احذروا الابيض الثالث!

30 يوليو 2022
جنى غلا ييني

من المتعارف عليه أنّ غالبية الناس تسير وفق مقولة “احذروا الأبيضين” أي السّكر والملح، ولكن من الضروري جداً الحذر من الأبيض الثالث أي الطحين، بحسب طبيب أمراض مختص بالقلب والشرايين، ويؤكد أن العالم أصبح يعاني من ارتفاع في معدلات السمنة منذ بدأت صناعة الخبز والمعجنات وتناولها بكثرة.

وفي ظل أزمة الخبز التي يعاني منها لبنان والطوابير التي تشهدها الأفران والمطاحن، لا بد من التساؤل عن أهمية الخبز المصنوع من الطحين الأبيض كوجبة غذائية أساسية، وماذا يمكن أن يحدث لجسم الانسان إذا توقف عن أكل الخبز لمدة طويلة؟ وهل الابتعاد عن تناول كل ما هو مصنوع من الطحين أمر صحي؟ وما عواقب ذلك؟

75٪ من الأطعمة المجهزة أو المصنعة التي نتناولها يومياً تحتوي على الطحين. ولا عجب أن محتواها العالي من الألياف وفيتامين A وB1 وB5 وC وE وK يجعلها طعاماً مثالياً. ومع ذلك، فإن معظم الطحين المستخدم يتم تكريره وعندها يصبح غذاءً ضاراً للجسم، بحيث يفقد جميع خصائصه.

ماذا يحدث لدى تناول كميات كبيرة من مصنوعات الطحين؟

يرتبط الاستهلاك المفرط للأطعمة المكررة بالأمراض والاضطرابات بما في ذلك الأمراض الخطيرة مثل السرطان. يمكن أن يتسبب الطحين المكرر بصورة أساسية بحدوث مشكلات من ارتفاع ضغط الدم وتكون الأغشية المخاطية والبلغم وحتى مرض السكري نتيجة للعملية التي تمر بها الحبوب، مما ينتج عنه مُركّب يسمى “الألوكسان” وهو ضار للغاية ومثير للفضول، وهذا المركب هو المادة الرئيسة في الخبز.

كما يحتوي طحين القمح على خاصية تسمى “جليادين” وهي المسؤولة عن نقل إشارة إلى الدماغ تحفز الشهية. ومن الجيد أن نتذكر أن الطحين المكرر المستخدم في الأطعمة يميل إلى احتوائه على مستويات عالية من السكر، وهذا التأثير يزيد من نسبة السكر في الدم وبالتالي يثير الشهية على الفور. والتوقف عن تناول الطحين ومشتقاته، يساعد على إنقاص الوزن بصورة ملحوظة وإبقائه تحت السيطرة.

ويحتوي الطحين أيضاً على عنصر يسمى “الليسيثين”، الذي يسبب التهاباً في بطانة الأمعاء ويخلق شقوقاً بين الخلايا. ويفقد الطحين المكرر أو المعالج ما يصل إلى 80٪ من الألياف الموجودة فيه، ومن دون هذا المكون ينتهي الأمر بالشخص الى تناول الكربوهيدرات سريعة التحرر، والتي تضر بالمعدة.

والتوقف عن تناول الطحين، يبقي الكوليسترول في الجسم عند مستويات منخفضة، وهذا التأثير مفيد للجسم لأنه يمنع الكثير من الأمراض ولاسيما النوبات القلبية والسكتات الدماغية. كما يجعل الجسم يحافظ بعناية على توازن الهيدروجيني الداخلي، وأي اضطراب يغيره يمكن أن تكون له عواقب خفيفة أو خطيرة. الرقم الهيدروجيني الطبيعي للجسم هو 7.4، ولكن ما علاقة ذلك بالطحين؟ تناوله يجبر الجسم عملياً على فقدان الكالسيوم من العظام للحفاظ على التوازن. ونتيجة لذلك، تزداد فرص المعاناة من هشاشة العظام، فتفقد كثافتها وتحدث الكسور في كثير من الأحيان.

يجب أن يختفي الطحين المكرر أو المعالج من نظامنا الغذائي، لأن عملية التكرير التي يخضع لها تقضي على غالبية الألياف والمعادن ما يشكل خطورة على الجسم. في المقابل، يحتفظ طحين القمح الكامل بجميع خصائصه التي تفيد الهضم والتمثيل الغذائي.

وعن تهافت الناس على شراء الخبز والوقوف في طوابير أمام الأفران، تقول أخصائية التغذية نبيلة الميس لـ”لبنان الكبير”: “الخبز يعد من الوجبات الأساسية التي يجب أن يتناولها الانسان لأنه من النشويات، ويجب أن يتناول الفرد منها يومياً كمية تتراوح ما بين 50 الى 65 بالمئة، وليس بالضرورة أن تكون من الخبز، الذي يمكن أن نستعيض عنه بالكعك مثلاً. أمّا اللحمة والدجاج فلا تحتوي على نشويات ولا يمكن استبدالهما بالخبز”.

وعن الاعتقاد السائد بأنّ الخبز يشعر بالشبع أكثر من غيره، توضح الميس أنّ ذلك عائد الى “عدم اطّلاع الناس على أنواع النشويات التي يمكن أن تتناولها وتشعرها بالشبع، فرغيف الشوفان يعادل رغيف الخبز العادي ويمكنه أن يشبع وأكثر لاحتوائه على ألياف اضافية تشعرنا بالشبع بطريقة أسرع من تناول الخبز العادي، لكن الناس تعتقد أنّ الشوفان يحتوي على سعرات حرارية أقل وهذه معلومة خاطئة، ما يجعل الخبز أمراً أساسياً في حياتها”.