‘كورونا’ يعزل لبنان 11 يوماً… المستشفيات تستعد للأسوأ والأجهزة الطبية بدأت تنفذ

19 مارس 2020
‘كورونا’ يعزل لبنان 11 يوماً… المستشفيات تستعد للأسوأ والأجهزة الطبية بدأت تنفذ

بدأ لبنان فجر اليوم عزلته عن العالم الخارجي لمدة 11 يوماً، إثر قرار إغلاق مطار رفيق الحريري في بيروت أمام حركة المسافرين باستثناء البعثات الدبلوماسية وقوات “اليونيفيل” وطائرات الشحن حتى 29 آذارالجاري، تنفيذاً لقرار “التعبئة العامة” الذي أصدرته الحكومة اللبنانية في جلسة استثنائية عقدتها يوم الأحد الماضي، وقضت القرارات بإقفال مطار بيروت وجميع المرافئ الجوية والبحرية والبرية.

ويأتي إغلاق المطار بموازاة إقفال لبنان معابره البرية والبحرية والجوية، باستثناء اللبنانيين القادمين إلى لبنان عبر الحدود البرية السورية، وسيخضعون لإجراءات العزل والفحوصات الطبية إذا سُمح لهم بذلك.

التعبئة العامة دون عقبات
وقالت مصادر رسمية لصحيفة “اللواء” انه حتى الآن تطبق التعبئة العامة من دون ثغرات تذكر، لا سيما في الإدارات والمواقع الرسمية، حتى إن ثمة شركات ومؤسسات خاصة التزمت، ومن لم يلتزم سيجد نفسه في نهاية المطاف مجبرا على ذلك. وترى هذه المصادر أن اعتماد لبنان هذا التدبير لمواجهة خطر وباء عالمي ليس سهلا، وهو في الأصل كما أقرّ في مجلس الوزراء في العام 1983 كان مخصصا للوقوف ضد عدوان مسلح على لبنان، أما اليوم فهو ضد وباء لا يعطي مهلة لوقف اطلاق ناره، مشيرة الى انه إذا مرت فترة الأسبوعين من دون عقبات فذاك يضع لبنان في مرحلة متقدمة من قدرة المواجهة.

وفي المقلب الاخر، تقول اوساط مراقبة انه في وقت ليس بقصير سترتفع الاصوات في ما خص الخسائر الاقتصادية وارتفاع أسعار السلع في الوقت الذي لم تلحظ فيه خطة التعبئة العامة هذا الامر، خصوصاً لناحية المؤسسات الاقتصادية وأصحاب الدخل اليومي.

الاستعداد للأسوأ
وسط هذه الأجواء، كشفت مصادر معنية بالإجراءات الجاري تنفيذها لـ”النهار” ان ثمة جهات صحية وطبية وإدارية بدأت تستعد بشكل جدي لاحتمالات اتساع الحالة الفيروسية وتعاظم الإصابات حتى قبل اتضاح النتائج التي ستسفر عنها مراقبة الأسبوع الأول من حالة التعبئة ومدى الأثر الذي سينتج عن التزام حجم معقول جدا من المواطنين المنازل على إحصاءات الإصابات وتوقعاتها. وأوضحت المصادر نفسها ان ثمة سيناريو متقدما حيال المرحلة المقبلة يمليه التحسب لاحتمال اتساع الإصابات بشكل كثيف ما لم تظهر معالم معاكسة في الأيام القليلة المقبلة بما يعني انه سيكون امام السلطات الأخذ باجراءات جديدة اكثر جذرية وتشددا تصل الى حدود منع التجول بشكل جذري وحاسم أولا ومن ثم التدرج في الإجراءات تبعا لما تظهره الخريطة الاستشفائية والجغرافية لتوزع الإصابات المحتملة بالفيروس . وقالت انه على رغم ان التزام المواطنين منازلهم يظهر نسبة جيدة ومشجعة، فانه لا يزال مبكرا الاتكال على معطيات إيجابية قد لا تصمد الا لفترة خاطفة، وينبغي ان تجري حمايتها بمنتهى الحزم، بل ان السيناريو المطروح لإمكان اتساع الإصابات يركز على واقع المستشفيات اذ يطرح امكان البحث مع وزارة الصحة في حال اتساع اضافي للإصابات ان تخصص كل المستشفيات الجامعية الكبرى في بيروت لمعالجة المصابين بكورونا، فيما تخصص مستشفيات أخرى خارج بيروت للمرضى العاديين بما يوفر العلاج اللازم لجميع المرضى وحمايتهم. وفي أي حال فان تقويم الإجراءات الجارية حاليا وما ينتظر في المرحلة التالية سيشكل محورا أساسيا في مناقشات مجلس الوزراء اليوم في قصر بعبدا. ويرجح ان تتريث الحكومة في اتخاذ خطوات إضافية قبل اتضاح نتائج الالتزام بالإجراءات المعلنة.. وفي الوقت نفسه اعلن وزير الخارجية ناصيف حتي انه وجه رسائل الى جميع السفارات الأجنبية في لبنان وطالبها بتقديم أي مساعدات ممكنة للبنان .

وفي سياق متصل، علمت “اللواء” ان الحكومة طلبت مساعدات من عدد من الدول الصديقة والشقيقة لمواجهة “الكورونا” لكن لا اجابة لأي منها على هذه الطلبات، باستثناء منظمة الصحة العالمية، في وقت ذكرت صحيفة “الأخبار” أن الحكومة تلقت أمس أجوبة سلبية من ألمانيا وشركات أوروبية بعدم القدرة على تزويد لبنان بأجهزة تنفس وحاجات خاصة بمواجهة كورونا لأن الأولوية هي لأوروبا.

نقص في أجهزة التنفس
وفي السياق عينه، وقبل نحو أسبوع، نفد مخزون أجهزة التنفس (الذي كان محدوداً جداً) لدى الشركات التي تستوردها بسبب الطلب عليها. وبحسب المعطيات، فإن استيراد أي شحنة لأجهزة التنفس التي تُستخدم في المنازل لن تصل قبل نهاية نيسان المقبل، أما تلك التي تُستخدم في غرف العناية المُشدّدة فـ”لن تصل قبل تموز المُقبل”، بحسب أمين سر نقابة مُستوردي المُستلزمات الطبية جورج خياط. وعلمت “الأخبار” أن وزارة الصحة تواصلت، أخيراً، مع النقابة لتأمين نحو 100 جهاز تنفس، “إلا أن مخزون الأجهزة نفد الأسبوع الماضي”، وفق خياط الذي لفت إلى أن “واقع استيراد المُستلزمات الطبية لم يتغير، بل بات أسوأ. ومن أصل حاجة الشركات والمُستوردين إلى تحويل 140 مليون دولار منذ تشرين الأول الماضي، تم تحويل أقلّ من 10 ملايين بسبب أزمة الدولار”. ويعني التأخير في وصول شحنات أجهزة التنفس أن التعامل مع الحالات الحرجة في حال تفاقم أعدادها سيكون صعباً!
إلى ذلك، ووفق معلومات “الأخبار”، فإن مصير المُستشفيات الحكومية الثمانية (البوار، طرابلس، صيدا، بنت جبيل، الهرمل، مشغرة، بعلبك وسبلين)، التي أعلنت لجنة الصحة النيابية منذ أسبوع تجهيزها في المناطق، لا يزال غامضاً. والسبب أن آلية صرف الأموال المخصصة لها ( 39 مليون دولار من قرض من البنك الدولي) لم تعرف بعد، “إذ لم تتضح طبيعة التجهيزات التي تحتاج إليها هذه المُستشفيات، وما إذا كان البنك الدولي سيمنح موافقته على تأمينها أو لا”، وفق مصادر مطلعة.
لذلك، علمت “الأخبار” أن هناك توجهاً نحو إرسال فرق صحية وطبية إلى بيوت عدد كبير ممن يشتبه في حاجتهم للخضوع لفحوصات مع البحث في خيار علاجهم في المنزل في حال لم يكن وضعهم يستدعي نقلهم إلى المُستشفى، على أن تكون الأولوية، في ظلّ نقص التجهيزات ومعدات التنفس الاصطناعي، لأصحاب الحالات الحرجة”، علماً بأن خيار “الفحوصات الجوالة” يسمح بتكثيف الفحوصات تزامناً مع الالتزام بالحجر المنزلي، لمعرفة نطاق انتشار الفيروس والسعي إلى السيطرة على الوضع.