الخطة الإقتصادية المالية: من برا هالله هالله ومن جوا يعلم الله!

11 أبريل 2020
الخطة الإقتصادية المالية: من برا هالله هالله ومن جوا يعلم الله!

كتبت غادة غانم ل”لبنان24″: عشرات الملاحظات تتالت على خطة الحكومة الإقتصادية – المالية ، فعناوينها التفاؤلية تخبئ في طياتها قلقاً لدى المواطنين وخبراء المال والإقتصاد . لسنا في موقع التجني على الحكومة مطلقاً لكن القراءات وتفنيد بنود الخطة يثبتان بعدها عن المنطق والعقلانية فهي لم تُصب أهدافها لتحسين الأوضاع مستقبلاً.

الخطة الحكومية تركز على المصارف وكأنها سببُ العلة، وهنا ليس من باب الدفاع عن المصارف نسأل: هل المصارف هي المسؤولة عن إدارة كهرباء لبنان أو ضبط الحدود أو الجمارك او الإتصالات وغيرها من مجالات الهدر في إدارة شؤون الدولة؟ فتحميل القطاع المصرفي مسؤولية غيرَ مسؤوليته تجن ٍ عليه. والملاحظ أن الخطة الإقتصادية المالية أفردت حيزا للقطاع المصرفي فيما يُفترض أن تركز على الإصلاحات في القطاعات التي ذكرناها، لا كما تمّت الإشارةُ إليها عرضا كفقرات ثانوية.

ولا يُخفى أن الحديث عن عملية الـ haircut التي وضعها بعض مستشاري القصر والسراي الحكومي أثار القلق من المساس بتعب الناس و(تحويشة عمرهم) .فإثبات الدولة حرصها على المال العام يكون برفع يدها عن أيّ مرتكب أهدر مالاً بغير مكانه، وليس كما يستميت فريق سياسي بتصفية حسابات سياسة لتصفية قُوى سياسية من جعجع الى جنبلاط والحريرية السياسية ورؤساء الحكومات السابقين، لأن ذلك سيُدخل البلد في المجهول نظراً لتركيبة لبنان الطائفية والمذهبية.

مصدر سياسي مطلع على تفاصيل الخطة إستغرب عدم مصارحة المواطنين لجهة حقيقة إلتزام الحكومة بالـ haircut من عدمه، ويسأل إذا ما كانت الحكومة ستعيد النظر في خطتها في ظل الأصوات المعترضة، والمآخذ على الحكومة بعدم مخاطبة الناس لطمأنتهم وإيضاح نهج الحكومة الإقتصادي والمالي. كما سأل المصدر ذاته: هل يدرك أصحاب هذه الخطة حجم مخاطر العملية الإنقلابية السياسية المالية التي ينفذون؟

الرئيس نبيه بري الذي كرر رفضه المساس بودائع الناس كونها من المقدسات غير مرتاح لمسار الأمور، لا بل يرى مخاطر كبيرةً فيه، وسيكون له موقف في حال مضت الحكومة ورئيسها في هذا التوجه. وما يؤشر الى الاختلاف في وجهات النظر من كيفية المعالجة عدمُ حضور وزير المال غازي وزني لقاء السراي الحكومي عصر الخميس المخصص لشرح الخطة الإقتصادية.

الخبير الإقتصادي البروفسور جاسم عجاقة وصف مضمون الخطة بالكارثة وأبدى تشاؤمه من الإستمرار في هكذا نمط من الحلول خصوصاً أن الحكومة مكبلة بالضغوط السياسية الداخلية والخارجية. فبحسب الخطة سيخفّض سعر الصرف إلى ثلاثة الآف ليرة للدولار في السنوات الخمس المقبلة مع إعتراف واضعي الخطة بتضخم بمعدل 20 بالمئة في هذه السنوات، أضف إلى ذلك أن معاشات موظفي القطاع العام ستجمد لخمس سنوات أيضاً وسط التضخم التصاعدي، وما بين الأمرين إٍقتراح تخفيض التقديمات الإجتماعية والتغطية الصحية والمنح المدرسية، وهنا سأل عجاقة: ما الذي بقي للمواطن والطبقة الفقيرة المنهكة أساساً، كما أنهم لمّ يوفروا الطبقتين المتوسطة والغنية مع حسم العشرين مليار دولار من رأس مال المصارف الذي ستأخذه الدولة ؟

فإذٍا كانت مهمة “لازار” محدودة ونطاقها استشاري لإعادة هيكلة الدين، فإن الخطة الحكومية بديباجتها الحالية لن تمر، وبصمات من يحاول وضع يده على البلد بكيدية واضحة، قد يشعل الشارع ويولد أزمة سياسية في البلد. فواضعو الخطة تجاهلوا تماماً تأثير تداعيات كورونا على إقتصاد لبنان، وتناسوا واقع إفلاس الدولة والأبعاد السياسية لرفض واشنطن فتح الأبواب الخارجية أمام دخول العملة الخضراء للبنان، ومع هذا كله يعدون المواطن بأيام وردية بعيدة عن الواقع.