هذه ملاحظات ميقاتي الحكومية… و’المصارف مخنوقة’

10 مارس 2020
هذه ملاحظات ميقاتي الحكومية… و’المصارف مخنوقة’

كتب رضوان عقيل في صحيفة “النهار” تحت عنوان “هذه ملاحظات ميقاتي الحكومية… والمصارف مخنوقة”: “يعاين الرئيس نجيب ميقاتي مسار الاوضاع في البلاد ويراقب ما تقدم عليه الحكومة في مقاربة أكثر من ملف على بساط الازمات المفتوحة، ولا سيما بعد اتخاذها قرار عدم سداد سندات “الاوروبوند”. واذا كانت لديه ملاحظات على اداء الرئيس حسان دياب، فإن الهم الاول يبقى عنده هو “كيفية تعاون الجميع للخروج من هذا النفق، لانه اذا استمرت الحال على ما هي فستكون الحصيلة القضاء على مصلحة الدولة والمؤسسات وسائر المواطنين الى اي جهة انتموا ما دام الجميع في مركب واحد”. وامام هذه التحديات لا يزال ميقاتي على موقفه من ضرورة “اجراء انتخابات نيابية وانبثاق سلطة جديدة تستعيد ثقة اللبنانيين”.

ان ما اقدمت عليه الحكومة من خيار تعليق دفع سندات “الاوروبوند” الى حين التفاوض مع الدائنين، بحسب ميقاتي “كان سيحصل عاجلاً ام اجلاً”، لكنه يرى انه “كان من الاجدى ان تقوم الدولة منذ استفحال الازمة قبل أشهر باطلاق عملية تفاوض مع الدائنين للوصول الى اعادة هيكلة منظَّمة لهذا الدين”.

ويتوقف ميقاتي هنا عند هذه الخطوة وحصولها ويدقق فيها من موقع المتابع الدقيق “لأن هناك فرقا كبيرا بين مجرد حصولها وما اذا توافرت عملية هندسة مالية كاملة للحصول عليها”.

ويدعو سائر المعنيين الى التطلع جيدا الى الحلقات المتمثلة بين المودع والدولة والمصرف المركزي الذي أقدم على تسليف الدولة لغايات سياسية “لاننا كنا نطلب منه حصول هذا الامر اســتنادا الى موافقات من مجلس النواب. وجرت عملية الموافقة على هذا الدين نظرا الى وجود ملاءة عند الدولة. ويأتي دور مصرف لبنان ليقول للمصارف كيف سيرد لها الودائع الموجودة لديه، فتــقوم الاخيــرة هنــا بالاتــفاق مع المودع على كيفية الحصول على امواله”.

في رأي ميقاتي ان “الملاءة المالية متوافره عند الدولة وبامكانها تغطية كل شيء”. ويضع ملاحظاته على الادارة اولاً “حيث يجب إظهار هذه الملاءة”. ويشدد على “حالة الانكار لدى البعض للواقع الذي نعيشه”، فيعتبر “ان لا شيء يمكن اصلاحه على طريقة تعالوا نضبط الامر”. ويستند الى “معادلة رياضية مفادها 1 زائد 1 يساوي اثنين، اي ان الاموال التي اعطيت لمصرف لبنان ذهبت الى الدولة التي انفقتها في اماكن عدة غير منتجة وصعبة الاسترداد”.

وماذا تقول للرئيس دياب الذي ورث هذه التركة الثقيلة؟ يجيب: “ان امام الحكومة مهمة وقف هذا الانهيار، على قاعدة ان المرء لا يستطيع ان يغير مكابح سيارته وهي تسير نزولا من دون فرامل. وان ما سيعمل عليه دياب هو ان تكون الضربة بأقل نسبة من الاضرار. وعندما تسلّم هذه المهمة كان يعرف ماذا ينتظره، والوصول الى أقل هذه الاضرار هو مقدار هذا النجاح. وبعد اخذ الحكومة الثقة كان عليها اتخاذ مثل هذا القرار، فتضع الملاءة في الحسبان مع إراحة مصرف لبنان والمصارف، لكن الحكومة مارست العكس فيما المصارف مخنوقة”.
وتوقف عند حديث دياب عن فشل النموذج الاقتصادي القديم “حيث انه لم يقدم البديل”. وبعد الكلام عن المصارف، لا يفوت ميقاتي التوقف “عند 200 ألف شخص يعيشون من القطاع المصرفي، وان الإقدام على تحجيم هذا القطاع سيولّد ازمة اقتصادية واجتماعية. البقرة وقعت، وقبل ذبحها يجب استعمال كل المحاولات لعلاجها للحفاط على حليبها”.

وفي رأيه ان “على قطاع المصارف ان يتعاون مع الدولة، وهو يتعاون مع مصرف لبنان ليكون الجميع في حلقة مترابطة وضمن فريق واحد. وبعد اتخاذ الحكومة قرار عدم الدفع لم يتم تلمّس الاطمئنان اللازم. وماذا بعد. ولا ننسى ان هناك قرارا سياسيا بخنق لبنان من جراء العقوبات”.

لا يعارض ميقاتي الحكومة لانها لا تعجبه “وهذا غير وارد”. وأمل منها ان تقوم بالدور المطلوب منها، وان الانتقادات التي يوجهها اليها هي “من اجل ان تكون الاضرار قليلة. ولا مجال امام (دياب) الا “إيقاف هذه المركبة التي فقدت فراملها. والاضرار حاصلة حتما”.

وردا على سؤال يقول: “ان رئيس الحكومة يعيش في لبنان، وهو يعرف سلفا ان التركة ثقيلة، واذا نجح سيكون عمله مقياسا، خصوصا ان الآراء في شأن خطوة الحكومة منقسمة بين من يصفها بالجريئة ومن يراها سابقة لأنها المرة الاولى التي تتخلف فيها الحكومة عن سداد الدين”. وفي موضوع صندوق النقد الدولي يقول: “اذا كان سيساعدنا، ربما يتم منعه من التعاون مع لبنان لأن من يسيطر عليه هم الذين يضعون العقوبات”.

ويعود في حديثه الى حال السنّة وانهم “اولاد الدولة ولا يقتصر الوضع على ابناء هذه الطائفة فحسب”. ويطلب من الرئيس ميشال عون وفريقه “اذا كانوا يريدون حقا انجاح هذه الحكومة العمل على تطبيق اتفاق الطائف بحذافيره او السعي الى استكمال تطبيقه في اسرع وقت ممكن لمنع استمرار التجاوزات على الدستور”، مع خشيته “ان تصل الامور الى مرحلة سياسية صعبة اذا استمرت هذه الشطارة في تجاوز الطائف”. وينبه: “اذا حصلت تعديلات علــى الطــائــف فــان الكل سيدفع الثمن”.

ولا يزال ميقاتي عند رأيه “بوجوب تقديم الانتخابات النيابية وتقصير ولاية المجلس الحالي من اجل ارساء الثقة بين المواطن والمسؤول، ولا سيما ان الاتجاه هو نحو اتخاذ قرارات صعبة”. ويعتبر “ان إعادة ثقة الناس بالسلطة والحكم تكون عبر تجديد الثقة بالاشخاص الذين تولوا السلطة او حجبها، واذا تم انتخاب برلمان جديد يصبح في الامكان اتخاذ القرارات المطلوبة لأن الناس تكون حددت خياراتها في صندوق الاقتراع”.
وينطلق من مسلّمة ثقة الناس بالمسؤول ويراها مهزوزة من خلال ما يحصل في الشارع “عندما نسمع كلن يعني كلن”. ويعود الى التذكير بمشروع قانون الانتخاب الذي قدمه والذي يقوم على اساس “خمس دوائر هي المحافظات الخمس التاريخية فتضم كل واحدة دوائر صغرى، وكل ناخب ينتخب لائحة مقفلة في الدائرة ويختار صوتين تفضيليين، الاول في دائرته والثاني في الدائرة التي يريدها”. وكل ذلك عند ميقاتي “من أجل خلق مساحة من الانصهار الوطني”.