الأسباب الموجبة
بما ان النظام الاقتصادي في لبنان هو ليبرالي حر قائم على حرية المبادرة وحرية التداول وحرية التحاويل وحرية القطع وهذه المبادئ مكفولة في مقدمة الدستور اللبناني كما وفي القوانين المرعية الاجراء. وهذا النظام الاقتصادي يُشكّل ميزة أساسية للبنان لا يُمكن التفريط بها؛
وبما ان الظروف المالية والاقتصادية الاستثنائية التي يمر بها لبنان وضعت نظامه الاقتصادي في مواجهة الاستقرار النقدي والمالي ما أدى إلى تراجع الثقة الداخلية والخارجية بالقطاع المصرفي اللبناني؛
تنفيذا للبيان الوزاري في شقه المتعلق بمعالجة الأزمة النقدية والمصرفية سيما في الفقرة/أ/ حيث تضمن وجوب وضع الآليات المناسبة والضرورية من قبل السلطات المختصة في سبيل حماية أموال المودعين ولا سيما صغارهم، وتنظيم علاقة المصارف مع عملائها منعاً لأي استنسابية، ومنها تنظيم سحوبات العملاء وتأمين التحويلات المالية للمرض والدراسة في الخارج؛
وبما ان الظروف الاستثنائية أدّت بالمصارف منذ تاريخ 17 تشرين الثاني 2019 (تاريخ تعميم جمعية المصارف) إلى اتخاذ تدابير ووضع قيود بحقوق المودعين والعملاء لجهة عدم المساواة فيما بينهم وعدم تأمين الخدمات المصرفية المعتادة؛
وبما ان حماية أموال المودعين وإعادة انتظام العمل المصرفي والعمل على استمراريته تفرض توحيد وتنظيم التدابير والضوابط التي تقوم بها المصارف بُغية تطبيقها بشكل عادل على المودعين والعملاء بما يؤمن حماية الحقوق والمصالح المشروعة لهؤلاء المودعين والعملاء، وفي الوقت ذاته تأمين ديمومة واستمرارية القطاع مع تفعيل الإجراءات التي تسمح بتشجيع القطاعات الاقتصادية وتأمين استيراد المواد الأولية لهذه القطاعات،
وبما ان هذه المرحلة تتطلب إذاً اتخاذ إجراءات وتدابير استثنائية ومرحلية تهدف إلى وضع ضوابط مؤقتة تحمي حقوق المودعين وتعزز قدرات المصارف للقيام بواجباتها والحفاظ على الاستقرار النقدي والمصرفي وتالياً الاقتصادي، وتؤكد على تحرير التحويلات الجديدة الواردة من الخارج من أي قيود كانت تشجيعاً لإعادة انتظام العمل المصرفي وبالتالي تحفيز الاقتصاد الوطني،
وبما ان بعض الإجراءات والتدابير الاستثنائية التي يقتضي اتخاذها تفترض ايلاء مصرف لبنان صلاحيات محصور ومؤقتة تجيز له وضع ضوابط على بعض العمليات والخدمات المصرفية من ضمنها التحاويل المصرفية إلى الخارج وسحب الأوراق النقدية بالعملات الأجنبية واللبنانية واستعمال البطاقات المصرفية في لبنان والخارج بشكل يؤدي إلى تنظيم العمل المصرفي خلال فترة الظروف الاستثنائية، من خلال فرض موجبات على المصارف تحدّد طرق التعامل مع العملاء بصورة متساوية بعيداً عن الاستنسابية وتفعيل النشاطات الاقتصادية ضمن حدود الضوابط المؤقتة،
وبما ان أي تأخير إضافي في إتخاذ إجراءات استثنائية مؤقتة ووضع ضوابط مؤقتة من شأنها تضخيم الازمة التي تتربص بالقطاعين المصرفي والمالي،
لهذه الأسباب، نتقدّم باقتراح مشروع القانون المعجل المرفق.
مشروع قانون معجل
تنظيم ووضع ضوابط استثنائية مؤقتة
على بعض العمليات والخدمات المصرفية
< المادة الأولى:
إضافة إلى الصلاحيات المناطة بمصرف لبنان بموجب القوانين المرعية الاجراء سيما قانون النقد والتسليف، يكون لمصرف لبنان، بعد اقتراح وزير المالية وموافقة مجلس الوزراء، صلاحية إصدار قرارات وتعاميم استثنائية مؤقتة تطبيقية لهذا القانون وضمن مُـدّة سريانه وفي المواضيع المحددة فيه.
< المادة الثانية: نطاق تطبيق القانون:
مع الأخذ بعين الاعتبار المعاهدات الدولية ذات الصلة والقوانين المرعية الاجراء لا سيما القانون رقم 44 تاريخ 24/11/2015، يكون موضوع التدابير الاستثنائية المؤقتة المنصوص عليها في هذا القانون ما يلي:
– التأكيد على حرية التصرف بالأموال المحولة من الخارج بعد تاريخ 17 تشرين الثاني 2019 دون أي قيود.
– تنظيم السحوبات المالية والتحويلات المالية من حسابات العملاء للخارج لأسباب شخصية وعائلية.
– تنظيم التحويلات المالية من حسابات العملاء للخارج لأغراض مهنية واقتصادية ومنها التجارية والصناعية والزراعية والاستشفائية والتكنولوجية بشكل يحفّز الاقتصاد الوطني.
– تحرير العمليات المصرفية داخل لبنان من أي قيود.
– تحديد سقوف استعمال بطاقات الائتمان في لبنان والخارج.
يُستثنى من تطبيق أحكام هذا القانون، تماشياً مع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، العمليات التالية:
– أمول وايداعات البعثات الدبلوماسية الأجنبية والسفارات والمنظمات الدولية العاملة في لبنان.
– أموال الدولة اللبنانية ومصرف لبنان.
– المؤسسات المالية الدولية.
– صافي قيم بوالص التأمين العائدة لشركات إعادة التأمين وذلك بعد إثبات مقدار هذا الصافي بمستندات رسمية صادرة عن وزارتي المالية والاقتصاد.
< المادة الثالثة: الأموال المسماة «أموال جديدة»:
أولا: إن التحاويل الواردة من الخارج والايداعات النقدية بالليرة اللبنانية أو بالعملة الأجنبية التي تلقّتها وسوف تتلقاها المصارف العاملة في لبنان بعد تاريخ 17/11/2019 والمسماة في ما يلي «الأموال الجديدة» لا تكون خاضعة لأية قيود ويجوز بالتالي لأصحابها الاستفادة من جميع الخدمات المصرفية المتعلقة بها بما في ذلك التحاويل إلى الخارج والسحوبات النقدية وخدمات البطاقات المصرفية في لبنان والخارج، على ان تراعى دوماً شروط التعامل العامة مع المصارف والقوانين والأنظمة المرعية الاجراء.
ثانياً:
1 – ان استعمال الأموال الجديدة أو التصرف بها يخضع لمشيئة صاحبها أو لرغبة صاحب الحق المستفيد منها، ولا تخضع هذه الأموال إلى أي من الإجراءات والضوابط المنصوص عنها في هذا القانون.
2 – على المصرف متلقي «الأموال الجديدة» ان يفتح لديه، باسم صاحبها، حسابا خاصا جديدا أو متفرغا عن حساب مفتوح سابقا يتم من خلاله اجراء القيود المحاسبية اللازمة لتتبع استعمال هذه الأموال (الحساب الخارجي)، ويُحصر العمل بالحساب الخارجي بالأموال الجديدة دون سواها.
3 – بُغية اعتبار أي تحويل أموال جديدة واردة من مصرف في الخارج، يقتضي ان تكون هذه الأموال محولة عبر مراسل المصرف الأجنبي إلى مصرف عامل في لبنان أو مودعة نقداً بعملة أجنبية. وبكل الأحوال على المصارف العاملة الالتزام بالقوانين المرعية الاجراء وتعاميم مصرف لبنان الرامية لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.
4 – تبقى «الاموال الجديدة» خاضعة لاحكام البندين/1/ و/2/ أعلاه من المقطع ثانياً من هذه المادة، في حال تمّ طلب تحويلها، كلياً أم جزئياً، إلى أية عملة أخرى، أو تحويلها، كلياً أم جزئياً من المصرف المتلقاة اصلاً فيه إلى أي مصرف آخر عامل في لبنان وعلى المصرف في هذه الحالات ان يجري التحويل عبر مراسله الأجنبي.
< المادة الرابعة: التحويلات المصرفية للخارج:
أولاً: إن قيام المصارف العاملة في لبنان بتأدية خدمة تحويل الأموال إلى الخارج، لا يكون مصدرها «الأموال الجديدة»، يقتصر على تلبية النفقات التالية:
1 – الأقساط الجامعية والمدرسية لغاية مبلغ /30.000/ دولار أميركي.
2 – المعيشة في الخارج لغاية مبلغ /15.000/ دولار أميركي.
3 – الطبابة والاستشفاء لغاية مبلغ/ 20.000/ دولار أميركي.
4 – النفقات الملحة والالتزامات المالية (كالقروض والضرائب على سبيل المثال لا الحصر) الناشئة قبل تاريخ نفاذ هذا القانون.
ثانياً: تتم تلبية النفقات المذكورة أعلاه وإجراء التحويلات التي تقتضيها وفقاً للشروط والآليات التالية:
1 – تقديم مستندات صحيحة ووافية تثبت مقدار المبلغ المستحق المراد تحويله.
2 – ان تكون قد جرت العادة على تحويل هذه المبالغ من لبنان وذلك باستثناء نفقات الاستشفاء والطبابة.
3 – ان تكون مرتبطة حصرا بالعميل أو أفراد عائلته.
4 – ان يجري دفعها للجهة المستفيدة عند استحقاقها، باستثناء تلك العائدة لكلفة المعيشة.
5 – ان لا يكون للمودع طالب التحويل حساب مصرفي خارج لبنان.
6 – أن لا يتعدى سقف التحويلات مبلغ/50000/ خمسين ألف دولار أميركي أو ما يعادلها بالعملات الأخرى سنوياً*.
ثالثاً: تمويل استيراد المواد الغذائية الأساسية والمواد الأولية للزراعة والصناعة وقطاع تكنولوجيا المعلومات والقطاعات الاقتصادية التي ترى الحكومة ضرورة تشجيعها من ضمن خطتها للنهوض بالاقتصاد الوطني. ولأجل هذا الغرض، على كل مصرف عامل في لبنان ان يخصص لتمويل هذا الاستيراد نسبة لا تقل عن 0،5٪** من مجموع الودائع لديه بالعملات كافة.
المادة الخامسة: تحرير التعاملات الداخلية من القيود:
ان العمليات الأجنبية داخل لبنان بواسطة التحاويل أو الشيكات أو عن طريق البطاقات المصرفية لا تخضع لأية ضوابط.
< المادة السادسة: السحوبات بالليرة اللبنانية:
ان السحوبات النقدية بالليرة اللبنانية لا تخضع لأية سقوف أو قيود باستثناء وجوب إبلاغ المصرف قبل مُـدّة لا تقل عن /48/ ساعة بالنسبة للسحوبات التي تتجاوز قيمتها /25.000.000/ ليرة لبنانية للمودع الواحد وذلك بغية اتخاذ الإجراءات العملانية المقتضاة.
على المصارف ان تسدّد الرواتب والمعاشات والأجور والمعاشات التقاعدية بشكل كامل وفوري عند طلب صاحب العلاقة.
< المادة السابعة: السحوبات بالعملات الأجنبية:
نظراً للظروف الاستثنائية الحاضرة، وانطلاقاً من مبدأ التداول بالعملة الوطنية، تحدد السحوبات بالعملة الأجنبية لدى المصارف العاملة في لبنان بتعاميم دورية تصدر عن المصرف المركزي بالتنسيق مع جمعية المصارف والمصرف المعني* * *.
< المادة الثامنة: خدمات البطاقات المصرفية:
تحدّد الإجراءات المطبقّة على خدمات البطاقات المصرفية تأميناً للعدالة وعدم الاستنسابية في التعامل مع المودعين وفق الآتي:
1 – إنّ إستعمال البطاقات المصرفية بالليرة اللبنانية أو بالعملة الاجنبية في عمليات داخل لبنان خاضع فقط للحدود المسموح بها لكل بطاقة.
2 – ان استعمال البطاقات المصرفية خارج لبنان، بما في ذلك عمليات التجارة الإلكترونية بواسطة هذه البطاقات، يكون ضمن حدود يحددها كل مصرف استناداً إلى سياسة المخاطر المعتمدة لديه، على ان تخضع هذه الحدود إلى مبدأ العدالة في معاملة كافة المودعين، ويعود لمصرف لبنان تحديد السقوف العامة لهذا الاستعمال بموجب تعاميم دورية.
3 – يُمكن زيادة السقوف باستعمالها خارج لبنان عن طريق البطاقات المصرفية إذا أودع بحساب هذه البطاقات «أموال جديدة».
< المادة التاسعة: ايداع الشيكات في الحساب:
لا يُمكن قبض الشيكات المحررة بالعملات الأجنبية نقداً على شبابيك المصارف بل يتم إيداعه في الحساب. أما الشيكات المحررة بالليرة اللبنانية فيمكن سحب قيمتها نقداً وفقاً لسقوف يحدده مصرف لبنان بموجب تعاميم دورية* *** .
< المادة العاشرة: أحكام خاصة تتعلق بقروض التجزئة:
على المصارف قبول تسديد الأقساط أو الدفعات المستحقة بالعملة الأجنبية الناتجة عن قروض التجزئة (القروض الاستهلاكية وخطوط الائتمان المتجددة الاستهلاكية والشخصية والقروض السكنية..) بالليرة اللبنانية على أساس سعر المصرف الرسمي الصادر عن مصرف لبنان شرط أن لا يكون للعميل حساب بهذه العملة الأجنبية لدى المرفأ المعني يُمكن استعماله لتسديد هذه الأقساط أو الدفعات.
في حال وجود وديعة للعميل بالعملة الأجنبية لدى المصرف الدائن بالاقساط أو الدفعات المذكورة أعلاه، فلا يُمكن سحب هذه الوديعة أو تحويلها الى مصرف آخر قبل تسديد القرض.
< المادة الحادية عشرة: العقوبات:
يتعرّض المصرف المخالف للعقوبات المنصوص عنها في القوانين المرعية الأجراء والى العقوبات الإدارية المنصوص عليها في قانون النقد والتسليف.
< المادة الثانية عشرة: النصوص التنظيمية والتعاميم:
مع مرعاة المادة الأولى من هذا القانون، يعود مصرف لبنان وضع وتحديث وتبديل النصوص التنظيمية وآليات تطبيقها وتحديد مدتها في حدود مدة نفاذ هذا القانون.
< المادة الثالثة عشر: النشر ومدة النفاذ:
يعمل بهذا القانون فور نشره في الجريدة الرسمية وتكون مادة نفاده ثلاث سنوات من تاريخ نشره ويعود لمجلس الوزراء، بناء على اقتراح وزير المالية وبالتنسيق مع حاكم مصرف لبنان، تقصير هذه الفترة في حال تحسنت أو زالت الظروف الاستثنائية التي أوجبت إصدار هذا القانون.
—————
* أبدى معالي وزير الإقتصاد ملاحظةً مفادها أنه لا يمكن تحديد سقوف للتحويلات الى الخارج إلا بعد التأكّد من حقيقة الأرقام والإيداعات بالعملة الأجنبية العائدة للمصارف اللبنانيّة في الخارج ، لأن ذكر أي سقف دون هذه المعطيات قد يؤدي الى احتمال عدم تمكّن المصارف من الإلتزام به .
* * كانت النسبة المذكورة في هذه الفقرة موضوع نقاش و تضارب في الآراء .
* * * كانت هذه المادة موضوع آراء متضاربة حيث رأى بعض الحضور وجوب إزالة أي قيود أو ضوابط شرط السحب بالليرة اللبنانية على أساس سعر الدولار الموازي، بينما رأى البعض الآخر وجوب تنظيم هذه المسألة من قبل مصرف لبنان بموجب تعاميم دوريّة.
* * * * كانت هذه المادة موضوع تضارب في الآراء بين الحاضرين حيث رأى البعض وجوب السماح بقبض الشيكات ذات المبالغ الصغيرة نقدًا سواء بالعملة الوطنية أم بالعملة الأجنبية ، بينما رأى البعض الآخر وجوب منع هذا الأمر تمامًا عبر اشتراط إيداعها في الحساب، ورأى آخرون أن الشيكات بالعملة الأجنبية يجب أن تودع في الحساب بينما الشيكات ذات القيمة الصغيرة بالعملة الوطنية يجب السماح بقبضها نقدًا.