سيرة حسان دياب والجامعة الأميركية: المال والضغينة

فشل في الحصول على رتبة أكاديمية تعطي الأستاذ عقداً مدى الحياة

29 يناير 2020
سيرة حسان دياب والجامعة الأميركية: المال والضغينة

في الأيام الأولى لتسمية حسان دياب كمكلف بتشكيل الحكومة، تعمدت أوساط إعلامية وسياسية “ممانعة” نشر شائعة مفادها أن الجامعة الأميركية في بيروت هي التي رشحته. بل وتم تلفيق أخبار من نوع أن رئيسي الجامعة الأميركية واليسوعية قدما في اجتماعهما الشهير مع الرئيس عون، ببداية الثورة (28 تشرين الأول 2019)، لائحة أسماء لتولي رئاسة الحكومة وبعض الوزارات، من بينها حسان دياب.

ظنون وادعاءات
وكان هذا النوع من الأخبار يهدف إلى منح تسمية دياب أبعاداً ثقافية وسياسية، من نوع أنه يمثل خيار الصفوة الأكاديمية التي انحازت للثورة، وأنه يمثل أيضاً خياراً أميركياً يرضي حزب الله في الوقت نفسه. فهكذا أخبار أسبغت على دياب سمات “التكنوقراطي” و”المستقل” و”الخبير” البعيد عن أهل السلطة ومفاسدها، والمجتهد علماً وعملاً.

بالطبع، كان دياب نفسه يستحسن هذه الادعاءات، ولو على سبيل التهويم، أي أنه يمثل “تلاقي إرادات” دبلوماسية وأكاديمية وحزبية وسياسية.. بل ويظن أنه يمثل ما قاله البيان المشترك لفضلو خوري (“الأميركية”) وسليم دكاش (“اليسوعية”) الشهير تأييداً للثورة: “الروح الجديدة التي تحثّ اللبنانيين إلى الوحدة وإلى التلاقي والعمل معًا من أجل دولة مدنيّة”.

المفارقة الأولى هنا، أن الجامعة الأميركية سارعت إلى نفي أي من تلك الأخبار كما لو أنها تبتعد عن تهمة غير لائقة. كما تمنعت الجامعة إياها عن إصدار أي بيان “تهنئة” لرئيس الحكومة العتيد. والأهم من ذلك أن كل الأساتذة والعمداء الذين عُرض عليهم مناصب وزارية رفضوا رفضاً قاطعاً مشاركة دياب حكومته. وحتى عميد كلية الصحة العامة، الدكتور إيمان نويهض، وهو “قومي سوري” رفض أن يكون الوزير الدرزي الثاني في الحكومة.

الشكوى الدائمة
وتروي وقائع كثيرة سوء علاقة “الرئيس” بأوساط الجامعة الأميركية وإدارتها. فقد كان له فيها “حليف” واحد هو عميد كلية الطب محمد صايغ. والأخير قدم استقالته منذ فترة واشترى صفحة إعلانية كاملة في جريدة ممانعة لينشر فيها بياناً تهجمياً على الجامعة ويتهمها بالصهيونية. ومن المعروف أن صايغ وقع عقد شراكة بين “المركز الطبي” (مستشفى الجامعة) ومستشفى عبدالله برّي، نجل الرئيس نبيه بري، الذي يشيده في منطقة حونين.

وكان دياب دائم الشكوى مستعيناً بالصايغ للضغط على إدارة الجامعة من أجل نيل زيادة على راتبه. وهو حتى أثناء توليه وزارة التربية، كان شديد الاستياء من الجامعة، كونها جمّدت راتبه، بقناعة أن بقاءه على جدول الرواتب يشكل تضارباً بالمصالح، كونه وزيراً للتربية، أي هو مشرف حسب القانون على الجامعة نفسها. وبقي هذا الاستياء عند دياب ولم يتجاوزه. ولا يزال يعاتب الجامعة حتى اليوم بلهجة المطالب بتعويضه ذلك.

200 ألف دولار
و”مأساة” دياب مع الراتب الجامعي، متصلة أيضاً بمأساة فشله في الحصول على الـtenure، وهي رتبة أكاديمية تعطي الأستاذ عقداً مدى الحياة حتى تقاعده. وهذا الفشل يعكس المستوى الأكاديمي غير المتميز له، بما يدعم الرواية القائلة أنه استطاع نيل وظيفة استاذ في الأميركية من خلال عمه، والد زوجته، رضوان المولوي.

في السياق “المالي” هذا، علمت “المدن” أن الرئيس دياب طلب في الأسابيع الماضية الاجتماع مع رئيس مجلس الأمناء فيليب خوري، والذي كان يزور لبنان ليترأس اجتماع المجلس. وكان غرض دياب من هذا الطلب لا من أجل نقاش مستقبل البلد، ولا للتفكير في دور الجامعة بمساعدة المجتمع اللبناني.. بل ليستحصل على مرتبات عقده بالكامل، قبل أن يتفرغ لرئاسة الحكومة. وعقد دياب يمتد لسبع سنوات، ينتهي عام 2025. بمعنى أنه يطالب بمستحقات العقد بالكامل، من دون أن يداوم في الجامعة. علماً أن راتبه السنوي هو 200 ألف دولار.

ومن أجل ذلك، يثابر دياب على الاتصال بمجلس الأمناء، في إلحاح بالغ لتحصيل مطلبه، خصوصاً بعدما أصبح رئيساً مكلفاً، إلى حد أن هناك قناعة لدى الجسم التعليمي والإداري في الجامعة أنه يريد الانتقام من الجامعة، وقد يسعى جدياً لاستغلال نفوذه السياسي المستجد لتقويض الإدارة الحالية، التي اتخذت موقفاً واضحاً مسانداً للثورة منذ اليوم الأول.

افتراض في غير محله
قد يتساءل واحدنا، لماذا شخص وصل إلى منصب رئاسة الحكومة، يظل متمسكاً بوظيفته الجامعية. لكن من كانت سماته كحسان دياب صاحب ألبوم الصور الشهير، لا غرابة أن يبدي هكذا سلوك. وعلى كل حال، وحسب قانون الجامعة، يحق لدياب أن يبقى ضمن الجسم التعليمي وأن يحصل على استيداع لمدة سنة قابلة للتجديد، كون منصبه – نظرياً- مؤقتاً، بخلاف منصب النيابة. وبالتالي ليس مجبراً على الاستقالة الفورية، كما هو الحال مع بعض النواب الذين شغلوا مناصب تعليمية، كالنائب السابق فريد الياس الخازن، أو النائبة ديما جمالي.

وإذا كان حسن اللباقة والرفعة يفترضان أن يقدم “الرئيس” حسان دياب استقالته من التعليم في الجامعة الأميركية، فإن هذا الافتراض في غير محله ربما مع من يطالب أصلاً بدفع كامل مرتبات عقده الممتد حتى نهاية العام 2025.

وعلى هذا المنوال، يروي بعض أساتذة الجامعة الأميركية عن “زميلهم” حسان دياب، حين كان يتولى منصب نائب رئيس الجامعة، تخطيه للياقة المهنية، حين كان يقوم بالاتصال بأساتذة أبنائه طالباً منحهم العلامات العالية.

فحبه لـ”النجاح” (حباً جمّاً) لا يوقفه اعتبار أو حياء.

 

المصدر المدن