كتبت مرلين وهبة في “الجمهورية”: تتزايد المخاوف في لبنان من تدهور وضع “الأمن الصحي”، ويتساءل المواطنون المذعورون عمّن يُمسك بزمام أمنهم الصحي في وقت هم يعلمون أنّ حال الطوارئ الأمنية مَمسوكة من قبل القوى الأمنية والعسكرية.
ويعتبر المراقبون “انّ المواقف الحكومية متردّدة وتفتقد الى الصرامة إضافة الى اتهامها بأنها مُنقادة بأهوائها السياسية عندما تمنّعت عن اعلان حالة الطوارئ منذ بدء الازمة الصحية، فلم تبدُ كأنها “حكومة إنقاذ” ولا حكومة طوارئ، بل بَدت “كالحكومة الطارئة” على المستوى الإنقاذي الصحي”.
بنيما تؤكد مصادر طبية انّ الخطير في هذه الازمة انكشاف عدم جهوزية مراكز الدولة الطبية وافتقادها أجهزة أساسية، والدليل أنّ وزارة الصحة بذاتها “طُعنت” من داخل الوزارة بعدما طالتها كورونا في عقر دارها.
خليفة لـ”الجمهورية”: “عاصفة وستمر”
في المقابل، تبرز وجوه لبنانية تألقت في مجال الطب والابحاث الطبية ولمعت في لبنان والخارج، ومن أبرز هؤلاء البروفسور محمد جواد خليفة الذي غُيِّب عن المسؤولية في “حكومة الانقاذ” وفي أحوج الاوقات، لكنه سارَع من موقعه الانساني لتقديم خبراته الى المعنيين من اطباء ومسؤولين في الدولة منذ بدء الازمة. وفي خلاصة تفاؤلية لأزمة كورونا، يشبّه البروفسور خليفة الوباء بالعاصفة التي ستمر على البلاد وستنتهي لا محال. ويجب التعاطي معها برأيه بجهوزية للتخفيف من أضرارها.
ويقول: “كلما استمرت هذه العاصفة أقلّ كانت أضرارها ضئيلة، ولكنها في النهاية ستمر. ويجب على الدولة في المقابل التعاطي بمسؤولية ودراية وجهوزية للتخفيف من حدة الاصابات والسيطرة عليها، عبر اتخاذ إجراءات وقائية كالحجر والوقاية الصحية واعلان حالة طوارئ بيئية، للمساعدة على تقليص عدد الاصابات والخسائر في المرحلة الزمنية التي ستمر بها هذه العاصفة سواء من ناحية إعطاء فرصة لاكتشاف اللقاح او الدواء، أو من خلال معالجة المرضى المصابين بشكل سليم”.
أمّا الاجراءات المتخذة في لبنان حتى الساعة، فيصفها خليفة بالجيدة والممتازة. ومردّها، برأيه، وعي المواطنين الذين تجاوَبوا بشكل رائع وفي فترة زمنية قصيرة مع نداءات المؤسسات المسؤولة. فإعلان حالة الطوارئ لا يتم بشكل عام بل بشكل تدريجي، واصفاً خطوة إقفال المدارس واستعمال القيود والتوجيهات الاعلامية بالممتازة والسبّاقة في مواجهة أزمة كورونا.
للأخصائيين اللبنانيين أفكار صحية سبّاقة
يؤكّد خليفة انّ اللقاحات هي قيد التجربة راهناً، وعند التأكد منها ستعمّم على العالم كافة، وليس صحيحاً أنّ لبنان سيكون آخر من سيستفيد منها. امّا إجراءات الحجر المتخذة اليوم فهي للحد من انتشار الوباء، والهدف منها الابطاء في انتشار الفيروس في كافة انحاء العالم وتأخيره ريثما تظهر نتائج تلك الابحاث واللقاحات لتعمّم في العالم.
ويكشف خليفة انّ المختبرات المهمة في العالم بدأت بالتجارب لهذه اللقاحات كمرحلة اولى على الحيوانات، إذ لا يمكن تجربتها على الانسان قبل التأكد من سلامتها، مؤكداً انه خلال فترة زمنية قصيرة ستتمكن تلك الشركات العالمية الضخمة، التي تصنّع أدوية ولقاحات لأمراض ضخمة وخطرة وأكثر فتكاً من وباء كورونا، من إيجاد اللقاح والدواء لوباء كورونا.
يثمّن خليفة الافكار الصحية السبّاقة من قبل الاخصائيين اللبنانيين، والتي انتشرت بسرعة على وسائل الاعلام كما على مواقع التواصل الاجتماعي، ويصفها بالأمر الجيّد لأنّ العالم المثقّف برأيه يتابع باستمرار هذه الوسائل ويواكب أي جديد، كذلك الامر بالنسبة لحملة التوعية التي أعلنت عنها المؤسسات الامنية والاعلامية والادارية.
المطلوب الجهوزية
من الخطأ، برأي خليفة، حصر الجهوزية في مستشفى رفيق الحريري بل يجب إشراك المستشفيات الخاصة بالمهمة لأنّ القطاع الخاص هو الاقوى اليوم، ويجب الاقرار بأنّ هذا القطاع لا يملك الامكانات المادية الكافية لمعالجة الازمة منفرداً، فالمستشفيات لديها ديون على الدولة ومن واجب الدولة في هذه الأزمة منح السلف المالية الى المستشفيات الخاصة وتحميلها جزءاً من المسؤولية، وهي بدورها أعلم بكيفية التصرف والتعاطي بهذا الملف خصوصاً انّ 90 في المئة من المشكلة يكمن في الانكماش الاقتصادي الحالي.
الدرس الصيني
ويرى خليفة انّ العالم بأكمله تعلّم اليوم دروساً من التجربة الصينية، وكذلك لبنان يجب ان يتعلّم منها ومن أي جديد للتجارب الصحية في العالم. فالتجربة الصينية برهنت أولاً أهمية إقفال المدينة لاحتواء الوباء. وثانياً، الجهوزية الاستثنائية بعدما شاهد العالم كيف أنشأ الصينيون مستشفيات خاصة خلال 7 ايام عندما اكتشفوا النقص.
ويرى خليفة انّ على لبنان الاتّعاظ من هذه التجربة من خلال احتواء المرض او من خلال تفعيل عامل الجهوزية والتيقّظ من انّ المرض المنتشر ليس قاتلاً، ومن أصل 100 مريض احتاج 5 أشخاص لأجهزة تنفس، امّا البقية فكان علاجهم سهلاً بوسائل الطب العادية المعروفة.
ونظراً للامكانات المتوافرة، يعتبر خليفة انّ مواجهة الوباء كانت مقبولة، وشبيهة بإجراءات الدول التي تعاملت مع الوباء بالطريقة نفسها التي تعامل معها لبنان.
لقراءة المقال كاملا اضغط هنا