وهذا يعني، انّ الوافد حديثًا الى نادي رؤساء الحكومة كان يُدرك سلفاً صعوبة المهمة التي سيتولاها. ليست الصعوبة محصورة فقط بالإنهيار الاقتصادي والمالي الذي بدأ بالظهور، لكنها أيضاً تطاول العواصم الخليجية والعالمية واقناعها بأنّ الحكومة ليست حكومة “حزب الله”، إضافة الى الحرب السرّية التي ستشنها القوى السياسية والحزبية في لبنان، حتى تلك التي تطلق مواقف مؤيّدة للحكومة ومنحتها الثقة، في اعتبار انّ نجاح هذه الحكومة سيحمل إدانة واضحة للحكومة السابقة بأنّها كانت غير جدّية في معالجة الوضع الصعب لكي لا نذهب ابعد من ذلك، وبالتالي فإنّ نجاح هذه الحكومة قد يشكّل قرار اعدام سياسي لهذه القوى والاحزاب.
بداية، وعلى المستوى الخارجي، لا يبدو الرجل الذي سكن السراي الحكومي كأول رئيس حكومة وامتهن الصمت والإقلال من تعليقاته ومواقفه الاعلامية الى درجة الندرة، لا يبدو شديد القلق من الجدار الدولي الذي واجهه فور تكليفه. الموقف الاوروبي، وخصوصًا الفرنسي والالماني، اضافة الى بعض الدول الخليجية باتت الى صفه. لا بل فإنّ الذين يتواصلون مع الاوساط الديبلوماسية الفرنسية باتوا يسمعون كلمات تؤشر الى الإطمئنان من السلوك الذي سينتهجه دياب.
وهو ما يعني انّ ملفات “سيدر” بوشر فتحها على امل التنفيذ القريب. ولم يعد سراً، أنّ أول أوراق هذا الملف تتعلق بمعالجة قصة ابريق الزيت او “معضلة” الكهرباء. وهنا يتوافق دياب مع رؤية الفرنسيين للحل، وعلى اساس إيلاء تلزيم معامل انتاج الطاقة لشركات عالمية متخصصة وفق الـ BOT ولا تكلّف لبنان قرشاً واحداً، مع التزام الشركة التي ستتولّى العقد تأمين الكهرباء الموقتة، أي لن يكون هنالك حل للطاقة الموقتة يعتمد على بواخر الكهرباء والتي تكلّف الخزينة اللبنانية اعباء مالية هائلة. لا بل اكثر، فإنّ الباخرتين الموجودتين الآن واللتين تعملان منذ سنوات عدة، لن يجري التجديد لهما عند انتهاء العقد معهما بعد زهاء سنة من الآن وسترحلان عن الشواطئ اللبنانية.
في المقابل، تُجرى دراسة حول زيادة طفيفة على الشطور الدنيا لفاتورة الكهرباء في مقابل زيادة “حرزانة” على الشطور العالية.
وعند انتهاء لقائه الاول بالسفيرة الاميركية في لبنان، بادر دياب ضيفته قائلاً: هل فعلاً تعتقدون أنّ هذه الحكومة هي حكومة “حزب الله”؟
لكن السفيرة الاميركية اختارت عدم الإجابة قبل ان تغادر السراي الحكومي، ذلك انّها تدرك تمام الإدراك، أنّ نصف اعضاء هذه الحكومة يحملون الجنسية الاميركية، وأنّ احد الوزيرين اللذين اختارهما “حزب الله” هو واحد من هؤلاء. كما انّ لرئيس الحكومة تاريخاً حافلاً مع الجامعة الاميركية، لا بل انّ هنالك من يعتقد أنّ طاقم السفارة الاميركية في لبنان مقتنع بأنّ تأثير “حزب الله” على هذه الحكومة هو الأدنى قياساً الى الحكومات السابقة، وأنّ السفارة كتبت رأيها لواشنطن. لكن في العاصمة الاميركية الحسابات مختلفة، وهنالك نفوذ فريق “رجال البيت الابيض” والمعروف بتشدّده، والذي في المناسبة ينتمي اليه رأس الديبلوماسية الاميركية مايك بومبيو. هذا الفريق ينظر الى الواقع اللبناني بقياس مختلف، ومن ضمن النزاع العريض المفتوح في المنطقة.
وهذا الموقف هو الذي يؤثر على الموقف السعودي الذي لم تخرج منه إشارة واحدة سلبية كانت أم ايجابية. وبخلاف رؤية البعض، فإنّ دياب قد لا يهتم كثيراً اذا ما استقبلت الرياض الرئيس سعد الحريري قبله. فالرجل “الجليدي” يراهن على تحسّن في الموقف الاميركي ينعكس على “المزاج” السعودي ليدشن زيارته الخارجية الاولى. صحيح انّ البعض لا يُرجح وجود مساعدات مالية على الاقل في المرحلة الحالية، إلّا انّه قد يكون لدياب رؤية أُخرى كمثل الحصول على مساعدات عينية تشمل القمح والغاز الخ…