واقعتان بدّلتا مسيرة وزير بين عشيّة وضحاها: اعترافه في احدى الجلسات الدورية التي يعقدها مع بري، أنّه جاهز لتولي منصب نائب حاكم مصرف لبنان فيما لو اتفقت التركيبة الحاكمة على تجديد مواقع نيابة الحاكمية. ومبادرة الوزير السابق بهيج طبارة إلى طرح اسمه أمام بري أيضاً، كمرشح محتمل لوزارة المال فيما لو أفضت المفاوضات مع طبارة إلى اتفاق لتأليف الحكومة بعدما أسقط رئيس المجلس خيار رائد شرف الدين.
واذ بالفكرتين تتحولان إلى ثابتة في معادلة التأليف، حتى مع حسّان دياب. حين اقترح رئيس المجلس اسمه على دياب، بدا الأخير متجاوباً. التقاه في جلسة استماع كما فعل مع بقية المرشحين. أعجب بأفكاره وطروحاته فثبّته في وزارة المال.
لا يبدي غازي وزني غبطة في تولي وزارة المال. ينظر إليها كحمل ثقيل مع العلم أنّ مختلف القوى السياسية المؤيدة للحكومة أبدت دعمها لوزير المال الجديد ولأي نوع من الاجراءات التي قد يتخذها، الأمر الذي بدا وكأنّ الجميع يبحث عن “كبش فداء” لكل “فظائع” المرحلة الماضية ليقينهم أنّ الانهيار سيجرف كل شيء. حتى حاكم مصرف لبنان بدا مطواعاً ومستعداً للسير في أي خطة تضعها وزارة المال خلافاً لكل مسيرته في الحاكمية، وذلك خلال الزيارة التي قام بها إلى وزارة المال، بعدما اعتاد سلامة ولسنوات أن يكون في موقع المسؤولية، ووزني في موقع الاستشاري. كل هذا الاستعداد للتعاون والذي بدا “مشبوهاً” في لحظات مصيرية تمرّ بها البلاد، دفع وزني إلى الاستعانة بـ”هدوئه الانكليزي” والتفكير ملياً بما ينتظره من أفخاخ ومصائد يراد لها أن تقتنص “وزراء تجارب” على طريق البحث عن معالجة شاملة للانهيار اللبناني، لم يحن وقتها بعد.
لن يقبل غازي وزني أن يكون مروره على وزارة المال، مرور الكرام. أو بالأحرى لن يتاح له هذا “الترف”. إما يترك بصمة وإما يكون حطب الانهيار. ولذا بدا الرجل كثير الارتياب والحذر مما تخبئه ملفات الوزارة ودهاليزها. وقرر بداية حصر تركيزه في “مصيبة” سندات اليوروبوند وتفرّعاتها قبل أن يبدأ “نبش” الملفات.
وبناء عليه، خصص كل الوقت الفاصل بين التأليف وجلسة الثقة، للقاء مروحة واسعة من الخبراء اللبنانيين والأجانب والوقوف عند آرائهم من الأزمة وكيفية معالجتها، قبل أن يدلي بدلوه، ويعيد رسم الحدود بين خطّ وزارة المالية “الأحمر” وخطّ مصرف لبنان “الأزرق”، للفصل بين صلاحيات كل منهما ويعيد “مع الشكر” طلب حاكم مصرف لبنان صلاحيات استثنائية… قبل الانطلاق في ورشة، يعرف كيف تبدأ ولكن لا أحد يملك جواباً، كيف ستنتهي.
لقراءة المقال كاملاً اضغط هنا