الأزمة المالية تقلب أسلوب حياة اللبنانيين

8 فبراير 2020

تحت عنوان ” الأزمة المالية تقلب أسلوب حياة اللبنانيين” كتبت بولا أسطيح في صحيفة “الشرق الأوسط” وقالت: قضت الأزمة المالية وإجراءات المصارف التي باتت تضع يدها على ودائع زبائنها بالدولار، على المتنفس الوحيد أمام شربل نعامة (38 عاما) وعائلته التي اعتادت أن تخطط سنويا لعطلة صيفية محدودة خارج لبنان كما غيرت خطط الإجازات لقسم كبير من اللبنانيين. وباتت بالتالي كل الإجراءات التقشفية التي قد يقومون بها غير كافية لتأمين المبالغ المطلوبة لإتمام حجوزات الطيران والفنادق ومصاريف الرحلة، باعتبار أن نعامة وكثيرا غيره لا يمتلكون السيولة النقدية في منازلهم بعدما ارتأوا وضع كل ما جنوه على مر سنوات طويلة من العمل في حساب مصرفي لم يظنوا لوهلة أنهم لن يكونوا قادرين على التحكم به كما يريدون.
يقول نعامة لـ”الشرق الأوسط”: “للأسف فإن أسلوب حياتنا تغير خلال فترة أشهر معدودة بشكل لم نكن نتوقعه، وبتنا نحسب ألف حساب قبل ارتياد المطاعم وقبل شراء ملابس قد لا نجدها أساسية، وباتت مشترياتنا تقتصر على الحاجات الأساسية للأولاد”.
في المقابل، لم تبدل الأزمتان المالية والاقتصادية من عادات عدد من اللبنانيين الذين يشتهرون بارتياد المطاعم بشكل يومي كما باحتفالاتهم الصاخبة في أماكن السهر والتي لا تقتصر على نهاية الأسبوع بل تكون بوتيرة متواصلة على مر الأيام. إذ يواظب قسم كبير منهم على ارتياد المطاعم التي لا تزال تشهد حركة لافتة يومي السبت والأحد .
ورغم إعلان معظم المحلات التجارية عن تنزيلات كبيرة، يبدو القسم الأكبر من المجمعات التجارية فارغا. إذ اعتاد موظفو محلات الألبسة خلال هذه الفترة من العام على توافد المتسوقين بالمئات يوميا. أما اليوم فيغيب الزبائن خاصة بعد إقدام القسم الأكبر من المحلات على رفع أسعاره لتتناسب مع سعر صرف الدولار الجديد المعتمد في الأسواق بعدما بات الدولار يساوي ما بين 2000 و2200 ليرة لبنانية بعدما كان قبل اندلاع الانتفاضة في شهر تشرين الأول الماضي يساوي 1500 ليرة.
وتبلغ نسبة الفقراء في لبنان، بحسب استطلاعات تعود لما قبل اندلاع الأزمة، 55 في المائة يرزح 25 في المائة منهم تحت خط الفقر، فيما تتجاوز نسبة البطالة الـ25 في المائة. ويرجح عاملون في شركات تعنى بالإحصاءات أن تتضاعف هذه النسب بعد صرف عدد كبير من الموظفين من أعمالهم وإقفال عدد كبير من المؤسسات والشركات.
وتعتبر الدكتورة منى فياض، أستاذة علم النفس في الجامعة اللبنانية، أن الأزمة الأخيرة لم تؤثر فقط على حياة اللبنانيين إنما قلبت أسلوب عيشهم رأسا على عقب إلى حد نتوقع أنه سيكون من الصعب عليهم الصمود في ظل ترقب اتجاه الأمور إلى وضع أسوأ مما هي عليه الآن. وتوضح فياض في تصريح لـ”الشرق الأوسط” أن اللبنانيين يرزحون منذ مدة تحت أزمات مترابطة، إلا أن الأزمة الأخيرة أتت لتطيح بمستوى معيشتهم كلهم، ما سيؤدي في المرحلة المقبلة إلى تلاشي الطبقة المتوسطة كليا وانحسار المجتمع اللبناني إلى طبقتين فقيرة وغنية.