كتب جوني منير في “الجمهورية”: تصاعد الهمس خلال اليومين الماضيين حول قرب استقالة الحكومة. واستند أصحاب هذا الهمس الى جملة إشارات داخلية وخارجية تصبّ في هذا الاتجاه.
من أبرز الإشارات، تلويح ثلاث قوى أساسية بالاستقالة ولو من زوايا مختلفة:
الاولى، وتتعلّق بتهديد الرئيس نبيه بري باستقالة وزيريه من الحكومة بسبب استئثار رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بكل الحصّة المسيحية في التعيينات المالية. والتهديد كان موجّهاً فعلياً في اتجاه رئيس الحكومة حسان دياب، المُتهم بالاستسلام لمطالب باسيل، وهو ما دفع دياب الى الإسراع في زيارة بري وعقدا لقاء كان عاصفاً، خصوصاً بعدما برّر دياب سلوكه بأنّه عاجز عن المواجهة.
الثانية، تتعلّق بالإنذار الذي رفعه رئيس تيار المردة سليمان فرنجية باستقالة وزيريه في حال عدم نيله ثلث التعيينات المالية المسيحية، والتي تعني موقعين اثنين.
الثالثة، تلويح الرئيس سعد الحريري باستقالته مع كتلته النيابية، في حال تجاوز مطالبه في التعيينات المالية. وبالتالي، فإنّ تكرار استعمال كلمة استقالة لأطراف لهم باع طويل في زواريب ومجاهل السياسة اللبنانية، دفع الى التساؤل عمّا اذا كان هنالك من ظروف استُجدت ودفعت في اتجاه وجوب إنهاء خدمات الحكومة.
أصحاب هذه “الهمسات” يعتقدون أنّ ثمة تبدلاً في الاجواء الخارجية، يسمح بإجراء تبديل وزاري. ويستشهد مسؤول لبناني كبير بكلام كان قد سمعه من ديبلوماسي اميركي غداة تشكيل الحكومة، من أنّها لملء الوقت الضائع، وانّ عمرها قد لا يتجاوز مطلع الصيف المقبل.
ويضيف اصحاب هذا الاعتقاد، انّ الظروف الدولية الطارئة قد تكون استوجبت اختصار عمر الحكومة، بدليل انّ اكثر من مسؤول لبناني لمس بعض المرونة المستجدة في الموقف الاميركي في هذه المرحلة، ولاقاه بذلك موقف فرنسي.
وفي معرض شرحهم للمستجدات الدولية التي تؤثر على المعادلة اللبنانية، لفتوا الى الاتصال الهاتفي الذي اجراه الرئيس الاميركي بنظيره الروسي، والذي تركّز على نقطتين: الاولى، التعاون لمواجهة وباء كورونا، والثانية طلب المساعدة الاميركية لإعادة رفع اسعار النفط.
وتلا ذلك اتصال استتباعي بين وزيري خارجية البلدين، تطرّق الى مسألتي كورونا والنفط، مضافاً اليهما مسألة ثالثة تتعلّق بالسعي الى إنجاز التسوية في سوريا.
وقبل ذلك بساعات، كان ولي عهد ابو ظبي قد اتصل هاتفياً بالرئيس السوري بشار الاسد، وهو الاول من نوعه لمسؤول خليجي كبير منذ اندلاع الأحداث في سوريا.
كذلك اتصل الرئيس الاميركي بنظيره التركي، وتطرقا الى ملفي سوريا وليبيا، حيث لروسيا علاقة مباشرة وأساسية في كل الساحتين.
وبالأمس، اعلن بومبيو، وفي تغيير واضح في لهجة احد أبرز صقور الادارة الاميركية، أنّ بلاده تفكّر في احتمال تخفيف العقوبات على ايران ودول اخرى، واضعاً ذلك في خانة المساهمة في محاربة فيروس «كورونا». لكنه لم يقدّم اي اشارة ملموسة تدلّ الى وجود خطة تنفيذية في هذا الاتجاه.
لكن اللافت كان خطوة إطلاق السجين الاميركي في ايران قبل فترة قصيرة، وترافق ذلك مع اطلاق عامر الفاخوري في لبنان.
كذلك يلاحظ اصحاب هذا التوجّه التطورات الحكومية في اسرائيل، حيث ذهب بيني غانتس الى ملاقاة بنيامين نتنياهو لتشكيل حكومة جديدة. وبدا وكأن هنالك من دفع غانتس الى هذه الخطوة التي قسّمت حزب “أزرق ابيض”، مع الإشارة الى انّ ترامب كان قد دعا غانتس الى واشنطن للمشاركة الى جانب نتنياهو في الإعلان عن “صفقة القرن”.
كل هذه الصور يستند اليها البعض للاستنتاج بأنّ ثمة تبدّلات اقليمية ستترافق مع إعادة تعديل المعادلة الحكومية في لبنان. لكن اوساطاً ديبلوماسية مطلّعة لا توافق هذه القراءة، وتقدّم تفسيرات اخرى للنقاط التي يجري طرحها. فبالنسبة الى الحكومة وبنيتها، تبدو هذه الاوساط موافقة على ظهور كثير من نقاط الضعف لديها، خصوصاً على المستوى السياسي. واذا كانت المعالجة الصحية لملف الـ”كورونا” سجلّت نقاطاً ايجابية لصالحها، الّا انّ الحيوية السياسية مفقودة وغائبة، وهو ما كشفته تداعيات إطلاق الفاخوري. أضف الى ذلك انكشاف وقوعها أسيرة القوى السياسية والحزبية، وهو ما ظهر من خلال المعالجة المالية والإصلاحات المطلوبة، واخيراً وليس آخراً المحاصصة الحزبية المفضوحة للتعيينات المالية.
لقراءة المقال كاملا اضغط هنا