كتب غسان ريفي في “سفير الشمال”: كشفت المفاوضات الجارية بشأن تشكيل الحكومة عورات سياسية كثيرة ضمن الفريق الواحد المنتمي الى 8 آذار والذي يبدو انه بات عبارة عن بيت بمنازل كثيرة، يستخدمها كل طرف كمتراس في وجه الآخر، او يحولها الى جبهات لتبادل القصف السياسي.
كما كشفت المفاوضات انه لا يوجد ضمن هذا الفريق ضابط إيقاع او مرجعية تستطيع تقريب وجهات النظر بين المتخاصمين، حيث يظهر في هذا المجال غياب لافت لحزب الله الذي اما انه ينأى بنفسه مرحليا للانتهاء من مواجهة تداعيات مقتل قاسم سليماني، او انه محرج بين الحلفاء وخصوصا الحليفين المسيحيين الأقرب اليه التيار الوطني الحر والمردة، او انه عاجز عن مواجهة الخلاقات على الحصص الحكومية التي بدأت ترخي بثقلها على ما يُعرف بمحور المقاومة وعلى الرئيس المكلف حسان دياب الضائع بين المطالب والعاجز عن إيجاد حل يساهم في أن تبصر حكومته النور، ما يعكس حضوره الضعيف في ظل عدم وجود رافعة سياسية داعمة له، وغياب الغطاء السني عنه سياسيا ودينيا وشعبيا.
لا شك في أن المفاوضات تجاوزت حسان دياب، وهو بدأ يتحول شيئا فشيئا الى شاهد زور على حكومة لا يمتلك فيها شيئا، حتى العدد الذي يصر عليه (18 وزيرا) سيضطر عاجلا أم آجلا للتخلي عنه إرضاء للتيارات السياسية التي تريد توسيع الحكومة الى 20 مقعدا أو 24 لتأمين تمثيل التيارات السياسية والأحزاب، في حين أن دياب كان وعد بحكومة من الاختصاصيين المستقلين التي باتت في خبر كان، وهو ما يترجم حراك الشارع الغاضب الذي بات يضع إسقاط دياب في سلم أولوياته بعدما أظهر عدم قدرة على الالتزام بكل الوعود التي أطلقها في مرحلة الاستشارات.
حتى الآن ما تزال المراوحة القاتلة سيدة الموقف بفعل الصراعات الحاصلة على الحصص الوزارية التي قد تدفع كثيرا من الاطراف الى عدم المشاركة في الحكومة، باستثناء التيار الوطني الحر المرتاح على وضعه كونه حاصل على الثلث المعطل وأكثر، الأمر الذي يعطل عملية التأليف، ويُغضب التيارات السياسية الأخرى وخصوصا المردة الذي لم يصل الغداء الذي جمع رئيسه سليمان فرنجية مع الخليلين في دارة الرئيس المكلف الى أي نتيجة إيجابية.
تقول المعلومات: إن سليمان فرنجية كان أبلغ الخليلين وغيرهما، أنه “لا يمكن أن يدخل حكومة يمتلك فيها جبران باسيل الثلث المعطل، وأن قبوله بهذا الأمر من شأنه أن ينعكس سلبا عليه ضمن بيئته وأنصاره”..
وهو كرر كلامه على مسمع دياب خلال الغداء، مطالبا إياه (بحسب المعلومات) بحقيبتين وزاريتين لماروني يتولى وزارة الأشغال، ولأرثوذكسي يتولى حقيبة العمل أو البيئة، مشددا على أن دون ذلك فإنه لن يشارك في الحكومة.
وتضيف المعلومات: إن فرنجية سينتظر جوابا من الرئيس المكلف حتى صباح اليوم فإما أن يمضي في مؤتمره الصحافي ويصعّد، أو يؤجل مجددا ويهادن.
لكن الأمر لا يقتصر على فرنجية وحده، بل هناك العديد من العراقيل التي تتمثل بسعي النائب طلال أرسلان الى تحسين التمثيل الدرزي باعطاء وزيره حقيبتين، وإصرار الحزب السوري القومي الاجتماعي على تسمية النقيبة أمل حداد نائبة لرئيس مجلس الوزراء، ومطالبة الطائفة الكاثوليكية بوزير ثان، فضلا عن الفيتو الذي يمكن أن يضعه الوزير جبران باسيل في حال لم يرق له تلبية بعض المطالب خصوصا إذا ما كان ذلك يهدف الى تقليص حصته التي يتمسك بها، ما يطرح سؤالا محوريا لجهة: لماذا يريد باسيل الثلث المعطل في حكومة من لون واحد تضم حلفاءه؟، هل من أجل مصادرة قرارها؟، أم من أجل تعبيد الطريق من خلالها لتحقيق طموحاته الرئاسية؟..