بعدما قرّر مجلس الوزراء الجديد برئاسة حسان دياب تعويم خطة الكهرباء التي أقرّت في العام 2019، بحيث وردت في البيان الوزاري كما هي من دون أي تعديلات، لا يزال يتكشّف المزيد من الشوائب التي تعتريها. والحكومة التي صدّقت على خطة الكهرباء كما هي، أغفلت ربما عن قصد او عن غير قصد، انّ هذه الخطة لا تزال عالقة في ادارة المناقصات، نظراً للمخالفات التقنية والقانونية التي تتضمّنها.
وفي خفايا الملف، يتّضح انّ مراسلات عدة جرت في الاشهر الماضية بين ادارة المناقصات ووزيرة الطاقة والمياه ندى البستاني، استندت فيها ادارة المناقصات الى تقرير يعود الى فريق من خبراء الاتحاد الاوروبي لتبدي ملاحظاتها. وينتقد الخبراء مجموعة نقاط تضمنها دفتر الشروط. ولعلّ أبرز ما يدعو اليه هؤلاء الخبراء هو الاستغناء عن الحل المؤقت في خطة الكهرباء نظراً لكلفته المرتفعة وفائدته المحدودة في مقابل تسريع العمل في الحل الدائم، ليحقق ذلك وفراً مقدّراً بنحو مليار دولار وتأمين الكهرباء خلال 15 شهراً.
الّا انّ وزارة الطاقة ردّت على ادارة المناقصة في كتاب بتاريخ 9 كانون الاول 2019، أكدت فيه على وجوب إجراء المناقصة من خلال ادارة المناقصات وتقييم العروض وفقاً للأصول من قبل ادارة المناقصات والخبراء الذين تسمّيهم وزارة الطاقة والمياه. وتسلّحت وزيرة الطاقة والمياه بالقرار رقم 1 الصادر عن مجلس الوزراء بتاريخ 21 تشرين الاول 2019، وهو ما يعرف بالورقة الاصلاحية التي أطلقها رئيس الحكومة سعد الحريري قبل استقالته، والتي تنصّ في البند 16 على الاسراع في إبرام عقود بناء معامل دائمة ومؤقته وشراء الطاقة في الزهراني وسلعاتا ودير عمار وجب جنين والجية، وذلك باعتماد الاجراءات التالية:
– الموافقة على دفتر الشروط المعدّ من قبل وزارة الطاقة وفق التعديلات التي أبدتها اللجنة الوزارية المشكّلة لهذه الغاية والموافق عليها من قبل وزارة الطاقة والمياه.
– إجراء المناقصة من خلال ادارة المناقصات والموافقة على تقصير المهل ومنح العارضين مهلة أقصاها 15/1/2020 لتقديم العروض.
– تقييم العروض وفقاً للاصول من قبل ادارة المناقصات والخبراء الذين تسمّيهم وزارة الطاقة والمياه في مهلة أقصاها 31/1/2020.
وبنتيجة هذه المراسلات التي جرت بين الطاقة وادارة المناقصات، جزمت الاخيرة بمراسلة يعود تاريخها الى 16 كانون الاول 2019 بأنها “من خلال مصادرة الصلاحيات المُناطة بها حصراً من دون سواها، لناحية تسمية الخبراء وأعضاء لجنة التلزيم ولناحية حرمانها من تدقيق دفاتر الشروط الخاصة بحجّة إقرارها في مجلس الوزراء. انّ ادارة المناقصات، إذ تطلب الاصرار والتأكيد من مجلس الوزراء، فلأنّ ذلك يقع ضمن موجباتها الوظيفية عملاً بالقواعد الادارية العامة كما يدخل ضمن انتظام عمل المؤسسات وتوزيع المسؤوليات، ولا يشكّل اي اعتداء على اي صلاحيات لأيّ جهة أخرى”.
وبتاريخ 21 كانون الثاني 2020 ردّت وزارة الطاقة على ادارة المناقصات بالقول: “يؤسفنا الاستنسابية المعتمدة لجهة تفسيركم الدستور والقوانين المرعية الاجراء”، وأعادت المطالبة بصلاحية تسمية خبراء لمؤازرة عمل ادارة المناقصات تطبيقاً لقرار مجلس الوزراء رقم 1.
فكان الرد الاخير من قبل ادارة المناقصات بتاريخ 22 كانون الثاني 2020 وفيه “انّ أي وزير لا يملك صلاحية تقدير وتقييم عمل ادارة خارجة عن نطاق صلاحيات وزارته، لاسيما ادارة المناقصات وهي ادارة رقابية مستقلة، لهذه الاسباب ترى ادارة المناقصات انها ملزمة برد هذا الكتاب شكلاً ومضموناً.
بما يعني انّ ملف الكهرباء لا يزال عالقاً بانتظار قرار جديد ومكرّر من مجلس الوزراء.