ولذلك إستخدم الوزير لومير تعبير “التعافي الإقتصادي في لبنان”، وهو بذلك كان يرسم خارطة طريق للدول التي تريد مساعدة لبنان غير الميؤوس من وضعه، لأن التعافي يعني أن المريض يخضع للعلاج المناسب لمرضه، وهو قطع مرحلة الخطر ودخل مرحلة التعافي، أو هو في طريقه إلى التعافي.
وبلغة دبلوماسية وصف ما تقوم به الولايات المتحدة الأميركية لمواجهة إيران في المنطقة بـ”الجهود”، من دون أن يضيّع البوصلة في الرسالة التي أراد توجيهها إلى واشنطن بالنسبة إلى لبنان، وفي هذه الرسالة تحذير من خلط الأمور بعضها ببعض، خصوصًا أن فرنسا تدرك ربما أكثر من غيرها الخصوصية اللبنانية، وهي في مقارباتها السياسية أقرب من غيرها إلى فهم الواقع اللبناني، وهي تعرف أن “حزب الله” مكّون أساسي من مكونات التركيبة اللبنانية، وهو ممثل في الندوة البرلمانية، وله أيضًا تمثيل في الحكومة.
وبهذه النظرة إلى الوضع اللبناني المتأزم تتمايز فرنسا عن الولايات المتحدة الأميركية، التي تحاول بشتى الطرق محاربة إيران وأدواتها في المنطقة، وهي تعتقد أن الضغط على اللبنانيين إقتصاديًا قد يدفعهم إلى الإنقلاب على “حزب الله” وتحميله مسؤولية ما آلت إليه أوضاعهم الإقتصادية والمالية، فيما ترى فرنسا عكس ذلك إذ لا يجوز الخلط بين ما هو مفيد للبنان وبين ما يضرّ بمصالحه، وهي تعتبر أن مساعدة لبنان للخروج من أزماته المتراكمة قد يساهم في التخفيف من تأثيرات “حزب الله” على الساحة اللبنانية الداخلية، الذي سيجد نفسه مضطرّا وتلقائيًا للإنخراط في مشروع الدولة، التي تحاول أن تنأ بنفسها عن كل مشاكل المنطقة، وهي لن تكون في محور ضد آخر، على رغم إنقسام اللبنانيين على الخيارات الإقليمية، خصوصًا في هذه الظروف، التي يختلط فيها الحابل بالنابل، وبالتحديد في ما يجري من معارك في إدلب وتداخل المصالح الأميركية والروسية والتركية والإيرانية، بما يؤّشر إلى أن المنطقة مقبلة على مرحلة من التسويات السياسية في ضوء ما سيسفر عنه الميدان من نتائج.