كتبت هديل فرفور في “الأخبار”: الشركة التي تتولّى إدارة قسم خدمات الرسائل النصية في “تاتش” منذ ثلاث سنوات تقوم بمعظم أبحاثها في إسرائيل التي تموّل نحو 50% من هذه الأبحاث. هذا ما يخلص إليه مسار “تتبّع” شركة Mavenir التي تملك القدرة على الوصول إلى بروتوكول ss7 الحساّس جدّاً والذي يحتوي على ثغرات خطيرة تسمح باختراق أي حساب على شبكة الإنترنت مرتبط برقم هاتف “الضحية” والتجسس عليها ودخول حساباتها المصرفية أو على مواقع التواصل الاجتماعي.
قبل ثلاث سنوات، “وُلدت” شركة اسمها Mavenir. للوهلة الأولى، سيكون الاسم مألوفاً للعاملين في قطاع الاتصالات، لأنه يُذكّر باسم شركة عالميّة تعمل في مجال التكنولوجيا، سبق أن عملت في الشرق الأوسط وأفريقيا.
لكنّ التدقيق في “تاريخ” هذه الشركة التي تتولى منذ عام 2017 مهمة إدارة وتشغيل قسم خدمات الرسائل النصية في شركة “تاتش”، يُظهر بشكل واضح أنها ليست إلّا شركة Comverse الإسرائيلية، وأن Mavenir العالمية “ماتت” عام 2015، عندما اشترتها شركة MiTEL.
في 24 تموز 2017، صرّح رئيس شركة Mavenir ومديرها التنفيذي بارديب كوهلي بأن “إسرائيل هي وادي السيليكون 2 وإلى الأبد”، في إشارة إلى التفوّق الإسرائيلي على صعيد التكنولوجيا والأبحاث والتطوير الرقمي، “لأنها تستثمر نحو 4.3% من ناتجها المحلي الإجمالي في البحث والتطوير (…)». وقال إن شركته «تتطلّع إلى الاستفادة من المواهب في إسرائيل لإقامة ابتكار عالمي لهذا الجيل”.
فكيف ورثت هذه الشركة العمل في لبنان؟ وما هي خطورة أن يكون لديها القدرة على الوصول إلى بروتوكول SS7؟
كل الشركات تؤدي إلى تل أبيب
منذ أكثر من عشر سنوات، كانت شركة Acision البريطانية المتخصصة في خدمات المراسلة تتولّى إدارة قسم خدمات الرسائل النصية في شركة MIC2 المملوكة من الدولة اللبنانية والتي تُديرها شركة “زين” حالياً باسم “تاتش”.
في 6 آب 2015، أعلنت شركة Comverse أنها استحوذت على Acision مُقابل 136 مليون دولار. وبحسب موقع wikispooks، فإنّ comverse شركة تكنولوجيا، مقرّها الرئيس في الولايات المتحدة، «وتقوم بمعظم أبحاثها في إسرائيل”، وتموّل وزارة الصناعة والتجارة الإسرائيلية نحو 50% من تكاليف أبحاثها.
بعد استحواذها على شركة Acision، أعلنت الشركتان (Comverse وAcision)، في 9 أيلول من العام نفسه، إطلاق شركة عالمية تحمل اسم Xura. وفي كانون الأول 2016، اشترت الأخيرة شركة Mitel التي سبق أن استحوذت على Mavenir العالمية التي تعمل في مجال التكنولوجيا. وعوضاً من أن تُسمّي Xura الشركة باسمها أو تبقي على اسم MiTEL، قرّرت تسمية نفسها باسم شركة اندمجت مُسبقاً بـ MiTEL، وهي بحكم “الميتة” لكنّها “مشهورة” بين المعنيين في قطاع الاتصالات وهي شركة Mavenir.
وفق مصادر مُطّلعة، فإن “التلاعب بالتسميات متعمّد ويهدف إلى إحداث التباس واضح بين شركة Mavenir التي لم يعد لها وجود منذ منتصف 2015 تاريخ شرائها من MiTEL، وبين شركة Mavenir المملوكة من Xura، وبالتالي من Comverse. من هنا، تجزم المصادر بأن شركة Mavenir ليست إلّا شركة Comverse الإسرائيلية!
“تاتش” على علم بالأمر؟
في 23 آذار 2016، راسل المعنيون في شركة “تاتش” هيئة المالكين في وزارة الاتصالات (Owner Supervisory board)، للمُطالبة بإطلاق مناقصة لتغيير الشركة التي تتولى إدارة قسم حسّاس وذي بعد أمني. لم يتلقَّ هؤلاء جواباً، في 10 حزيران 2016، أعاد هؤلاء الكرّة وبعثوا بمراسلة تحت عنوان “Comverse تستحوذ على Acision”، مُرفقة بتقارير ومستندات تثبت علاقة الشركتين، من ضمنها إفادة صادرة عن المديرة العامة لوزارة الاقتصاد والتجارة عليا عباس في 18 تشرين الأول 2016 (الرقم 12998/2016) مرسلة إلى محامي «تاتش»، تُفيد بأنّه «استناداً إلى المواقع الإلكترونية، تبيّن بأنها شركة إسرائيلية، وبالتالي تُعتبر حُكماً محظورة ولا يمكن التعامل معها». وفيما كان متوقعاً أن تتلقّف الهيئة الخبر بـ”استنفار” كبير وأن تتجاوب مع الرسالة، كان لافتاً ردّها على رئيس مجلس إدارة مجموعة «زين» المُشغّلة لـ«تاتش» بدر الخرافي (الرقم 1435/ تاريخ 24 تشرين الأول 2016)، إذ تطرّقت إلى الشق التجاري لافتةً إلى أنّ “عمل الرسائل انخفض بشكل كبير، وبالتالي يطلب من شركة ميك 2 تقديم مبررات تقنية وتجارية مُفصّلة لمثل هذا المشروع”. وبحسب المصادر نفسها، فإنّ المعنيّين في «تاتش» أصرّوا على إطلاق مناقصة أخرى لتغيير الشركة، “وفي حزيران 2017، كانت آخر خطوة لاجتثاث الشركة بعد تصفية مطلوباتها أواخر عام 2016”. فما الذي حصل؟