يساعد تصريح شنكر هذا إذا ما قارناه مع كلام مساعد وزير الخارجية الأميركية السابق لشؤون الشرق الأدنى، جيفري فيلتمان، الذي قال إنّ الحكومة اللبنانية الجديدة هي “الأقرب إلى سوريا وايران و”حزب الله” منذ حكومة كرامي عام 2005″، على تكوين فكرة عن سياسة إدارة الرئيس دونالد ترامب إزاء لبنان. وفي هذا السياق، لا يمكن قراءة تحذير فيلتمان من بروز الدوريْن الروسي والصيني في لبنان، عن وجهة نظر شنكر على هذا الصعيد، إذ يكمّل الموقفان بعضهما البعض.
ففي مقابلة له مع صحيفة “Globes” الإسرائيلية، ربط شنكر بين الصعود الروسي في المنطقة مؤخراً وسياسة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، قائلاً: “اعتقد إدارة أوباما أنّ (الدخول الروسي إلى سوريا) سيكون مستنقعاً بالنسبة إلى الروس”، مضيفاً: “أعتقد أنّ إدارة أوباما ارتكبت خطأ فادحاً، لأنّ الروس لم يلعبوا دوراً بناء في سوريا”. كما أقرّ شنكر بأنّ الروس لعبواً دوراً بارزاً على مستوى تغيير مسار الحرب، قائلاً إنّ الرئيس الروسي بشار الأسد لم يعد على شفا الهزيمة.
شنكر- الذي يزور الكيان الإسرائيلي للمشاركة في المؤتمر السنوي لمعهد دراسات الأمن القومي- كشف أنّه ينوي التركيز على الصين و”الأمور التي تزعج الإدارة الأميركية” وذلك بعد فترة وجيزة من تسوية الحرب التجارية الأميركية-الصينية “جزئياً”.
وحذّر شنكر من أنّ التطوّر التكنولوجي الصيني وتطوّر أنظمة الاتصالات الصينية والبلدان التي تدرس إطلاق شبكات الجيل الخامس (لعبت شركة هواوي الصينية العملاقة دوراً فاعلاً في إطلاق شبكة الجيل الخامس في الصين) تمثّل جوانب مهددةً للأمن القومي وأمن المعلومات الأميركييْن.
وفي ظل قلق إدارة ترامب من تنامي العلاقات الصينية-الإسرائيلية، قال شنكر إنّ مبيعات الأسلحة الصينية والمبيعات التنكولوجية وجوانب التعاون كلّها تقلق الولايات المتحدة، معلقاً: “نعتقد أنّ هذا يمنح الصين بروزاً وليست لدينا مصلحة في رؤية الصين تمتلك معلومات مسبقة عن اختراعات وابتكارات الكيان الإسرائيلي من جهة، وبلدان أخرى من جهة ثانية”.
وعلى صعيد ميناء حيفا الذي ستبدأ الصين تشغيله لمدة 25 عاماً مع حلول العام 2021، قال شنكر إنّ هذه الخطوة تقلق كثيرين، موضحاً أنّها طرحت تساؤلات، حيث يشكّل الميناء منذ سنوات نقطة رسو للأسطول الأميركي السادس. وتابع شنكر: “(هذه الخطوة) لفتت انتباه البعض في الحكومة. نحن نقوم بواجبنا وتطمئننا الحكومة الإسرائيلية على هذا الصعيد”.
ولدى سؤاله عما إذا كانت إدارة ترامب اشترطت إخراج الصينيين من الميناء لإحراز تقدّم بشأن حلف دفاعي بين الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي، أجاب شنكر: “لا أودّ الحديث كثيراً عن ميناء حيفا”، مشدداً على أنّ العلاقة الأميركية-الصينية الأمنية “رائعة” و”عميقة”.
ميناء بيروت وميناء حيفا
كثيراً ما تتم المقارنة بين ميناءي بيروت وحيفا. وفي تقرير نشرته وكالة “شينخوا” الصينية عن خطة الكيان الإسرائيلي الرامية إلى إعادة إحياء سكة حديد الحجاز التي تصل أوروبا بالخليج والأراضي المحتلة، نبّه العميد المتقاعد، خليل الحلو، من أنّ خط حديد من هذا النوع من شأنه أن يكبّد لبنان خسائر اقتصادية فادحة، نظراً إلى أنّ ميناء حيفا أقرب إلى الخليج بالمقارنة مع مرفأ بيروت، وإلى “استقرار إسرائيل أكثر بشكل عام بالمقارنة مع لبنان”. وفيما تحدّث الحلو عن قدرة ميناء حيفا على توفير “منشآت أكثر جاذبية” بالمقارنة مع التي يوفرها مرفأ بيروت، حذّر من أنّ ميناء حيفا قادر على منافسة مرفأ بيروت، وذلك بسبب عدم قدرة الأخير على تسهيل عملية نقل البضائع إلى الخليج عبر معبر نصيب. وأوضح الحلو أنّ هذا المعبر فتح مؤخراً أمام “الشاحنات الأردنية فحسب”، أي أنّ لبنان ما زال عاجزاً عن الاستفادة وإرسال الشاحنات عبره.
الصين والاستثمار في لبنان
بعد تقارير تحدّثت عن نية الصين الاستثمار في لبنان باعتباره بوابة لإعادة إعمار روسيا، لا سيما عن طريق الاستثمار في ميناء طرابلس، ردّ المدير العام لإدارة غرب آسيا وشمال أفريقيا في دائرة العلاقات الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي تشينغ جيان وي على دعوة الأمين العام لـ”حزب الله”، السيد حسن نصرالله إلى التعاون مع الصين لتفادي الانهيار المالي، قائلاً: “سنكون دائماً أصدقاء وشركاء لدول الشرق الأوسط” ولكن “ليست لدينا النية أن نكون بديلاً من أميركا في لبنان، وليست لدينا القدرة على ذلك، لأن الصين ما زالت دولة نامية. وحتى لو أنها شهدت تطوراً أكبر، لن نسعى إلى ملء الفراغ”. وأوضح المسؤول الصيني أنّ “الدعم الصيني سيزيد للدول النامية”، مقرّاً بأن التعاون مع الدول العربية يزعج البعض كالولايات المتحدة التي “تتخذ كل الاجراءات لاحتواء نفوذ الصين”. وأضاف تشينغ أن “الولايات المتحدة هي أكبر دولة متقدمة في العالم، ولا نريد خوض حرب تجارية معها، ولكن إذا أصر الجانب الأميركي سنخوضها حتى نهاية المطاف”.