كتبت صحيفة “الراي”: “حكومة اللون الواحد”، “حكومة المحور الواحد”، “حكومة حزب الله”، “حكومة حلفاء إيران”، “حكومة المُقنَّعين”، “حكومة الوكلاء والمستشارين”، “حكومة الأكثريتيٍن الشيعية والمسيحية”، “حكومة جميل السيّد”، حكومة “سنُسْقِطها”… لم يسبق لحكومةٍ جديدة في لبنان أن أبصرتٍ النور على وقع “رشْقها” بهذا الكمّ من النعوت والأوصاف والألقاب، وكأنها وُلدت وفي فمها… “قنبلة موقوتة”.
هذه “الصورة” التي حضرت بقوة أمس في مقارباتِ “شخصيات مخضرمة”، عكستْ واقع “أول مرة” الذي يعيشه لبنان على المستوى السياسي والمصرفي والنقدي والمالي والاقتصادي والمعيشي، بما يجعل البلاد في حالٍ غير مسبوقة من “انعدام الجاذبية”.
ولم “يعمّر” التقاطُ الأنفاس طويلاً في بيروت غداة صدور مراسيم تشكيل حكومة الرئيس حسان دياب “العشرينية” (تضم 6 وزيرات)، بعد 33 يوماً من تكليفه، إذ سرعان ما ارتسم “حقل الجمر” الذي تقف هذه الحكومة وسطه، خلْفها الأزمة المالية – الاقتصادية “العاتية” التي تُلاطِم وقائع داخلية وخارجية معقّدة، وأمامها الانتفاضة الشعبية “عالية الصوت” التي “استقبلتْها” بـ”لا مدوّية” في الشارع عكستْ قراراً بـ”عدم إعطائها فرصة” ووضعتْها في “سباقٍ” بين ثقة البرلمان التي ستعمل للحصول عليها وفق بيانها الوزاري الذي تبدأ بصوغه غداً وبين “ثقة الناس” التي سُحبتْ منها حتى قبل أن تولد.
وفيما عقدتْ الحكومةُ أول اجتماعِ لها في القصر الجمهوري برئاسة الرئيس ميشال عون بعد التقاط الصورة التذكارية بمشاركة رئيس البرلمان نبيه بري، برزتْ مقاربتان للتشكيلة التي أُفرج عنها:
– الأولى جاءت “على مقياس” ثورة 17 أكتوبر التي كانت حدّدت “بروفايل” الحكومة التي تريدها منذ أن سقطت الحكومة السابقة باستقالة رئيسها سعد الحريري (في 29 تشرين الأول الماضي) بحيث تضم “اختصاصيين مستقلين وتكون انتقالية تمهّد لانتخابات نيابية مبكرة”، وهو ما عاكستْه حكومة دياب التي جاءت باختصاصيين تَتَقاسمهم أحزاب “تكليف اللون الواحد” (التيار الوطني الحر وحزب الله وبري وحلفاؤهم) من ضمن محاصصةٍ فاقعة لم تنجح في “تمويهها” السير الذاتية للوزراء ولا التطوّر “التاريخي” الذي شكّله توزير ستّ نساء (إحداهنّ لا يتجاوز عمرها 36 عاماً)، وصفهنّ دياب بـ”الثلث الضامن”، واختيار إحداهنّ (زينة عكر عدرا) نائبة لرئيس الحكومة وأول وزيرة دفاع في المنطقة والعالم العربي.
ووفق “سلّم” معايير الانتفاضة هذا، جاءت الاعتراضات في الشارع منذ ليل الثلاثاء على الحكومة التي توعّد المحتجّون بإسقاطها وسط استعادتهم سلاح قطع الطريق الرئيسية في بيروت والشمال والبقاع، وهو ما تكرر أمس قبل تجمّع حاشد مساءً أمام مقر البرلمان الذي كان شهد أول من أمس مواجهات عنيفة مع عناصر الأمن التي دعّمتْ “خطوط الدفاع” ووسعت إجراءاتها في اتجاه السرايا الحكومية التي دخل إليها دياب بعد استقبالٍ بروتوكولي وسط معلومات عن أنه قد يستقرّ فيها (عوض منزله) لاعتبارات أمنية تتصل بصعوبات التنقل على وهج الشارع المنتفض.
-المقاربة الثانية سياسية، وتنطلق من التعاطي معها على أنها طوتْ، بإمساك “حزب الله” مع حلفائه بكل مفاصل المؤسسات الدستورية (الحكومة بعد الغالبية البرلمانية)، مرحلةً عمرها 15 عاماً كانت محكومة بمعادلة تقوم على إحداث قوى 14 آذار التوازن مع سلاح “حزب الله” و”وهجه» عبر “قوة الغالبية البرلمانية”.
ورأت أوساط واسعة الإطلاع عبر “الراي”، أن هذا المعطى يطرح تحدييْن: أولّهما داخلي لجهة أن “نصف لبنان” خارج الحكومة الحالية (الحريري وجنبلاط والقوات اللبنانية وحزب الكتائب)، ما يرسم علاماتِ استفهامٍ حول كيف ستتعاطى “المعارضة” مع الوقائع الجديدة والحكومة “الكاسرة للتوازنات”.
وإذا كان أول رد فعل على ولادتها من رئيس “القوات” سمير جعجع حَمَلَ إشارات اعتراضية على كون “غالبية الوزراء مرتبطين بالقوى السياسية التي أوصلت البلد إلى الوضع الراهن” واصفاً إياها بأنها “توليفة ويا محلا الحكومات السابقة”، فإن مناصري الحريري، الذي قد يتجه لمنْح الحكومة “فترة سماح”، يبْدون بدورهم أقرب إلى “الثورة” ويحضرون فيها وفق عناوينها ذات الصلة بالواقع المأزوم وتحميل الطبقة السياسية المسؤولية عنه.
لقراءة المقال كاملاً اضغط هنا.