‘الكابيتال كونترول’ في جلسة مصيرية اليوم… بري يرفع ‘الكارت الأحمر’ وتسديد الديون يعلّق تمهيداً للتفاوض

24 مارس 2020
‘الكابيتال كونترول’ في جلسة مصيرية اليوم… بري يرفع ‘الكارت الأحمر’ وتسديد الديون يعلّق تمهيداً للتفاوض

يعود مجلس الوزراء إلى الاجتماع، اليوم، لدرس ثلاثة بنود هي: فرض ضوابط على سحب الأموال وتحويلها (كابيتال كونترول)، والتخلف عن دفع الديون، إضافة إلى أزمة كورونا، حيث يتوقع أن تقر الحكومة مجموعة من الإجراءات التي ينبغي أن تؤدي إلى السماح للأسر بالصمود في وجه البطالة التي سببها قرار التعبئة العامة. في مشروع الكابيتال كونترول يبدو أن الأمور لا تسير باتجاه إقراره. فالفيتو الذي وضعه الرئيس نبيه بري، إضافة إلى رفض حزب الله تشريع تهريب الأموال إلى الخارج، حتى لو كان السقف ٥٠ ألف دولار، أعاد الأمور إلى النقطة الصفر.

مع ذلك، فقد أكملت اللجنة المعنية بدراسة المشروع عملها، إذ عقد اجتماع بعد ظهر أمس في السراي لمناقشة المشروع. لا تعديلات جوهرية على المسودة الأخيرة، بعد فشل محاولة جمعية المصارف إعطاء المشروع مفعولاً رجعياً، بحسب “الأخبار”. وعليه، وفي حال لم تطرح تعديلات جدية تجيب عن هواجس المعترضين، فإنه سيصعب على المصارف تشريع القيود التي تضعها على المودعين خلافاً للقانون. ومع انتهاء استحقاق اليوم، تتجه الأنظار إلى جلسة الخميس، التي يفترض أن تضم في جدول أعمالها تعيين أعضاء لجنة الرقابة على المصارف، الذين قاربت ولايتهم على الانتهاء. وحتى مساء أمس لم يكن قد اتفق على الأسماء وسط تضارب في المعلومات، بين تغيير كل أعضائها الخمسة، والإبقاء على العضوين أحمد صفا وجوزف سركيس.

جلسة مهمة اليوم في السراي الحكومي
تكتسب جلسة مجلس الوزراء التي ستعقد اليوم أهمية لجهة بت نقطة بارزة وعالقة منذ بدء الازمة المالية والمصرفية في لبنان وهي تتصل ببت مصير مشروع الكابيتال كونترول الذي اثير حوله جدل كثيف منذ اشهر. ذلك ان مجلس الوزراء يفترض ان يشهد اليوم عرضا لتعليقات وملاحظات الوزراء على المشروع كما كان رئيس الحكومة حسان دياب قد طلب من الوزراء في الجلسة السابقة. ولكن الأجواء عشية الجلسة لم تكن لمصلحة إقرار المشروع في ظل معطيات أساسية من ابرزها : ان المشروع الأصلي للكابيتال كونترول الذي أعده قبل ثلاثة أسابيع وزير المال غازي وزني قد تعرض لتعديلات جوهرية على ايدي جهات عدة منها الفريق الاستشاري لرئيس الحكومة وجمعية المصارف وحاكمية مصرف لبنان وغيرها، الامر الذي بات معه المشروع في شكل ومضمون مغايرين للمشروع الأساسي. ثم ان امرا أساسيا يصطدم به المشروع هو رفض رئيس مجلس النواب نبيه بري طرح أي مشروع للكابيتال كونترول على مجلس النواب من منطلق اعتباره ان قانونا كهذا ليس مفترضا إقراره أساسا لانه مخالف للدستور كما انه يظلم المودعين بالعملات الأجنبية. وليس من الواضح تماما ما اذا كان مشروع الكابيتال كونترول مرتبطا بما يجري الاستعداد له على صعيد تعيينات نواب حاكم مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف. وقد علمت “النهار” في هذا السياق ان جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل المرجح انعقادها في قصر بعبدا ستطرح فيها تعيينات نواب حاكم مصرف لبنان، وقد أصبحت هذه التعيينات جاهزة وستكون كلها من أسماء جديدة ولن يكون هناك تمديد لاسماء سابقة، بل ان وزير المال وضع ثلاثة أسماء لكل نائب حاكم وان الأسماء وضعت وفق معايير الكفاءة والمؤهلات ولم تخضع للحسابات السياسية.

الاتصالات مستمرة
وفي حين تتواصل الاتصالات بين الوزراء لتمرير المشروع المعدل في مجلس الوزراء، تشير مصادر رسمية لـ”اللواء” الى اختلاف في وجهات النظر بين الوزراء حول بعض مواد مشروع “كابيتال كونترول”، لا سيما لجهة الاقتطاع من ايداعات المودعين، علماً انه يطال اجراءات اخرى لا تتعلق بالمودعين بل بعمليات التحويل وتنظيم الوضع النقدي والمصرفي، بهدف معالجة الوضع المالي للدولة ولمصرف لبنان وللمصارف.ولذلك اطلقت على المشروع رسمياً تسمية “تنظيم ووضع ضوابط استثنائية موقتة على بعض العمليات والخدمات المصرفية”.

وحسب المصادر النيابية المنتظرة للاطلاع على الصيغة النهائية للمشروع، فإنه يتعلق بإعادة تنظيم كل الوضع المصرفي والنقدي، حتى في موضوع اعادة جدولة او هيكلة الدين العام، لتخفيف الخسائر قدر الامكان، وهذا يعني وجود خطة شاملة كاملة لتنظيم الخدمات المصرفية والوضع المالي والنقدي.

لكن المصادر النيابية قالت لـ”اللواء” ان المشروع سيُحال في نهاية المطاف الى المجلس لدرسه في اول جلسة تشريعية بعد انتهاء فترة الحجر الصحي، وان كتلة التنمية والتحرير لن تمشي بالمشروع، بينما ثمة كتل اخرى ستعمل على تعديلات فيه.

بري والكابيتال كونترول
وعشية جلسة مجلس الوزراء استرعى الانتباه تصاعد نبرة “عين التينة” في مواجهة هذا المشروع، لا سيما وأنّ مصادر قريبة من رئيس مجلس النواب نبيه بري أكدت لـ”نداء الوطن” أنّ “هناك أولويات على الحكومة التوقف عندها قبل مشروع الكابيتال كونترول”، موضحةً أنّ “الرئيس بري يرى موضوع الصحة هو الأولوية الآن في ظل العجز الكبير في مستشفيات المناطق وعدم القدرة على إجراء فحوصات الكورونا، فضلاً عن مسألة المساعدات الاجتماعية التي بات لزاماً على الحكومة أن توليها الأهمية لأنّ الناس “ضربهم الجوع” ولا تكفي مبادرات الهيئات والمنظمات والنواب والمؤسسات والأفراد لأننا مقبلون على ما هو أسوأ”.

وعن مصير مشروع “الكابيتال كونترول”، تشدد المصادر على أنه “إذا كان لصالح المصارف على حساب المودعين فهو لن يمر”، مضيفةً: “جرت محاولات لإدخال تعديلات على المشروع فتم تشويهه ليتحول معها الى مسودة لحماية القطاع المصرفي على حساب المودع والرئيس بري همه الأول هو المودع ووديعة المودع وليس المصارف”.

وإذ ترجح ألا يخرج مجلس الوزراء متفقاً على المشروع وفق الصيغة الراهنة، تشير المصادر إلى أنه عندما يحال إلى مجلس النواب فعندها “لكل حادث حديث”، مجددةً التأكيد أنّ بري سيتصدى لهذا المشروع “المخردق” وهو كان قد وجّه رسالة واضحة بهذا الشأن مفادها أنه “إذا بدكن تلعبوا مع المودعين” فمشروعكم لن يمر.

مصادر السرايا ترد
أما على ضفة السراي الحكومي، فلفتت مصادر رئيس الحكومة إلى أنّ جلسة اليوم “ستستكمل البحث في مشروع الكابيتال كونترول بعدما وضع كل الوزراء ملاحظاتهم عليه”، وقالت لـ”نداء الوطن”: لا شيء محسوماً بعد، إما يقرّ الوزراء المشروع أو لا يقرونه، وإذا مر المشروع في مجلس الوزراء فقد لا يمر في مجلس النواب”.

ورداً على سؤال عن موقف رئيس المجلس النيابي وما إذا كان مقدمة لنسف المشروع، تكتفي مصادر رئيس الحكومة بالإجابة: “ليس بالضروري، فهناك قرارات كثيرة مرّت دون موافقة الوزراء الشيعة”، داعيةً إلى انتطار جلسة مجلس الوزراء التي ستعقد الخميس في بعبدا لاتخاذ القرار المناسب بشأن المشروع بعد استكمال درسه اليوم.

وما حاذرت مصادر السراي قوله بصريح العبارة، ذهبت إليه مصادر وزارية عبر وضعها موقف بري في الخانة “الشعبوية”، قائلةً: “الهدف الأساس من هذا الموقف هو إرضاء جمهوره في ظل موقف “حزب الله” المتردد حيال مشروع الكابيتال كونترول”.

عدم دفع الديون يدخل حيز التنفيذ
وإضافة الى الكابيتال كونترول، يتجه لبنان إلى عدم دفع جميع مستحقات سندات اليوروبوندز بالعملات الأجنبية وفق ما أعلنت وزارة المال، اما المحادثات مع الدائنين فإن الحكومة تعتزم اجراءها في أسرع وقت وعليه فإن وزارة المال تخطط لاجراء تبيان للمستثمرين في 27 من شهر آذار الحالي وقد تمّ إعطاء توجيهات إلى الاستشاري المالي (LAZARD) ليباشر بالترتيبات تسهيلاً لهذه المحادثات.

واستكملت الحكومة اللبنانية الإجراء الأول الذي اتخذته هذا الشهر، والقاضي بتعليق تسديد المستحقات عليها من الديون السيادية بالعملة الصعبة، بقرار جديد أعلنته أمس، وقضى بالتوقف عن دفع كامل الديون السيادية بالعملة الصعبة. وقالت مصادر مواكبة إن هذا الامتناع “قسري وليس كيفياً”، موضحة في تصريحات لـ”الشرق الأوسط”، أن عدد الإصدارات 29 إصداراً، تبلغ قيمتها 30 مليار دولار، بينها 12 ملياراً لدائنين محليين. وقالت المصادر إن آجالها تتراوح بين استحقاقات في 2020، وتنتهي في 2037، موضحة أن فوائدها تتراوح بين 5.8 في المائة في أدنى معدل فائدة على تلك السندات، و12 في المائة في أعلى نسبة في الفوائد المترتبة على تلك السندات.

وقالت المصادر إن التوقف عن الدفع تمهيد للتفاوض على كامل الحزمة من الديون السيادية بالعملة الصعبة، ضمن عملية إعادة هيكلة الدين العام. وقالت إن التفاوض الذي يتوقع أن يبدأ خلال أشهر، يشمل 3 مناحٍ أو أحدها أو اثنين منها، وهي: التفاوض على الآجال، والفوائد، والقيمة الأصلية، وهي أمور لا يمكن الجزم بها حتى الآن لأنها خاضعة للتفاوض. وأشارت المصادر إلى أن أغلب الظن أن يتفاوض لبنان مع الدائنين على تسديدها خلال مدة أطول وفائدة أقل، لافتة إلى أن الطرح الذي يطرحه لبنان يتلخص بالتفاوض على آجال تتراوح بين 10 و20 عاماً.

وتندرج إعادة الهيكلة ضمن إطار إدارة مالية جديدة للاقتصاد اللبناني، وهو ما أوحى به البيان الصادر أمس عن وزارة المالية التي قالت إن الحكومة ستتخذ جميع الإجراءات التي تعدّها ضرورية لإدارة احتياطي لبنان المحدود من العملات الأجنبية بحكمة وحذر. وقالت المالية: “لا تزال الحكومة ملتزمة بشكل صارم بمبادرتها ثلاثية المحاور الخاصة بالإصلاح الاقتصادي، وهي في صدد تطوير خطة اقتصاد كلي مستدامة لتصحيح وضع الاقتصاد اللبناني”.