الثانية بعد ظهر اليوم، تختار وزارة المال في عملية فضّ عروض، احد الاستشاريين الماليين والقانونيين الثمانية الذين تقدموا بعروض لإعداد التقارير اللازمة عن آليات عمل التوقف عن سداد المستحقات المالية للبنان لهذا العام، والسيناريوات المفترضة للتفاوض مع الدائنين ولا سيما الأجانب منهم، وكلفة كل سيناريو على الاقتصاد في الداخل كما على موقع لبنان في المجتمع المالي الدولي.
وكان مستغربا “الصمت الرسمي” حيال ما تمّ تناقله من ان الوزير السابق كميل أبو سليمان “ينشط” لتعيينه مستشارا قانونيا للدولة اللبنانيّة في عمليّة إعادة هيكلة الديون أو جدولتها. وقد استندت المعلومات الى مبادرة أبو سليمان لتقديم عرضه عبر شركته “ديكيرت” رغم وضوح مؤشرات تضارب المصالح، اذ يستحيل ان ينجح في شغل موقعين متضاربين: محامي الدائنين وحامي مصالحهم، ومحامي الدولة وممثلها في المفاوضات التي تعتزم بدئها مع الدائنين من اجل جدولة المستحقات المالية.
وتقول مصادر مطلعة ان أبو سليمان كان هو المحامي الوحيد الذي عمل في كل القضايا المالية (إدارة السندات والاصدارات) التي أوكلتها اليه وزارة المال على مدى 25 عاما. واكثر، تشير الى ان الوزارة اعتمدته مجددا عندما انشأ مكتب محاماة جديد بديلا من شركاته السابقة. ويملك أبو سليمان مكتب محاماة في بيروت تديره شقيقته، ومن ابرز زبائنه في القطاع المصرفي: “فرنسبنك”، و”فيرست ناشيونال بنك” وIBL. الى ذلك، فان أبو سليمان هو وزير سابق رُشّح الى العمل الحكومي من جانب فريق “القوات اللبنانية”.
ردّ أبو سليمان امس في بيان على “تضارب المصالح”، لكن الردّ لم يكن مقنعا الى عدد من المصارف “التي شكّل طرح اسمه إشكالا بالنسبة اليها”، فدعت الى ضرورة استبعاده لمهمة الاستشاري-ممثل الدولة في عملية التفاوض، مستغربة إصراره على تلك المهمة “رغم وجود ملاحظات على أدائه في إدارة السندات والاصدارات السابقة على خلفية أخطاء مرتكبة ويرغب في تغطيتها بمهمة الاستشاري!”، فضلا عن طموحه السياسي الذي يوحي انه يقوده للتطلع الى حاكمية مصرف لبنان وما بعدها.
أبو سليمان تحدث في بيانه عن “تضارب المصالح”، فاعتبر انه “أمر تنظمه قواعد صارمة تطبّق على مكاتب المحاماة العالمية وفق معايير دقيقة ومحكمة”، مشيرا الى أن مطالبته منذ ستة أشهر “بإعادة هيكلة الديون الخارجية دفاعاً عن مصالح المودعين، يُسقط أي اتهام يوجه إليّ بتفضيل مصالح المصارف على مصالح الدولة”.
وتختم المصادر بالقول إن حكومة حسان دياب امام امتحان مهم اليوم. فاما تحسن اختيار الاستشاري الأنسب لملف حساس ودقيق يقع تحت انظار المجتمع الدولي الذي ينتظر من لبنان خططا وخطوات واثقة ومدروسة ومن دون أخطاء بما يمكنّه من تجاوز الأزمة، او تخضع لضغوط تُمارس من خلف الكواليس وتمنح وكالات الائتمان العالمية المزيد من الحجج لاخراج لبنان من دائرة التصنيف، وحتى السلبي منها.