المواطن في الكورة ضحية تلوث مصانع الموت والبيئة في مهب الريح

21 فبراير 2020
المواطن في الكورة ضحية تلوث مصانع الموت والبيئة في مهب الريح

نشرت “الوكالة الوطنية للإعلام” تقريراً بعنوان “المواطن في الكورة ضحية تلوث مصانع الموت والبيئة في مهب الريح”، جاء فيه: “مصانع الموت القاتل”، عبارة يرددها الكورانيون يوميا بسبب معاناتهم اليومية من التلوث البيئي الناجم عن مقالع معامل الاسمنت ومصانعها، وأضرار هذا التلوث على صحتهم الجسدية والنفسية وتهديده حياتهم وحياة سكان الكورة عموما. كما يروي السكان أنه لا يخلو بيت في قرى قضاء الكورة وبلداته من إصابة أو أكثر بمرض السرطان، بخاصة المحيطة بهذه المصانع، وهي فيع وبترومين وشكا وبرغون وبدبهون وزكرون وكفرحزير، وقد سجلت في هذه القرى نسبة عالية من الاصابة بالسرطان والامراض الصدرية والتشوهات الجينية.

تتواصل الوقفات الاحتجاجية البيئية في الكورة ضد طريقة عمل هذه المعامل والأضرار البيئية والصحية الناجمة عنها، وكان آخرها الاعتصام الذي نفذه الائتلاف الشعبي ضد المقالع والكسارات ومصانع الاسمنت بمناسبة اليوم العالمي لسرطان الاطفال شارك فيه ممثلون عن الهيئات البيئية قرب شركة الترابة الوطنية (السبع)، وأكد الائتلاف في خلال الاعتصام أن “هذه المصانع هي مصانع موت قاتلة تحصد الأرواح بالتوازي مع حصادها المال ودمارها للبيئة وتشويهها للطبيعة وتلويثها للمياه والهواء وبالتالي إلحاق الدمار الشامل بالمنطقة واهلها وانطلاقا مما تقدم وبعد تفاقم حالات الامراض ولا سيما السرطانية منها والصدرية وغيرها وجميعها تتسبب به هذه المصانع حتى غدت المنطقة منكوبة صحيا بحيث ان نسبة الإصابة بالسرطان اصبحت عالية جدا”.

كما شارك أهالي الكورة في الاعتصام معبرين عن أسفهم بارتكاب شركات الاسمنت المجازر البيئية والصحية بحقهم وطالبوا بإقفال المقالع والشركات كما طالبوا الدولة والحكومة الجديدة وفيها اربعة وزراء من الكورة بالتحرك وانقاذهم من الذوبان بالسرطان ونقل المصانع من المنطقة”.

ويقول الباحث والناشط البيئي حافظ جريج: “يجب تحرير الكورة من صناعة الاسمنت ومن المقالع وتحرير العقارات وتحويل المنطقة إلى سياحية وإعادة تنظيمها واعطائها تصميما سياحيا وسكنيا على اعتبار ان لديها اطلالة على البحر ، ففي كل أنحاء العالم وبخاصة في الأماكن المطلة على البحر لا يجب أن يكون هذا الكم من التشويه والاضرار البيئية، وهنا أحمل المسؤولية للتنظيم المدني لأنه لم يضع حدودا بين الصناعة وطريقة عملها وأماكن السكن لأنه من المستحيل أن تصل الصناعة الى المياه الجوفية وتلوث البحر والهواء وتهدد حياة السكن”.

وعن التلوث الذي يشكو منه سكان الكورة، أكد جريج أنه ناجم عن المصانع كافة المتواجدة في المنطقة ويسبب السرطان، فترك الأمور على ما هي عليه يمكن ان تصل الى مصائب بيئية وصحية ولن ينجو اي كان من سكان المنطقة من مرض السرطان، لذلك يجب نقل هذه المقالع والكسارات إلى السلسلة الشرقية حيث أن هناك الكثير من الجبال غير المستثمرة والجرداء ، وأنصح العاملين في هذه الشركات العمل في مشاريع سياحية نظيفة بدل العمل بين الغبار والتلوث والتعرض للامراض، في المقابل لا يمكن أن ننكر أن صناعة الاسمنت هي اقتصاد كبير ولكن بالمقارنة بين صناعة الصناعة وصناعة الصحة اختار الصحة وهنا أنصح الشركات استيراد الاسمنت لأنه اوفر على المستهلك”.

وختم بالقول إن “هناك غطاء سياسيا لعمل هذه المصانع والمقالع التابعة لمعامل الاسمنت وذلك من ضمن سلسلة الفساد في لبنان”.

وروى الرئيس السابق لبلدية زكرون مارسيل الغلام أن نسبة الإصابة في السرطان في القرية تفوق ال 40 في المئة من نسبة السكان حيث تعاني القرية على الصعيد البيئي من التلوث الناجم عن عمل المقالع والكسارات التابعة لمعامل الاسمنت وغيرها من المصانع الموجودة بين شكا وانفه، مشيرا الى انه اضافة الى الضرر الصحي، فقد تعرضت المزروعات لضرر كبير، وقد فقدنا الكثير منها ابرزها الاجاص والعنب والتين واللوز التي اشتهرت فيها زكرون منذ القدم بسبب الغبار الناجم عن المصانع بحيث تشعر أن المنطقة وخاصة في فصل الصيف مغطاة بالكامل بالغبار وهذا كله ناجم عن الفساد في المجتمع وتقاسم الحصص”.

للشركات نظرة مختلفة
وتختلف نظرة الشركات عن نظرة الشارع، ويؤكد المدير الاداري في شركة الترابة الوطنية (السبع) روجيه حداد أن ” هناك مفهوما خاطئا عن تدمير الكورة وعن الإصابة بالسرطان في المنطقة ، فالمعتصمون الذين نفذوا وقفات احتجاجية أمام شركات الترابة قد اختاروا المكان الخطأ، فلا شيء يثبت علميا أن عمل شركات الترابة يسبب مرض السرطان او تشوهات جينية، فالعديد من الدراسات والمنظمات الدولية لا سيما VDZ تؤكد أنه لا يوجد أي رابط بين صناعة الإسمنت و وجود حالات إصابة بالسرطان في محيط شركات الترابة”.

وتابع: “إن شركات الاترنيت هي التي تسبب مرض السرطان Mesothelioma وقد تم إثبات ذلك وتم ايقافها في كل أنحاء العالم بقرارات قضائية، أما شركات الترابة لا تزال تعمل في جميع أنحاء العالم و لم يقفل أي مصنع إستنادا إلى الأبحاث التي قامت بها منظمات دولية المجلة الطبية البريطانية British Medical Journal “BMJ”.

وتابع: “هناك تواصل دائم مع وزارتي الصناعة والبيئة ونحن نعمل ضمن المواصفات اللبنانية والعالمية”، والمرجعية المختصة في هذا القطاع هي لوزارة البيئة”.

وقال: “إن وزير البيئة السابق فادي جريصاتي كلف خمس شركات أجنبية Consortium بالكشف على المقالع في قضاء الكورة تعمل على دراسة خطة ما اذا كانت هذه المقالع تستوفية الشروط البيئية أو انها تحتاج الى تحسينات معينة، ويفترض تقديم التقرير النهائي قريبا لوزارة البيئة”.

أضاف: “لدينا فريق عمل يجول على البلديات في الكورة يقدم شرحا عن طريقة عمل الشركة كي نتمكن من إقناع الناس أن هناك أفكارا خاطئة انتشرت عن عمل المصانع والمقالع، وقد قدمنا العديد من الدراسات للبلديات”.

وختم:” نحن نعمل ضمن الأطر القانونية والقوانين المرعية، ونعمل حاليا على زرع أنواع عدة من الأشجار في مكان عمل المقالع المستثمرة في كفرحزير وبدبهون، ونعمل منذ فترة على تسريع وتكثيف عملية التشجير حيث زرعنا في الأعوام الثلاثة الأخيرة حوالى 5000 شجرة على مساحة حوالى 90,000 متر مربع وذلك في إطار المسؤولية تجاه المجتمع وتجاه أنفسنا”.

بين رأي أهالي المنطقة ورأي الشركات يبقى المواطن الكوراني الضحية وتبقى الكورة وبيئتها في مهب الريح، ويبقى السؤال: هل بإقفال المعامل في الكورة وشكا تحل المشكلة أم أن العائلات الكورانية ستقع في مشكلة جديدة الا وهي إقفال بيوت وتهجير عائلاتها بعدما تسريحهم من وظائفهم؟”.