حكومة الـMieux vaut tard que jamais !

16 مارس 2020
حكومة الـMieux vaut tard que jamais !

لا يحتاج المواطن إلى معرفة ماذا سيقول رئيس الحكومة حسّان دياب، في كل مرّة يطل فيها لتلاوة بيان مكتوب، لأنه حفظ الإسطوانة، وبات هذا المواطن يعرف سلفًا أنه سيستهل بيانه بمرثاة وبأن حكومته مظلومة وهي تتحمّل وزرًا غير مسؤولية عنه، بل ورثته عن عهود سابقة، وأن الأزمات المتراكمة فوق رأسها، وهي لا تعدّ ولا تحصى، لينتقل بعد ذلك إلى الإكثار من أفعال التسويف… “سنعمل”… سننجز”… “سنقوم”… “سنقدم”… “سنعيّن”… “سنحاسب“…

 

فالخارج، الذي ينتظر هذه الحكومة على أكثر من كوع لا يفهم هذه اللغة، وهي لا تدخل في قاموسه عندما يتحدّث عن مساعدات معينة، بل جلّ ما يفهمه وينتظره هو ما له علاقة بأفعال الماضي المرتبطة بالحاضر كمثل “فعلنا”…”أنجزنا”…”قمنا”…”أقدمنا”…”عيّنا”…و”حاسبنا“.

 

لا أحد مغشوش بهذه الحكومة بعدما “كشّفت عن قرعتها”، وقد أصبح لبنان مكشوفًا أمام الرأي العام العربي والغربي والأميركي، وأمام المؤسسات الدولية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، بعدما “تمرد” لبنان على سداد ديونه وتمنّع عن دفعها، بحجة أنه لم يعد يملك ولا “بارّة”، حتى ولا قرشًا مقدوحًا، فمن أين له بالأموال لسداد ديونه، إذ بالكاد يعرف المسؤولون فيه حجم الإحتياطي من الدولارات التي يملكها، وذلك من أجل “دوزنة” ما له وما عليه، وهو اقل الإيمان في بلد “كل مين ايدو إلو”،  لا يُعرف الداخل من الخارج.

 

أما وقد إتخذت الحكومة في جلستها الإستثنائية، بعد إجتماع لمجلس الدفاع الأعلى، سلسلة تدابير وقائية وأعلنت التعبئة العامة، وهي خطوات كانت مطلوبة منذ 23 يومًا، أي قبل أن تقع البلاد في المحظور وقبل دخولنا نفق مكافحة وباء خبيث لم يتوصل الطب حتى هذه اللحظة إلى إكتشاف الدواء الشافي، فإنه لا يسعنا إلاّ أن تقول: Mieux vaut tard que jamais.

 

وكان يُفترض بهذه الحكومة القصيرة النظر أن تمنع الطائرة التي حملت إلينا هذا الفايروس القاتل من إيران، قبل أي دولة أخرى، من أن تحط على أرضنا، التي هي في الأساس سائبة، أو على الأقل كان يمكنها، مع تفهمنا أسباب عدم إتخاذها قرارًا بالمنع، وهو قرار يتطلب جرءاة وحرية إختيار، أن تخضع جميع ركابها، وكذلك ركاب كل الطائرات الآتية من بلدان موبوءة، كالصين وكوريا وإيطاليا ومصر وغيرها من الدول التي أصابها هذا الوباء الخطير.

 

فلو فعلت ما كان يتوجب عليها أن تفعله قبل 23 يومًا لكانت وفرّت عليها وعلى جميع اللبنانيين كل “المرمطة”، ولما كانت البلاد مضطرّة لأن تدخل في مرحلة غير منتجة، وأن يضطرّ المواطنون إلى “حبس” أنفسهم في منازلهم خوفًا من إلتقاط هذا الوباء، الذي أصبح منتشرًا بفضل قلة دراية الحكومة، وهي لم تكن لتعلن ما أعلنته لو لم يسبقها إليه الآخرون من إعلام وقيادات سياسية، ومن بينهم الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله.

 

ومنذ هذه اللحظة حتى ما شاءت الأقدار سيبقى اللبنانيون “مسجونين” في منازلهم، وستبقى أشغالهم معطّلة، وهي في الأساس متعثرة وغير ماشية، وستبقى البلاد مشلولة من دون حركة ولا بركة.