ما مصير العام الدراسي.. ورواتب الأساتذة والأقساط؟

مع انتشار الفيروس أصبح التعطيل المدرسي مفتوحًا إلى أمد غير محدد

10 مارس 2020
ما مصير العام الدراسي.. ورواتب الأساتذة والأقساط؟
جنى الد هيبي
جنى الد هيبي

مصير العام الدراسي في لبنان دخل مرحلة الخطر، الذي يهدد الطلاب والأساتذة معًا.

كثيرون يصفوه بـ “أسوأ الأعوام الدراسية” التي مرت في السنوات الأخيرة، لا سيما بعد انتشار وباء فيروس “كورونا”.

بوادر المخاطر التي هددت العام الدراسي، لاحت في بدايته مع أسابيع التعطيل الطويلة التي رافقت اندلاع ثورة 17 تشرين الأول 2019. لاحقًا، اشتدت الأزمة الاقتصادية والقيود المصرفية، فوقعت المدارس الخاصة تحديدًا بأزمة تحصيل الأقساط من الأهالي، ما دفع أغلبها إلى الاقتطاع من رواتب المعلمين بنسبٍ متفاوتة تتجاوز الـ 50 في المئة، رغم عملهم بدوامات كاملة حتى في أيام تعطيل الطلاب.

أمّا الأساتذة المتعاقدين في التعليم الرسمي، فقد دفعوا الفاتورة الأكبر في هذه الأعطال القصرية، التي لا يتقاضون فيها أجور ساعات تعليمهم.

التعليم عن بعد؟
قبل يومين، اتخذت وزارة التربية والتعليم العالي قرار تمديد عطلة المدارس الرسمية والخاصة وجميع المعاهد حتّى تاريخ 15 آذار المقبل، مع ارتفاع مخاطر انتقال عدوى “كورونا” التي تفشت في لبنان، لا سيما بعد تسجيل عدد من إصابات الطلاب بالفيروس في إحدى مدارس بيروت.

وواقع الحال، يبدو أنّ هذا التعطيل أصبح مفتوحًا، وقد تضطر الوزارة إلى تمديده مع كلّ يوم تتوسع فيه رقعة انتشار “كورونا”. وبدأ النقاش يدور، ولو على المستوى الشعبي وفي الدوائر الضيقة، إن كان هذا الفيروس سيتسبب بنهاية العام الدراسي الحالي، وعدم العودة إلى الصفوف من جديد.

حيال هذه الأزمة المتفاقمة، برزت الإشكاليات حول مصير الشهادات الرسمية وإمكانية إجراء امتحاناتها بمواعيدها المحددة، وكذلك حول إمكانية الاستمرار في تعليم الطلاب عن بُعد في المدارس الرسمية والخاصة. وكلّ الاقتراحات المطروحة حتّى الآن، عن التعليم الإلكتروني “أونلاين”، لا تراعي واقع المدارس في لبنان، الذي لا يزال تعليمها تقليديًا وبدائيًا في القطاع الرسمي.

كما أنّ شريحة واسعة من الطلاب في القرى والمناطق الفقيرة لا يصلون إلى شبكات الانترنت، وغير مقتدرين ماديًا على تأمينها. والواقع في المدارس الخاصة ليس أحسن حالًا، إذ أنّ عددًا كبيرًا منها لا يتمتع بالجهوزية التكنولوجية الكافية بمختلف أوجهها، لضمان جودة التعليم وإنتاجيته. وفي الآونة الأخيرة، بدأ النقاش يدور في أروقة وزارة التربية والمركز التربوي للبحوث والإنشاء، عن كيفية إنشاء منصات تعليمية وإعادة تشغيل “التلفزيون التربوي” الموجود بشكل معطّل في دار المعلمين في جونية قبل عشرات السنين.

مصير الشهادات
وفي السياق، أشار مستشار وزير التربية، ألبير شمعون في حديث لـ “المدن”، أنه لا يزال باكرًا النقاش حول تمديد أو تقصير ​العام الدراسي​ الحالي، في ظل الإصرار على إجراء ​الامتحانات الرسمية​، وعدم اللجوء إلى خيار إلغائها. والوزارة حاليًا، تواصل عقد اجتماعات بين المدير العام للتربية ورؤساء ومدراء المناطق التربوية في مختلف المناطق.

قال شمعون: “ثمّة إصرار على الإلتزام بإجراء الامتحانات الرسمية في مواعيدها المحددة، وهو ما يتفق عليه قطاعي التعليم الرسمي والخاص. وقرار إقفال المدارس أسبوعيًا، تتخذه وزارة الصحة استنادًا إلى حالة الأوضاع الصحية المتوفرة لديها. وحاليًا، لا يمكن الحديث عن خطة باء لأننا في مرحلة ترقب”.

وعن إمكانية لجوء المدارس الرسمية إلى التعليم أونلاين، أجاب شمعون: “هناك بعض المدارس الرسمية أصبحت مهيئة للتعليم الإلكترونية، وأخرى تسعى للاستفادة من تجارب المدارس الخاصة، والنقاش حول الموضوع وضعناه على السكة حتّى نتخذ القرار النهائي في شأنه خلال هذا الأسبوع. وأيّ قرار نتخذه يكون بالتنسيق مع وزارة الصحة وبناءً على تطور الأوضاع الصحية في البلاد”.

من جهته، يشدد نقيب المعلمين في المدارس الخاصة رودولوف عبود على ضرورة إجراء الامتحانات الرسمية بمواعيدها، مع مناقشة شكلها وكمية المعلومات التي تشملها وتواريخها.

وأشار عبود لـ “المدن” أنّ النقابة تعقد اجتماعات متواصلة مع المديرية العامة للتربية، وتحديدًا مع المركز التربوي للبحوث والإنماء، بهدف وضع آلية تطبيقية للتعلم عن بُعد، في ظلّ سعي إدارات المدارس الرسمية إلى الاستفادة من تجارب المدارس الخاصة، بغية تعميم تعميم التجربة في الأزمة الراهنة.

لكن، هل طلاب المدارس الرسمية مهيئين لهذا الحل في الأصل؟ أجاب عبود: “كل هذه التفاصيل نبحثها، وتحديدًا بشأن الطلاب الذين لا يصلون لشبكات الانترنت وكيفية تأمين التعليم المتكافئ والعادل بينهم من مختلف الطبقات والمناطق”.

وحاليًا، “نسعى للابتعاد عن كلّ خيار ورقي أو يتطلب حضور الطلاب واجتماعهم، تفاديًا للاحتكاك ومخاطر انتشار الفيروس”.

لذا، “نركز البحث في فكرة تفعيل التلفزيون التربوي، والفيديو واليوتيوب، لا سيما أنّ كل الإحصاءات أكدت أن معظم الطلاب يملكون هواتف ويصلون إلى شبكات الانترنت، مع الأخذ بالاعتبار الأهداف المحددة في المناهج”.

الأساتذة ضحايا
وعن واقع الأساتذة في ظلّ هذه الأزمة، يعتبر عبود أنه قبل العامل الصحي، كان هناك عوامل ضغط أخرى على  الأساتذة هذا العام، وتحديدًا على المستوى الاقتصادي الذي تدهور بعد ثورة 17 تشرين الاول.

قال: “في أيام التعطيل القسري، كان معظم الأساتذة لا يتقاضون أجورهم بشكل كامل منتظم، رغم الضغوط التي تفرضها عليهم الإدارة وإجبارهم على مضاعفة جهود عملهم وإنتاجهم”.

يرى عبود أنّ العلاقة في الأساس ليست سوية بين الأساتذة والإدارات، وتحديدًا في المدارس الخاصة، ويصفها بـ “العلاقة التجارية” البحتة، في ظلّ غياب الاجراءات الصارمة بحق هذه الإدارات من قبل المراجع الرسمية في وزارة التربية ومصلحة التعليم الخاص.

وفيما يخصّ رواتب الأساتذة على المستوى القانوني، فـ”لا يجب ربطها بتحصيل الأقساط من أهالي الطلاب، لأن المعلّم يجب أن يتقاضى أجره مقابل العمل الذي يقدمه ويقوم به، بصرف النظر عن مشاكل الإدارات والأهالي”.

وهنا لا بدّ من الإشارة، وبشهادة عددٍ من الأساتذة الذين يتحفظون عن ذكر أسمائهم، هو أنّ إداراتهم لا تتوقف عن ابتزازهم في ظلّ هذه الأوضاع وتستغل حاجاتهم للعمل، سواء برمي مهمات إضافية على كاهلهم غير مدفوعة الأجر، وسواء باقتطاع رواتبهم من دون وتحديد مواعيد تعويضها.

وذكر عبود أنّ ما تقوم به النقابة ضمن لجنة الرقابة التي شكلتها، يرتكز على مناقشة أوضاع كل مدرسة على حدة، مع اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة وممثلي لجان الأهل المشاركين في هذه اللجنة.

تابع: “لقد وجدنا حلولًا ترضي بعض المعلمين في علاقاتهم مع إداراتهم. لكن الأزمة الكبرى هي في بعض المدارس التي لا تراعي الأصول الموضوعة، وتتخطى القوانين بشكل فاضح، ونسعى لمتابعتها، بناءً على شكاوى لعدد كبير من الأساتذة حتى من أهمّ المدارس التعليمية”.

إذن، مع انتشار “كورونا” وتدهور الأوضاع الاقتصادية في لبنان، هل لا يزال حماية العام الدراسي متاحًا؟ أجاب عبود: “الخطر الذي يهدد العام الدراسي لا يمكن انكاره أو تخطيه، والأولوية تبقى بحماية الشهادة الرسمية، والعمل على تنظيم العلاقة بين الأهل والإدارة والمعلمين”.

المصدر المدن