ومع تطور هذه الأزمة والازدياد السريع في وتيرة أعداد المصابين، أصبحت المناطق المهمّشة والمحرومة محط الأنظار بسبب الخطر الذي يشكله وباء كورونا على هذه المناطق الكثيفة السكان، وما قد يخلفه من تداعيات على الوضع المعيشي للأهالي، خصوصاً مع إقرار التعبئة العامة في البلاد.
خوف مضاعف
ويبدو من جولتنا في المنطقة أن السكان يلتزمون نسبياً التعبئة العامة، التي أعلنتها الحكومة في 15 آذار الجاري.
فالسوق الشعبي الذي عادة ما يضج بالعربات وأصوات البائعين والمارة، بات شبه خال، ويقتصر عدم الإقفال على بعض محال الخضر والدكاكين الصغيرة.
ولا ينكر أهالي المنطقة أن الخوف من انتشار فيروس كورونا مضاعف لديهم، مقارنة بالمناطق الأخرى. ذلك لأن حالة واحدة يمكن أن تكون شرارة انتشار واسع بسبب الاكتظاظ السكاني والتلوث البيئي في المنطقة، لا سيما المنبعث نهر الغدير.
نذر انفجار اجتماعي
لكن البعض في هذه المنطقة يقول: “يخيّروننا في هذه المنطقة المحرومة بين الجوع والوباء! فحال التعبئة العامة المفروضة في البلاد لها تأثيرها الفادح على الأهالي وأصحاب المحال الصغيرة والعاملين أعمالاً يومية وأجراء، فلا يتقاضون رواتبهم إذا لم يعملوا. لذا فالوضع هنا على حافة انفجار اجتماعي”.
وهذا في ظل غياب تام للمساعدات العينية من الوزارات المعنية أو حتى الأحزاب المسيطرة في المنطقة.
وفي جولتنا دخلنا إلى إحد المحال. رائحة الكلور والمعقمات عابقة في المكان. امرأة خمسينية ترتدي كمامة وقفازات تكافح بهما كورونا، وتقول: “لا نقدر أن نتحمل هذا الوضع المعيشي. لا أحد يهتم بنا”.
حركة المبيعات في السوق تراجعت وتزايدت استدانة السكان من الدكاكين ومحال الخضر. وقد يكون التكافل الاجتماعي بين أهالي هذه المنطقة هو الملاذ الوحيد. تذكر السيدة التي التقيناها في المحل أنها تخصص كل يوم حصة غذائية لعائلتين في المنطقة.
وأحمد بائع الخضر ذكر أنه جمع تبرعات لعائلات ثلاث من أهالي المنطقة قصدته طالبة المعونة.
وهو يقول إن الزبائن باتوا “يستدينون كيلو البندورة والخيار”.
لكن ماذا يسع هذه المبادرات أن تفعله حيال البطالة الجماعية والإلزام الجماعي بالقعود في البيوت في منطقة فقيرة ومهمشة أصلاً؟!
لن تكون تلك المبادرات أكثر من نقطة في بحر الحرمان والفقر المدقع، قبل مجيء كورونا الذي يزاوج بين الخوف وتضييق السبل المعيشية على الناس، وخصوصاً الفقراء منهم.
فبعض من النساء بكين فيما نتحدث إليهن عند ذكرهن ما يتوجب على العائلة دفعه من كلفة قوت يومي لعائلات كثيرة العدد، ومن مستحقات مالية إيجاراً لبيوت.
لا حملات تعقيم
ليس في حي السلم وأمثالها من أحياء العمران العشوائي بلديات، وهي اعتادت على ذلك منذ نشأتها، وكذلك على غياب الجهات الرسمية المعنية، رغم الوضع الحرج الذي تعيشه اليوم. واقتصر دور هذه الجهات على توجيه الإرشادات الشفوية للوقاية من فيروس كورونا، وضرورة ارتداء الكمامات والقفازات وتعقيم المحال.
ولم يلحظ أصحاب المحلات أو السكان أي مبادرة عامة فعلية للتعقيم، كما فعلت البلديات في باقي المناطق. فكل شخص مسؤول عن تعقيم محله تحت إشراف البلدية.