تظاهرة هزيلة في عوكر: “حسن سلوك” حزب الله

نأى عنها حزب الله وحلفاؤه

3 فبراير 2020
تظاهرة هزيلة في عوكر: “حسن سلوك” حزب الله

مشهد الطريق إلى عوكر حيث مقر السفارة الأميركية، بعد ظهر الأحد 2 شباط، نأمل أن لا يكون هو المعبّر عن إرادة مواجهة “صفقة القرن”. فالدعوة إلى التظاهر نحو تلك السفارة لم تجد من يلبيها سوى مجموعة يسارية مجهرية، لصيقة في أدبياتها بلغة حزب الله. وانضم إليها بعض الشيوعيين والقوميين ومن أنصار التنظيم الشعبي الناصري، وبمشاركة من أفراد فلسطينيين ممن يقيمون خارج المخيمات. وهؤلاء لم يتجاوز عددهم كلهم المئة، على أفضل تقدير.

المشهد البائس الكثير الصراخ، والمحاط بمئات من القوى الأمنية ومغاوير الجيش، تمنعت الأحزاب “الممانعة” عن المشاركة فيه، وبالأخص جمهور حزب الله. فيما يستمر القرار الفلسطيني “العقلاني” بعدم الخروج في أي نشاط في الفضاءات العامة اللبنانية تحاشياً لتهمة “التدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية”، خصوصاً في زمن التظاهرات والاحتجاجات الشعبية، وفي وجود تيار كـ”الوطني الحر” الذي يفتش عن ذريعة للقول أن أي اضطراب في لبنان مصدره الفلسطيني أو السوري.

هزيلة تلك التظاهرة، التي نأى عنها حزب الله وحلفاؤه، وتركوها لتلك المجموعات الصغيرة التي لا عتب عليها ولا حسابات سياسية تكبّلها. فوقفوا بعيدين عن السفارة يحاولون تجاوز الأسلاك الشائكة مرددين الهتافات ضد ترامب والمؤيدة للمقاومة، مستذكرين القدس وفلسطين كلها.

هكذا، تحت عنوان “رفضاً لصفقة العار” ووسط إجراءات أمنية أكثر من مشددة فرضتها قوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني، أتوا ليظهروا كاليتامى. كأن لا أحد تجرأ من “الأحزاب والقوى الوطنية والإسلامية” (حسب تسمية دارجة) على تبني تلك الوقفة الاعتراضية.

وهؤلاء، الذين خذلتهم الأحزاب والحركات، اختبروا ذلك من قبل، حين دعوا في عز الانتفاضة اللبنانية، وخارج سياق هموم الناس إلى التظاهر أمام السفارة الأميركية رافعين صور عماد مغنية، بالتزامن مع حملة حزب الله المنسية ضد مواطني الانتفاضة بتهمة التبعية للسفارات وتمويلها.

ثم أنهم هم ذاتهم، وإذ “انضموا” إلى الثورة، ونفياً لتهمة العمالة للسفارات، ذهبوا إلى أمام السفارة الفرنسية رافعين اسم السجين جورج عبدالله، كعلامة على نسبهم السياسي والأيديولوجي. وكانوا في كل الحالات يتامى في تظاهرة هزيلة وتحاول النطق باسم الأمة جمعاء والشعوب كلها.

وعلى الأرجح، سينتبه موظفو السفارة ودبلوماسيوها إلى حسن سلوك حزب الله، وتحليه بالمسؤولية في هكذا لحظات “حكومية” عصيبة. وسيفهمون ذلك جيداً. فعلى الرغم من أن الحزب وحلفائه يعادون “صفقة القرن” وينادون بإسقاطها، إلا أن ذلك لن يكون بالتظاهرات الصاخبة ببلد يحاولون فيه تبديدها ومنعها وإفشالها، ويشيعون في إعلامهم محاسن الهدوء والجلوس في المنازل والعودة إلى الحياة الطبيعية.

كان لا بد من التظاهر في عوكر، ولا بد من كل أساليب التعبير ضد تلك الخطة الأميركية الإسرائيلية للإجهاز على القضية الفلسطينية.. لكن كان لا بد من تحاشي هذا الضعف المخجل في المشاركة، كي لا يظن الأميركيون أن معارضة “صفقة القرن” محصورة بهذه الحفنة المجهرية من يساريين هلاميي الهوية واللغة والشعارات.

المصدر المدن