كتب غسان ريفي في “سفير الشمال”: مع تشكيل حكومة حسان دياب ودخوله الى السرايا الكبيرة، تكون التسوية الرئاسية التي أوصلت العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية، مقابل أن يبقى سعد الحريري في سدة رئاسة الحكومة طيلة سنوات العهد قد دُفنت بعد إعلان وفاتها بشكل رسمي.
ربما يكون الحريري قد عضّ أصابعه ندما على الدخول بهذه التسوية التي كانت وبالا عليه، حيث أدت الى ضرب علاقته مع السعودية التي كانت ضد هذه التسوية، والى إهتزاز صورته كرئيس للحكومة يتعرض يوميا لمصادرة صلاحياته، والى تراجع شعبيته في الشارع السني، والى زعزعة هيكل تيار المستقبل الذي بات يحتاج الى إعادة بناء وفق أسس جديدة، وفوق كل ذلك خسر رئاسة الحكومة ليخرج بعد ثلاث سنوات من شد الحبال والصراعات غير المعلنة مع صهر العهد جبران باسيل ″من المولد بلا حمص″.
يدرك الحريري اليوم أنه في مأزق حقيقي، فالرئيس حسان دياب حل مكانه، وهو يستشرس لتثبيت نفسه في الحكم، وما إنتقاله للعيش مع عائلته في السراي الحكومي إلا نموذجا عن تمسكه بما وصل إليه، في حين أن الحريري مضطر لاعطاء حكومته فرصة إنطلاقا من المصلحة الوطنية في ذلك، وإن كانت البوادر بالنسبة إليه ولتيار المستقبل، ولسائر الحلفاء، غير مشجعة.
لا ينتهي الأمر عند هذا الحد، فالحريري يواجه تهمة تحريض الشارع على حكومة دياب وإثارة الشغب بهدف إسقاطها، وفي الوقت نفسه مطالب من الشارع السني بمواجهة حكومة اللون الواحد والتصدي لدياب الآتي من دون أي غطاء سني، كما يدرك الحريري أن عقارب الساعة في العلاقة مع جبران باسيل لن تعود الى الوراء، وأن الأمور بينهما ذاهبة نحو مزيد من التأزم، ما يجعل الشراكة في أي حكومة مقبلة مستحيلة، ويعني ذلك أن الحريري لن يترأس أي حكومة جديدة على مدار السنوات الثلاث المتبقية من عهد ميشال عون، إلا في حال إختياره من قبل التيارات السياسية الأخرى لتشكيل حكومة إختصاصيين، وهو أمر يرفضه باسيل المتمسك بقاعدة: “إما أنا والحريري داخل الحكومة أو أنا وإياه خارجها”.
يقول مقربون من “تيار المستقبل” لـ”سفير الشمال”: “اليوم تحرر الرئيس سعد الحريري من جبران باسيل وكان هذا الأمر من المفترض أن يحصل منذ سنتين عندما لمس الحريري بيده صعوبة التعاطي مع هذا الفريق السياسي وإستحالة إتمام أي إتفاق معه بسبب المنطق الطائفي الذي يتحكم به، فضلا عن طمعه غير المحدود بالسلطة والحكم، لذلك فإن أي شراكة جديدة مع التيار الوطني الحر لم تعد واردة في هذا العهد، بل إن الأجواء توحي بأننا ذاهبون الى صدام والى تبادل إتهامات من العيار الثقيل، خصوصا أن ما كان يحكى من الطرفين تلميحا قد أصبح تصريحا”.
ويضيف المقربون: إن الرئيس الحريري اليوم أمام تحد كبير، فهو من جهة سيكون في موقع المعارض للحكومة ضمن القواعد السياسية المتبعة، ومن جهة ثانية سيكون في موقع الخصم لجبران باسيل والتيار الوطني الحر والذي قد يقربه من شخصيات مسيحية أخرى قد يكون لديها نفس الطموح الرئاسي لباسيل، ومن جهة أخرى وهي الأهم مسؤوليته في وقف الانهيار اللاحق بتيار المستقبل الذي بدأ بعض الخصوم السياسيين يتحدث عن إمكانية إنتهائه سياسيا، حيث من المفترض أن يعمل على إزالة كل الشوائب التي تراكمت، ووعلى تركيز قواعده، وصولا الى نفضة حقيقية تساهم في رص صفوفه، والاسراع في تنظيم المؤتمر الثالث لإدخال دم جديد من خلاله الى كل المواقع الزرقاء بدءا من الأمانة العامة والمكتب السياسي، مرورا بالمنسقين وصولا الى سائر المناصب.