أيام عصيبة يعيشها اللبنانيون وهم يواجهون انتشار “كورونا”، ويفاقم الفساد الذي اسشترى في المؤسسات العامة والصحية من خطورة الوباء وصعوبة مواجهته.
وإذ كشف وزير الصحة حمد حسن أن منسوب التفاؤل بمكافحة انتشار “كورونا” قد تراجع، لكن لا يبدو أنه اتخذ، حتى اللحظة، قراراً بتجهيز المستشفيات الحكومية في المناطق لاستقبال الإصابات المحتمل اكتشافها، على الرغم من توافر تمويل أقلّه لتجهيز بعضها.
وبعد نحو شهر من إعلان تسجيل أول إصابة، يشكو رؤساء بلديات من حاجة مناطقهم لمستشفيات ومراكز حجر مجهزة.
لكن يبدو أن خطورة الوضع لم تستدع بعد تجهيز هذه المستشفيات، فيما يفاخر الحزب الذي عيّن الوزير بتجهيز المناطق التي يسيطر عليها بالمراكز اللازمة، واستعداده لمواجهة الوباء فيها.
ويكشف وزير الصحة السابق غسان حاصباني لـ”نداء الوطن” عن توافر مبلغ 66 مليون دولار، يمكن للوزارة صرفه متى شاءت لتجهيز المستشفيات.
“الأموال موجودة وقد تمكنت قبل نهاية العام 2018 من تأمين 30 مليون دولار من البنك الإسلامي، مخصصة لتجهيز الطوارئ والعناية في المستشفيات الحكومية عبر مجلس الإنماء والإعمار.
كما أمنّا مبلغ 36 مليون دولار من البنك الدولي لتغطية الفحوصات الخارجية في المستشفيات، ويمكن استخدام هذا التمويل لشراء فحوص الكورونا”.
ووفق حاصباني فإن هذه المبالغ لم يصرف منها شيئ. ما يعني أن الوزير الذي خلف حاصباني لم يعمل على تجهيز المستشفيات، على الرغم من كثرة جولاته ووعوده. وما يطرح السؤال عن سبب استعجال الوزير الحالي لجمع التبرعات قبل استخدام هذه المبالغ.
وفي حين يتخوّف أطباء من عدم قدرة أجهزة التنفس على تلبية حاجة المرضى في حال تفشى الوباء، يشير حاصباني إلى أن كلفة أفضل جهاز لا تتجاوز العشرين ألف يورو، تضاف إليها كلفة تجهيز غرفة العزل، ليتراوح مجموع الكلفة بين 30 و40 ألف يورو.
وبما أن المبالغ متوفرة فيمكن لوزارة الصحة تأمين أجهزة تنفس جديدة لمواجهة مشكلة النقص. ووفق الحسابات التي يعتمدها، يقدر حاصباني عدد الحالات المكتشفة بحوالى 30% من مجموع الحالات المثبتة، “فالكثير من الحالات لم تجر الفحوص ولم تتأكد إصابتها، كما أن عدم ظهور حالات في بعض المناطق لا يعني خلوها من الإصابة، إنما قد يعني أن المصابين لم يجروا اختباراً”.
يؤيّد حاصباني فكرة عزل المناطق التي اقترحها حسن ورفضها مجلس الوزراء، لكنه يلفت إلى أن القرار يتطلب مراكز محلية في المناطق، لتؤمن أماكن عزل محلية ومستشفىً خاصاً بالعزل، “فتخفيف التنقل يتزامن مع سياسة متكاملة ضمن المنطقة المعزولة”.
وإذ تبدو هذه الخطوات من البديهيات، يبدو مستغرباً تأخر الحكومة في الشروع بها. ويطالب رئيس بلدية جبيل، وسام زعرور، بتسريع إنشاء مركز حجر صحّي مراقب من قبل وزارة الصحة ضمن قضاء جبيل.
“الأمر يحتاج لعمل سلطات أعلى من رئيس بلدية، نحاول تأمين مركز لكن من سيراقبه؟؟ جهات رسمية غيرنا تتواصل مع الوزارة في محاولة لتأمين التجهيز اللازم لمستشفى البوار الحكومي، لكن حتى الآن لم يظهر شيء”.
وفي مدينة جبيل لم يعد بالإمكان إجراء فحص لكشف الإصابة بالكورونا، إذ أن أدوات الفحص نفدت في المختبر الذي كان يجريها.
ووفق زعرور، سجلت في قضاء جبيل حتى مساء أمس 25 إصابة، منها حالتان في المدينة. وفي حين لم يفهم زعرور ما قصده وزير الصحة بعزل المنطقة، يؤكد ان قرار العزل متّخذ أصلاً، “وإلى الآن نسيطر على الوضع لكن عندما يتخطى عدد الإصابات في نطاق البلدية العشر، كما نرجح، سيتجاوز الأمر قدرتنا الاستيعابية”.
بدوره يوافق رئيس اتحاد بلديات كسروان جوان حبيش على فكرة عزل المناطق خشية تكرار تجربة إيطاليا. ويدعو إلى المزيد من التشدد والقساوة لمواجهة انتشار الوباء، “لأن الوضع سيئ وهناك أشخاص التقوا مصابين.
ومن التقوا مصابين يعزلون أنفسهم. بلدية جونية تتشدد في الإجراءات وتستفسر عن وجهة من تجده في الطريق. وبعض الشباب باتوا يتوجهون إلى السوبرماركت للتنزه”.