من حيث الشكل، فقد كان قرار المقاطعة مبنياً على عدّة اعتبارات، والتي كان أهمها رفض بعض النواب الدخول الى المجلس رغماً عن الارادة الشعبية، الأمر الذي يبدو أنه لاقى رواجا بين مكوّنات الحراك الذين قادوا حملة ضخمة عبر مواقع التواصل بوجه الذين منحوا الثقة للحكومة الحالية.
اما من حيث المضمون، فقد أفادت مصادر سياسية مطلعة لـ “لبنان 24” ان موقف النائب شامل روكز كانت له اهداف شعبية وسياسية، حيث أن رفضه الوقوف بوجه الجماهير المنتفضة ليس من شأنه أن ينفي رغبته بعدم منح هذه الحكومة اية شرعية على اعتبار أنها حكومة الوزير جبران باسيل، الأمر الذي، وبحسب المصادر، أتى على ذكره روكز اكثر من مرة في مجالسه الخاصة.
وإذ تماهى النائب اسامة سعد بموقفه على اعتبار أنه النائب شبه الوحيد الذي يترأس حزباً يشارك رسميا في الانتفاضة وبشكل علني، وبالتالي فإن رفضه الحضور الى جلسة الثقة يتطابق مع موقف “الثوار” الذين اجتمع بجزء منهم في صيدا عشية موعد الجلسة وقرروا المشاركة في قطع الطرقات ومنع النواب من الوصول، ما يثبت أن قراره جاء من باب التأكيد على مصداقيته وشفافية موقفه من الانتفاضة.
من جهته، فإن الرئيس نجيب ميقاتي الذي يملك اكبر كتلة مقاطعةٍ لجلسة الثقة، قد بنى موقفه انطلاقاً من عدة اعتبارات:
عدم رغبة ميقاتي باستمرار الفراغ الحكومي على رغم ملاحظاته الشديدة على شكل السلطة الحالية من جهة، وذلك من حيث انعدام الميثاقية وغياب المكوّن السُّني بشكل كامل، ومن حيث الخروقات الفاضحة للدستور التي حدثت بين مرحلة التكليف والتأليف من جهة اخرى، بالاضافة الى تحفّظه على بعض القوى السياسية المشاركة في الحكومة بشكل فعال.
الا أن ميقاتي وفي الوقت عينه بدا حريصاً على عدم اطالة مدّة الفراغ الحكومي، لأن الامر مرتبط بالموقع الذي تترأسه شخصية سنية، وبالتالي فهو لم يكن بوارد الخوض في معركة كبرى من أجل سحب بساط الثقة من الحكومة الحالية، لكن مصادر متابعة ترى ان عدم حضور ميقاتي للجلسة كان بمثابة رسالة واضحة تشرح موقفه مما يحصل، معتبرة ان عدم مشاركته تتماشى مع مبدأ حق الشعب بتقرير مصيره، رافضاً مع كتلته منح الشرعية لهذه الحكومة مكتفيا في اليوم التالي بتقديم مشروع قانون انتخابات مبكرة يساهم بمدّ جسور الثقة ما بين الشعب وممثليه.
اذاً فإن خطوة ميقاتي جاءت لتأكيد موقفه الحاد من الطريقة التي تشكلت فيها الحكومة والتي سبقتها آلية تسمية الرئيس حسان دياب، لكنه بدا مرتاحاً لنيل هذه الحكومة الثقة خشية وقوع البلد في الفراغ، وذلك بعد تأكيد حضور بعض نواب “تيار المستقبل ” الذين ساهموا باكتمال النصاب.
ويبقى موقف “حزب الكتائب” والنائبة بولا يعقوبيان اللذين قاطعا جلسة الثقة، وذلك في محاولة لتكريس تقرّبهما المستمر من الحراك الشعبي الذي بدأ منذ انطلاقة الانتفاضة وحتى اليوم.
اما النائب نهاد المشنوق، فقد اعتبرت المصادر ان مقاطعته أتت في اطار المزايدة على “تيار المستقبل” وفي محاولة لإظهار نفسه اكثر راديكالية وتفهّماً لمواقف الناس ومطالبهم.