جلسات الثقة ومنحها
اذاً، ينشد الاهتمام السياسي والشعبي، اعتباراً من مطلع الأسبوع، أي الاثنين المقبل، إلى مجلس النواب الذي سيعقد جلسة لمناقشة البيان الوزاري وإعطاء الثقة على أساسه لحكومة الرئيس حسان دياب، حيث ينتظر ان تكون هذه الجلسة حامية، لا بل شديدة السخونة، على مستويين، بحسب “اللواء”:
الاول: المواجهة الاستثنائية، والساخنة خارج مبنى المجلس بين الحراك الشعبي والسلطة التي استنفرت اجهزتها الأمنية والقضائية والعسكرية لمواجهة المنتفضين في الشارع، عبر بلاغ “رقم واحد” تحذيري يقضي “بعدم التهاون مع أي محاولة للنيل من هيبة الدولة ومؤسساتها ومقراتها الرسمية”، في إشارة إلى مجلس النواب.
والثاني: داخل الجلسة، خاصة إذا تسنى لها ان تنعقد، حيث تتحضر المعارضة لخوض معركتها الأولى مع الحكومة، والتي ظهرت ملامحها من خلال المواقف التي أطلقت من أكثر من طرف معارض حول البيان الوزاري الذي وصفه رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع بأنه “خارج الزمان ويمثل فشلاً ذريعاً”، بينما اعتبرت كتلة “المستقبل” النيابية، التي تتجه إلى حجب الثقة، ان البيان الوزاري لا يلبي متطلبات المرحلة واستحققاات ما بعد 17 تشرين الأوّل، بحسب ما نقل “المستقبل ويب” عن مصادر نيابية، في حين انتقد رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط في تغريدة له على “تويتر” نجاح المتسلط الأوّل على قطاع الكهرباء (والمقصود التيار الوطني الحر) في فرض البيان الوزاري كما هو بالرغم من محاولة اعتراض خجول من بعض الوزراء لمحاولة الإصلاح المطلوب”، وخلص إلى ان هذا القطاع سيبقى في يد قلة في إدارة “مبتورة تعرض البلاد للانهيار والافلاس.”
وبما ان الجلسة التي دعي إليها، ستنعقد على مدى يومين متتالين في الصباح والمساء، ستكون منقولة على الهواء، فإن منسوب عدد طالبي الكلام سيكون عالياً، وهو تعدى حتى مساء الجمعة الثلاثين نائباً، مع الإشارة إلى ان النظام الداخلي للمجلس يعطي النائب الحق في الكلام ساعة ارتجالياً ونصف ساعة كتابة.
وعلم ان الرئيس نبيه برّي الذي نجح في ضبط إيقاع جلسة إقرار الموازنة وانهاها في يوم واحد، لاعتبارات تتعلق بالظروف الأمنية خارج قاعة المجلس، بعد ان كان اقرارها عادة يأخذ ثلاثة أو أربعة أيام، سيحاول تقليص عدد طالبي الكلام لإنهاء الجلسة قبل الوقت المحدد، لكن هذا الأمر سيكون مرتبطاً بالوضع الذي سيحيط بالمجلس نتيجة ما يمكن ان يعده الحراك الشعبي، لتعطيل الجلسة أساساً ومنع النواب من الوصول إلى ساحة النجمة.
وبحسب المعلومات، فإن رئاسة المجلس وضعت في صورة ما يجري التحضير له على مستوى الحراك، ولذلك تميل إلى تقصير مُـدّة الجلسة، بعدما ترك أمر تأمين معبر أو اثنين للنواب من صلاحية القوى الأمنية، وكذلك إلى اختصار كلمات النواب، وقد باشر الرئيس برّي استطلاع آراء الكتل المشاركة، خاصة بعدما لمس وجود طلبات تقدّم بها أكثر من نائب في الكتلة النيابية نفسها.
وقالت مصادر نيابية ان برّي يعتقد ان امتداد الجلسة إلى يومين أو ثلاثة قد يتيح تحولها إلى مادة لجذب المتظاهرين ما سيجر الأمور نحو مواجهات على مستوى أكبر في محيط ساحة النجمة، إلى الساحات المحيطة، وبهذا المعنى، فإنه لا مصلحة في إطالة أمد الجلسات بل تقصيرها، بحيث يمكن تمرير الجلسة في يوم واحد.
إلا ان هذا التحدي – القرار، يتوقف على امتناع الكتل النيابية المصنفة في خانة المعارضة، مثل “القوات اللبنانية” التي طلب أكثر من نصف أعضائها الكلام و”المستقبل” التي قد تنفتح شهية نوابها على ممارسة فن الخطابة في ظل “البث المباشر”، بالعدول عن ذلك، والزام نفسها بعدد محدد من الكلمات لا تتجاوز الكلمتين أو الثلاث، علماً ان الثقة باتت مضمونة، وان بقيت هزيلة وفي حدود نصف عدد أعضاء المجلس، في حال تسنى للجميع الحضور.
المجلس الأعلى للدفاع وجلسة الثقة
وسط هذه الأجواء، اجتمع المجلس الأعلى للدفاع برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ولا شكّ أن جلسة مجلس النواب المقرر عقدها يومي الثلاثاء والاربعاء، وما يتم التحضير له من تحركات على الأرض، وعرض قادة الاجهزة الامنية، بحسب “النهار” “للمعطيات المتوفرة لديهم حول الوضع العام خصوصا في ضوء التحركات التي تحصل في بعض الاماكن والمعلومات التي توفرت لديهم حول بعض الجهات التي تقوم بأعمال مخلة بالامن. كما جرى عرض بعض المعطيات حول هويات من يحرضون على اعمال تخريبية ويجري التدقيق فيها لاتخاذ الاجراءات اللازمة”.
ولفتت المصادر لـ”الشرق الأوسط” إلى أن قادة الأجهزة الأمنية قدموا مداخلات، وكان التأكيد على قرار عدم السماح بقطع الطرقات في ظل المعلومات والدعوات التي بدأت تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي للتظاهر يوم الجلسة ومحاولة منع النواب من الوصول إلى البرلمان. وتم الاتفاق على اتخاذ إجراءات أمنية مشددة تتولاها قوى الأمن والجيش عبر غرفة عمليات مشتركة، منذ مساء الاثنين، وتنفيذ انتشار أمني غير مسبوق في محيط كل المداخل المؤدية إلى مقر البرلمان، على أن يتم إطلاع رئيس البرلمان نبيه بري عليها.
وأفادت معلومات “اللواء” انه تقرر توسيع شعاع منطقة العزل المحيطة بساحة النجمة، بحيث يستطيع النواب الوصول إلى البرلمان بسهولة أكثر من عزل المنطقة بدءاً من نقطة فندق “لوغراي” في ساحة الشهداء، مثلما حصل في جلسة الموازنة.
وقالت ان قراراً كبيراً اتخذ بضمان عقد الجلسة مهما كان الثمن، حتى ولو اقتضى الأمر اللجوء إلى “القوة المفرطة”، لا سيما وان التقارير الأمنية اشارت إلى عزم الحراك على اجتياز الجدار الاسمنتي والشريط الشائك والعوائق الموضوعة، وهو أجرى قبل يومين “مناورة تجريبية” في محيط السراي، ونجح في اختراق هذه الحواجز.
وتطرق المجتمعون الى التوقيفات التي تحصل من وقت الى آخر بالاضافة الى الاعتداءات التي حصلت على بعض المقار الرسمية والممتلكات الخاصة.
ولفتت المصادر بحسب “الشرق الأوسط” إلى “أنه كان شرحا لعمل القضاء في هذه المرحلة، والتأكيد على أن يكون دوره فاعلا، حيث كانت شكوى من الأجهزة عن سرعة إطلاق سراح الموقوفين”. وأضافت “عرض قادة الأجهزة الأمنية معطيات لديهم بشأن الجهات التي تعمل على التحريض على التظاهر وأعمال الشغب، إضافة إلى تقديم الدعم المالي للمتظاهرين، حيث يتم التدقيق بهوياتهم لمعرفة ما إذا كانوا لبنانيين أم غير لبنانيين”.
وتحدث المجتمعون عن “استهداف القوى الامنية خلال التظاهرات وجرى تأكيد وجوب المواكبة القضائية للاجراءات الامنية التي تتخذ”.
وتوقّف المجتمعون، بحسب المصادر لـ”الشرق الأوسط” عند ظاهرة ملاحقة النواب والتعرض لهم وما يرافقها من تداعيات ذات طابع طائفي، حيث كان التأكيد على احترام حرية الفرد في التنقل كما على حرية التعبير، إضافة إلى المحافظة على الأملاك العامة والخاصة ورفض الاعتداء عليها، وبالتالي العمل على التهدئة وتبريد الأجواء.
الى ذلك “جرى التأكيد ان المتابعات الامنية لا تشمل فقط الاحداث اليومية التي تحصل ولكن أيضاً مكافحة خلايا الارهاب وفي هذا الاطار جرت توقيفات في خلال الاسبوعين الماضيين لعدد من الخلايا الارهابية “.
وأبرز الرئيس دياب “اهمية الامن الاستباقي” وجرى بحث في الاجراءات لوضع حد لأي توتر مذهبي أو طائفي.
استحقاق “اليوروبوند”
هذا على الصعيد السياسي، أما على الصعيد الاقتصادي، فقد كشفت مصادر مطلعة على الاجتماع المالي الذي عقد قبل يومين في عين التينة بحضور الرئيس بري ووزير المال غازي وزني والنواب: علي حسن خليل وياسين جابر وعلي فياض وحسن فضل الله، لـ”اللواء” ان البحث تناول بشكل خاص كيفية التعامل مع استحقاق اليوروبوند الذي يستحق في شهر اذار المقبل وقيمته مليار و200 مليون دولار، وما يليه من استحقاقات اخرى خلال الاشهر الثلاثة المقبلة، وهي فوق ملياري دولار. وجرى استعراض الامكانات المالية للدولة وتأثيرات دفع هذه الاستحقاقات او تأخير دفعها، بعدما اعلن رئيس الحكومة حسان دياب انه سيسددها.
وطرحت خيارات وافكار عدة منها امكانية تشكيل لجنة خبراء تدرس الخيارات والمقترحات وتُعطى مهلة ايام قليلة لوضع تقريرها، حتى يكون القرار مدروساً ويحظى بتغطية رسمية شاملة لا من صنع جهة واحدة. وسيعقد اجتماع آخر قريباً لاستكمال البحث في وضع الرؤية الشاملة لإدارة أزمة هذا الاستحقاق.
وجرى ايضا البحث في موضوع توفير الحلول المؤقتة والمتوسطة المدى لأزمة الكهرباء لخفض العجز في مؤسسة الكهرباء وبالتالي في الدين العام، بدل الاستمرار بالحلول المؤقتة ومنها بواخر توليد الطاقة التي باتت الحل الاسهل بالنسبة للبعض برغم كلفته. وجرى طرح اقتراح اعتماد حل كهرباء مدينة زحلة، عبر تكليف شركة محترمة خاصة تشتري المولدات وتقوم بانتاج الكهرباء وبيعها لفترة 24 ساعة على 24، الى حين اعتماد الحلول الجذرية. لكن لم يتم اتخاذ اي قرار بانتظار الاجتماع المقبل.
وكانت مصادر السراي الحكومي، أبلغت «اللواء» ان الاستحقاق الأساسي لدى الحكومة اليوم، هو في كيفية التعامل مع سندات «اليوروبوند» المستحقة في اذار ونيسان وحزيران، ولفتت الى ان هذه المبالغ تشكل قرابة 2.3 مليار دولار اضافة الى فوائد دين عام وعليها دفعها، كاشفة عن اجتماعات مكثفة يعقدها الرئيس دياب في هذا الاطار لايجاد حل لكيفية التعامل مع هذه الاستحقاقات.
وأشارت الى ان هناك مجموعة افكار واراء جديدة تطرح خلال درس الملف لمعالجة الموضوع خصوصا ان الامور مرهونة بمجموعة عوامل بانتظار طبيعة ونوعية وحجم المساعدات والدعم الخارجي المنتظر من قبل الحكومة.
وأكدت المصادر ان هناك وعودا جدية تلقاها رئيس الحكومة سواء من دول عربية واجنبية بمساعدة ودعم لبنان، وأشارت الى ان الاتحاد الاوروبي ابدى استعداده للمساعدة خلال الاجتماع الذي عقده الرئيس دياب مع سفرائه حيث طلب منهم بشكل واضح وصريح مساعدة عاجلة على مختلف المستويات وفتح خط ائتمان لتأمين حاجات لبنان الضرورية بإعتبار ان هذا الامر يشكل وفرا على الخزينة ويساعد في ضخ الاموال في السوق. وكشفت المصادر ان روسيا ابدت استعدادها ايضا لتقديم دعم ومساعدات للبنان ولكنها ليست مادية.
ودعت المصادر إلى انتظار شكل الدعم الخارجي المنتظر، وهل سيكون مادياً أو ودائع أو غير ذلك، وعلى اسسه يتم تحديد المسار الذي يُمكن السير على أساسه، لذلك فإن الحكومة تدرس أفضل الخيارات المتاحة امامها لاعتماده، مع الأمل هنا بانخفاض سعر صرف الدولار الذي هو سعر وهمي، وتعتقد انه فور بدء انخفاضه سيلجأ المواطنون لبيعه، وعندها تصبح السيولة بالعملة الأميركية متوفرة في الأسواق.