فمن دس مسألة الـ haircut إذا كانت الخطة لم تشر الى هذه الكلمة صراحة؟ وهل فعلا كانت محاولة جس نبض؟ وما حجم اختلاف الآراء بين حكومة اللون الواحد. ولماذا تأخر وزير المال غازني وزني في رفع الصوت للقول منذ البداية :هذه ليست خطتي؟ ومن أدار هذه اللعبة المشبوهة؟
تعالت الأصوات المعارضة للمس بمدّخرات الناس وبعد الرئيس نبيه بري، كان جنبلاط أول المعترضين إذ رأى في الأمر محاولة تطويع طائفي ومذهبي للإطاحة بالطائف والسيطرة على مقدرات البلد. كرّت سبحة المعترضين من جعجع إلى الحريري، ومعها تفاقم التراشق التويتري ليتحدث اللواء جميل السيد عن الرعب من نجاح حكومة حسان دياب وجاراه باسيل وإرسلان ووهاب بتغريداتهم حتى بدا الموالون للحكومة أول من نفض يده من الخطة الإقصادية التي أتت أولا على مال المواطن .
تنبيه ورد للرئيس حسان دياب بأن الخطة بهذه الصيغة قد تفجر البلد (وتطلع بوجك) تلته نصيحة أذا كانت المعلومات صحيحة وجب سحبها، وإذا كانت الورقة الرسمية للخطة غير متضمنة لها وجب نفي هذه المعلومات. فكان أن صدر النفي من السراي الحكومي بأن ما سرب حول الـ haircut لا يمت للحقيقة بصلة.
لماذا تنهك الطبقة السياسية نفسها وتُدخل البلد في مأزق لبنان في غنى عنه؟ لماذا عدم العودة الى ورقة بعبدا المالية الإقتصادية الإصلاحية أواخر 2019 التي وافق عليها رموز النظام السياسي وماليون، وإن لم تكن حتما الحل الكامل، ولكن أليس من الأجدى السير بها. فتحفظات صندوق النقد الدولي الذي شكك آنذاك في الإصلاحات ومكافحة الفساد في العديد من المرافق ( كالجمارك والأملاك البحرية والتهرّب الضريبي …. وعلى رأس كل ذلك الكهرباء) كان حاله حال المؤسسات الدولية كافة التي أجمعت على أن لا مساعدات للبنان ما لم يقدّم ورقة إقتصادية واضحة.
يبدو أن ما قدمته حكومة الرئيس دياب مجرد بالون اختبار نفسّه الرفض الشعبي والسياسي له ولم ير فيه اصحاب الاختصاص والاقتصاد سوى كارثة. وما قدمته الحكومة يحمل في طياته محاولة قص اجنحة لفريق سياسي تحت حجة المحاسبة فما الذي يمنع فتح الملفات؟
مصادر معارضة رحبت بالتدقيق في الحسابات وأكدت عدم الإعتراض على الملاحقة شرط القضاء المستقل وانسحاب الأمر على الجميع لا الإستنساب، واستطردت: هل تصفية الحسابات مع المصارف والطبقة السياسية هو نقطة التلاقي التي جمعت الرئيسين عون ودياب؟
قد يكون وزير المال تأخر بعدم مصارحة الجميع منذ اللحظة الأولى أن ما حكي عن haircut غير دقيق، وأن ما سرب هو غير خطته فهو لم يأتِ لا من قريب أو بعيد على ذكر هذا الموضوع. وكان حري بالعهد والحكومة عدم التنصل من ورقة بعبدا التي حظيت بموافقة الأطراف كافة والواضح أن حكومة دياب خسرت شوطا في اللعبة السياسية وما إرتباكها على مدى الأيام الماضية سوى دليل على ذلك.