الحكومة تسير في حقل ألغام… البيان الوزاري على نار هادئة والعقدة في بند المقاومة

30 يناير 2020
الحكومة تسير في حقل ألغام… البيان الوزاري على نار هادئة والعقدة في بند المقاومة

بات من الواضح أن حكومة الرئيس حسان دياب، تسير في حقل ألغام، وتسير بخطوات بالغة الحذر خوفاً من أي انفجار غير متوقع، سواء على الساحة الاقتصادية، أو على الساحة الاقليمية.

ولعل الاجتماعات الاقتصادية الماراتونية التي عقدت أمس في السرايا الحكومية، كانت كفيلة باظهار حجم الخطر المتربص في البلاد، وتوقف المراقبون عند التناقض الذي برز بين موقف دياب الذي حاول تخفيف وطأة القلق من الازمة وموقف الرئيس ميشال عون لدى استقباله وفد الرابطة المارونية اذ عبر عن انطباعات متشائمة وقال “ان الازمة الاقتصادية المالية تبقى الاخطر حيث لا الانتاج ولا المال متوافران بعد اعتماد لبنان لسنوات خلت على الاقتصاد الريعي. لذلك، نحن اليوم في صدد معالجة هذين الوضعين الصعبين، والاجراءات التي ستتخذ ستكون قاسية وربما موجعة ما يتطلب تفهم المواطنين لهذا الامر، وكذلك لواقع ان الحكومة الجديدة والوزراء الجدد ليسوا بمسؤولين عن الخراب الذي حل بنا”.

الحكومة والبيان الوزاري
اذاً، يبدو واضحاً ان الحكومة الجديدة تتبع خطوات بالغة الحذر في وضع البيان الوزاري تحسباً لاشتداد الحملات عليها بدليل ان اجتماعات اللجنة الوزارية المكلفة وضع البيان وانجازه قد استهلكت حتى الان وقتاً أطول مما كان متوقعاً ولو ان مهلة الشهر المحددة للحكومة لانجاز البيان لا تزال تتيح التريث في مهمتها. لكن الواقع المالي والاقتصادي الآخذ في الضغط بقوة على مجمل الوضع الداخلي يملي الاستعجال في انجاز البيان تمهيداً لمثول الحكومة أمام مجلس النواب في جلسات مناقشة البيان الوزاري وطرح الثقة بها. واذا كانت المعلومات المتوافرة تشير الى ان اواخر الاسبوع الجاري قد تكون موعداً لانهاء وضع نص البيان الوزاري، فان الرئيس دياب بدأ التمهيد لذلك بدعوته الوزراء المعنيين والمراجع المالية المسؤولة الى وضع خطة للانقاذ الاقتصادي والمالي يرجح انه سيضمنها البيان الوزاري.

وفي هذا السياق، رجّحت معلومات “اللواء” إنجاز البيان الوزاري في غضون الايام القليلة المقبلة، واقراره في جلسة فورية لمجلس الوزراء، تمّ احالته على وجه السرعة إلى مجلس النواب لتحديد جلسة خاطفة لمناقشته واقراره.

وجزمت مصادر السراي لـ”اللواء” ان لجنة صياغة البيان الوزاري التي ارجأت اجتماعها الذي كان مقرراً أمس إلى اليوم، لم تتطرق بعد إلى الشق السياسي، وهي تنكب على المواضيع المالية والاقتصادية التي تشكّل أولوية لدى الحكومة، ولفتت إلى ان “رئيس الحكومة تعامل مع مشروع الموازنة كأمر واقع لأنه لم تكن لديه خيارات أخرى في ظل حكومة لم تنل بعد ثقة المجلس النيابي، كاشفة عن إمكانية كبيرة لتعديل بعض بنود هذه الموازنة بعد جلسة الثقة من خلال إرسال مشاريع قوانين في حال ارتأت ذلك”.

في المقابل، اصطدمت مناقشات اللجنة الوزارية الخاصة بإعداد البيان الوزاري للحكومة اللبنانية بتباينات حول بند “المقاومة” في البيان، وتعددت الصيغ المطروحة لهذا البند، ولم تتوصل بعدُ لصيغة موحدة ترضي سائر الأطراف.

وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ”الشرق الأوسط” إن اللجنة الوزارية التي تجتمع منذ الأسبوع الماضي لإعداد البيان الوزاري “لم تتوصل بعد إلى صيغة بخصوص هذا البند”، علماً بأن الصيغة التي وردت في البيان الوزاري لحكومة الرئيس سعد الحريري المستقيلة، نصت على “تأكيد الحكومة على واجب الدولة وسعيها لتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر، وذلك بشتى الوسائل المشروعة. مع التأكيد على الحق للمواطنين اللبنانيين في المقاومة للاحتلال الإسرائيلي وردّ اعتداءاته واسترجاع الأراضي المحتلة”.

وقالت المصادر: “هناك تباين حول الصيغة، ويحاول الرئيس دياب تدوير الزوايا للتوصل إلى صيغة مقبولة من كل الأطراف”، لافتة إلى أن “هناك آراء عدة” حول الصيغ المقترحة. وأشارت المصادر إلى أن المداولات لا تقتصر على اللجنة الوزارية، بل تشمل أيضاً على خطٍ موازٍ القوى السياسية المشاركة في الحكومة التي تقوم بمشاورات وتدفع باتجاه التوافق على صيغة مقبولة من الجميع تمثل قاسماً مشتركاً لإنجاز البيان الوزاري.

“ورشة” السراي

إلى ذلك، أوضحت مصادر السراي الحكومي ان “الورشة الاقتصادية – المالية، التي انعقدت في السراي على مدى نهار كامل، كانت تهدف بشكل أساسي إلى تبادل الآراء والمقترحات ووجهات النظر من أجل الوصول إلى “رؤية انقاذ” مشتركة بين جميع الاطراف للخروج من الازمة الراهنة وإيجاد الحلول المرجوة لها بأسرع وقت ممكن”. وكشفت ان الرئيس حسان دياب كان مستمعاً للعروض المفصلة التي قدمت خلال الورشة، سواء من جمعية المصارف أو من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، أم من وفد البنك الدولي، إضافة إلى وزراء المال: غازي وزني والاقتصاد راوول نعمة والتنمية الإدارية دميانوس قطار، أو الصناعة عماد حب الله، بتمعن ودقة من أجل الانطلاق بخطة العمل الاقتصادية والمالية فور نيل حكومته ثقة المجلس النيابي.

ولفتت المصادر إلى ان كافة الاقتراحات والدراسات ووجهات النظر لكافة القطاعات المالية والمصرفية التي تمّ الاستماع لها سيتم دراستها وتقاطعها بين بعضها البعض للوصول إلى ورقة إصلاحية واقعية ومنطقية لتضمينها البيان الوزاري، الذي يؤمل الانتهاء من صياغته نهاية الاسبوع الحالي.

وأشارت المصدر إلى ان الجميع يعلم ان وضعنا ليس بخير وهو يمر بحالة استثنائية ولكنه في نفس الوقت، غير مأساوي للدرجة التي تشاع في بعض الاوساط الرسمية والشعبية، ولم تستبعد ان يشهد سعر صرف الدولار هبوطاً غير متوقع بأي لحظة في حال تمّ اتخاذ الإجراءات المنوي اتخاذها من قبل الحكومة فور انطلاق عملها، مثلما ارتفع سعر الدولار بشكل كبير من دون سابق إنذار.