كل هذا فيما الشرق الأوسط يدخل لحظة تاريخية، وفيها يواجه لبنان 3 تحديات يعجز فيها عن قول كلمة “لا”، وهي:
1- النزاع الأميركي – الإيراني وانخراط لبنان فيه.
2- النزاع الدولي – الإقليمي على مخزونات الغاز والنفط في المتوسط.
3- تداعيات “صفقة القرن” سياسياً، ولكن أيضاً في ملف النازحين الفلسطينيين.
هنا يمكن العودة إلى نهايات حزيران الفائت، إلى ورشة البحرين الاقتصادية، التي كان يُراد منها تحضير الأموال لـ”صفقة القرن”، وكما أُعلِن آنذاك، تجهيز خطة اقتصادية قيمتها 50 مليار دولار للأراضي الفلسطينية والأردن ومصر ولبنان، يجري إطلاقها بالتوازي مع تطبيق الشقّ السياسي من الخطة.
وهذه المبالغ ستخصّص للتنمية في هذه الدول، وستكون حصة كل طرف خاضعة للمساومات. ووفقاً لمبدأ العرض والطلب، مَن سيحظى بالحجم الأكبر هو الأقوى اقتصادياً وسياسياً لأنه الأقدر على المناورة. وهنا يبدو لبنان في القعر، لأنه منهار ويحتاج إلى الدعم بشكل خانق.
خلال المؤتمر، ألمَح جاريد كوشنر، مستشار الرئيس دونالد ترامب المكلَّف “صفقة القرنط، إلى أنّ الخطة الأميركية قد تدعو إلى توطين دائم للاجئين الفلسطينيين في الأماكن التي يقيمون فيها، بدلاً من عودتهم إلى أراضٍ أصبحت الآن في إسرائيل.
وعندما سُئل عن إمكان أن توافق الدول العربية المضيفة للاجئين على بقائهم في صورة دائمة مقابل التمويل، قال إنّ هذا الملف سيبحث لاحقاً. وفي تقديره أنّ الشعب اللبناني سيودّ أن يرى حلاً عادلاً لقضية اللاجئين، الذين هم أيضاً سيريدون موقفاً يوفّر لهم الحقوق وعيش حياة أفضل.
واللافت أنّ ملف اللاجئين قد يُربَط بمسألة اليهود الذين نزحوا من دول شرق أوسطية في العام 1948 إلى إسرائيل، إذ قال كوشنر: “في البداية خرج 800 ألف لاجئ يهودي. وفي المقابل، هناك نحو 800 ألف لاجئ فلسطيني، والعالم العربي لم يستوعب الكثير منهم. وهذا الأمر يلتقي مع العرض الذي لطالما تقدَّم به رئيس حكومة تصريف الأعمال في إسرائيل بنيامين نتنياهو، والقاضي بتبادل ديموغرافي بين اللاجئين اليهود والفلسطينيين”.
إذاً، مع إعلان “صفقة القرن”، سيواجه لبنان تحديات حقيقية، وخصوصاً في ملفات الغاز والحدود البحرية والبرية مع إسرائيل وسوريا والتسوية السياسية والنازحين الذين تقدِّرهم “الأونروا” بأكثر من نصف مليون، فيما حصَرَهم تقرير دائرتَي الإحصاء اللبنانية والفلسطينية عام 2017، بـ174 ألفاً.
وهذا الاختلاف يعيد إلى الأذهان ما قالته في القدس المبعوثة الأميركية السابقة إلى الأمم المتحدة نيكي هيلي، في حزيران، ومفاده أنّ لدى واشنطن إحصاءها الخاص لعدد اللاجئين الفلسطينيين. وأنّ العدد الفعلي سرّي، ويعمل عدد من الأشخاص لرفع هذه السريّة.
لقد آن الأوان ليعرف الجميع أنّ “الفساد البلدي” شَكّل مصلحة أساسية لإضعاف لبنان في مواجهة التحديات الخارجية الخَطرة. وعلى المستفيدين من انهيار لبنان أن يشكروا طبقة الفاسدين على هذه الخدمة التاريخية، سواء أدّوها قصداً أو بغير قصدٍ منهم.