال المثليين المصابين بجدري القرود يشبه إلى حد كبير التركيز على المثليين الذين أصيبوا بالإيدز في بدايات انتشاره، وأكدوا أن جدري القرود ليس مرضاً مرتبطاً بالمثلية الجنسية، كما أن الإيدز لم يكن مرضاً مرتبطاً بالمثلية كذلك.عدا عن هذا أكدت منظمة الصحة العالمية في بيان لها أن ” وصم مجموعات من الناس بسبب المرض أمر غير مقبول على الإطلاق”، وأضاف البيان أن ربط جدري القرود بالمثلية الجنسية ” يمكن أن يكون عائقاً أمام إنهاء تفشي المرض؛ لأنه قد يمنع الناس من التماس الرعاية الصحية”، وهذا ما حدث في الثمانينيات عندما تم ربط الإيدز بالمثلية الجنسية، فقد حاول المثليون المصابون آنذاك التخفي بدلاً من طلب العلاج، بسبب وصمة العار المجتمعية التي لحقت بهم لاتهامهم بنشر المرض.