ولم يكن مفهوماً كيف استطاع الحريري المواءمة بين كون الموازنة هي من صنع حكومته السابقة وبين عدم تصويت كتلته الى جانبها، بل الأغرب انّ نواب “المستقبل” تَحدّوا رئيس الحكومة الجديدة حسان دياب بأن يتبنّى الموازنة التي لا ناقة له فيها ولا جمل، فلمّا فعل، تبرّأوا هم منها.
بَدا واضحاً انّ “المستقبل” ظهر خلال “الجلسة الهوليوودية” بمظهر صاحب السلوك المضطرب والمربك، ولعلّ مكمن الخلل الابرز في مقاربته هو انه حاول ان يربح كل شيء فخسر كل شيء. أراد أن يُرضي رئيس مجلس النواب نبيه بري ويُحرج دياب و”يمرّك” على “القوات اللبنانية” المتغيّبة، وأراد ان يحضر الجلسة ويقاطع دستوريتها، وان يُساير الموازنة ويسير في عكسها، فكانت النتيجة في نهاية المطاف كناية عن خطاب هجين، قوامه “من كل واد سياسي ودستوري… عصا”.
ومع ذلك، اعتمد الحريري الهجوم كأفضل وسيلة للدفاع عن خياره المركب في الجلسة، حيث أكد عبر “تويتر” انّ كتلة “المستقبل” لن تكون أداة للمقاطعة وتعطيل المؤسسات، مشدداً على أنه لن يحيد عن مدرسة رفيق الحريري “مهما تكاثرت من حولنا أبواق المزايدين”.
صحيح أنّ الحريري تجنّب تسمية من كان يقصد بهذا الرد، لكن من غير الصعب الإستنتاج أنّ “القوات” هي على الأرجح الجهة أو إحدى الجهات المعنية به، وفق تفسير بعض القريبين من معراب.
ولم يكن ينقص سوى التباين بين “المستقبل” و”القوات” حول مقاربة جلسة الموازنة لتكريس افتراقهما الذي كان قد اتّسَع مع رفض رئيس “القوات” سمير جعجع تسمية الحريري لرئاسة الحكومة، الأمر الذي دفع رئيس “المستقبل” الى العزوف عن مواصلة السباق الى السراي الحكومي.
وتلفت الاوساط المسيحية الداعمة لسياسات معراب الى انّ الحريري “يجب ان يتقبّل حق كل طرف وحريته في اتخاذ القرار المناسب عند غياب التنسيق المسبق، على نحو ما حصل بالنسبة الى جلسة الموازنة، وقبلها استحقاقات أخرى”.