الوزير المشرفيه في سوريا: ما لم يقم به باسيل

تتماشى الزيارة مع موجة المواقف العنصرية الاعتادية وعلى رأسها التيار الوطني الحر

5 مارس 2020
الوزير المشرفيه في سوريا: ما لم يقم به باسيل

Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/beirutnews/public_html/wp-content/themes/newsbt/includes/general.php on line 742
beirut news
نادر فوز
في خطابه يوم 13 تشرين الأول الماضي، أكد وزير الخارجية السابق جبران باسيل أنه عازم على زيارة سوريا. قال “أنا أريد أن أذهب إلى سوريا لكي يعود الشعب السوري إلى سوريا، ولأني أريد للبنان أن يتنفّس بسيادته واقتصاده”. فنالت تلك القنبلة السياسية ما تستوجب من ردود ومواقف، خصوصاً أن ذلك الخطاب جاء لتهديد كل اللبنانيين. إذ قال باسيل فيه أيضاً “نحن كالماء سنجرفكم دون أن تتوقعوا”. وبعد أيام انفجرت ثورة 17 تشرين على باسيل وكل من في السلطة، سقطت الحكومة وبات وزيراً سابقاً. بات بإمكانه زيارة نظام بشار الأسد، اليوم قبل الغد، بصفته السياسية كرئيس للتيار الوطني الحر. لكنه لم يفعل حتى الساعة. فاللقاء اليوم لم يعد ذا قيمة، وفيه حسابات داخل التيار نفسه.

المشرفيه في سوريا
لكن ما عجز باسيل الرسمي عن القيام به، حقّقّه قبل أيام وزير الشؤون الاجتماعية والسياحة، رمزي المشرفيه. ما لم تحققّه حكومة المحاصصة السياسية، نفّذته حكومة التكنوقراط الصورية، حكومة العهد بإدارة حزب الله. فإذا كانت العلاقة الأمنية والعسكرية مع النظام في سوريا لا تزال مستمرّة من خلال الحزب، جاءت زيارة مشرّفيه لتعيد فتح الباب أمام العلاقة السياسية الرسمية مع نظامها. كأن لا شيء يحدث فيها من قتل ودمار وتهجير. وإذا كانت إعادة اللاجئين إلى سوريا مؤجلة اليوم، يبقى أنّ لا رسالة من لقاء المشرفيه بوزراء النظام السوري إلا إعادة رسم العلاقة معهم. أو ربما لأنّ وزراء الحكومة الحالية، لا أبواب عربية ودولية تُفتح أمامهم، باستثناء طريق المصنع. وللعلم، فإنّ زيارة المشرفيه هذه، هي الزيارة الوزارية الرسمية الأولى لأعضاء حكومة دياب. سبقتها زيارة غير معلنة، قبل أسبوع. فخطوة من هذا النوع بحاجة إلى تخطيط مسبق.

جدول الزيارة
جاء الخبر الصادر عن المكتب الإعلامي للوزير رمزي المشرفيه بتاريخ 2 آذار الجاري، على الشكل الآتي: التقى وزير الشؤون الاجتماعية والسياحة البروفسور رمزي المشرفيه خلال زيارة قام بها صباح اليوم إلى سوريا، وزراء الإدارة المحلية والبيئة المهندس حسين مخلوف، الشؤون الاجتماعية والعمل ريما القادري والسياحة المهندس محمد رامي مرتيني”. وبحسب البيان نفسه، عرض المشرفيه مع مخلوف والقادري “كيفية تحقيق شبكة أمان اجتماعي تساهم بعودة النازحين، وملف النازحين السوريين وتأمين عودة آمنة وكريمة لهم بالتعاون بين الدولتين اللبنانية والسوري… تطبيقاً لما ورد في البيان الوزاري للحكومة في الشق المتعلّق بملف النزوح”. يبدو أنه على اللبنانيين التعامل أيضاً مع بروفيسور آخر من الحكومة اللبنانية، زار سوريا في زيارة جدولها مكثّف. أما الحديث عن عودة “آمنة” فتؤكده التقارير اليومية عن حالات القتل والاعتقال والاختفاء للسوريين في مختلف أنحاء الدولة.

مشكلة نزوح؟
لا يزال البروفيسور المشرفيه، ومعه الحكومة اللبنانية الحالية وما سبقها، تتعامل مع اللاجئين السوريين بصفة “نازحين”. فاللاجئ يفرض على الدولة والمسؤولين فيها أعباء رسمية، ولو أنّ تجربة اللاجئين الفلسطينيين تشي بالعكس. فلم يرَ هؤلاء من الدولة إلا كل سوء على مختلف الأصعدة وأولها جعل مخيّماتهم مناطق موبوءة أمنياً متروكة بيد التنظيمات السياسية والعسكرية المختلفة. وفي حالة اللاجئين السوريين، الوضع أسوأ. فلا قواعد بيانات ولا تنظيم ولا أرقام، وبالتالي لا حقوق. وهرباً من كل هذا يصرّ المسؤولون اللبنانيون على استخدام صفة “نازحين”، كغيرهم من اللبنانيين الذين نزحوا من الجنوب إلى بيروت هرباً من العدو الإسرائيلي، أو السوريين الذي نزحوا من إدلب باتجاه الشمال بوصول قوات النظام وحلفائه الإيرانيين إليها. حتى تيار المستقبل، الذي يدّعي حرصه على الشعب السوري ودعمه لثورة شعبها، عندما قرر استحداث منصباً وزارياً لشؤون اللاجئين سمّاها “وزارة دولة لشؤون النازحين”. كل هذا يكرّس تكاتفاً سياسياً على مستوى قوى السلطة بوجه أزمة اللاجئين السورين التي تحوّلت منذ سنوات إلى قنبلة اجتماعية فعلية.

تعزيز السياحة؟
يذكر البيان أنّ المشرفيه بحث وزير السياحة السورية “وضع القطاع السياحي وكيفية تفعيله بما ينعكس إيجاباً على البلدين”. سياحة في سوريا المدمّرة المهجر أهلها؟ سياحة في لبنان المنهوب القادم على انهيار حتمي؟ هل هي سياحة عسكرية أو للراغبين على الاطلاع على وقع الأزمة الاقتصادية؟ تأتي هذه العبارة في البيان الصادر عن المكتب الإعلامي للبروفيسور، بسرياليتها، لتوضح كيف تتعامل الحكومة الحالية مع الأمور. وإذا كان بحث عودة اللاجئين يشتدّ بفعل ما يأتينا من مشاهد قمع يونانية بحق اللاجئين السوريين الهاربين من تركيا إلى أوروبا، فإنّ ذلك يفتح الباب أيضاً أمام موجة مواقف عنصرية جديدة.

العنصرية الاعتيادية
كان أول تلك المواقف ما كتبه عضو كتلة لبنان القوي (برئاسة باسيل)، النائب جورج عطا الله الذي غرّد على “تويتر” كاتباً: “من أول الأيام قلنا الحل بالنسبة لموضوع النازحين هو إنو نعبّي كم مركب بالنازحين ونبعتن بإتجاه أوروبا وساعتها منفرض… شروطنا بس شو الحلّ مع أطراف ما بيعرفوا غير النكايات حتى ع حساب وطنن”. وكرّر دعوته “الهيئة رح تزبط مع تركيا وتفرض شروطها على أوروبا مشان هيك لازم نلحِّق حالنا ونبعت كم مركب مليان نازحين صوب أوروبا ساعتها منكون عم نخلِّص بلدنا او عل قليلي منجبُر المجتمع الدولي يقوم بواجباتو تجاه لبنان. أحلى شي العنصرية وقت بتحمي وطنك”. ليس هذه المواقف العنصرية جديدة على المسؤولين في التيار الوطني الحر، وبالتأكيد لن تكون الأخيرة. والأكيد أنها اعتيادية شبه يومية، تحمّل اللاجئين مسؤولية كل الأزمة التي وصل إليها اللبنانيون، ولو أنّ العنصريين يؤكدون أيضاً على أنّ الفساد والهدر قد أكلا الدولة ومؤسساتها.

باكورة العلاقات العربية والدولية لحكومة دياب، كانت زيارة سوريا. لا داعي لقول المزيد.

المصدر المدن