حسان دياب بعباءة سليم الحص

إذا تحقق لدياب مراده سنعود إلى ما قبل رفيق الحريري فعلياً

16 أبريل 2020
حسان دياب بعباءة سليم الحص
يوسف بزي
يوسف بزي

باكراً، عرفنا أن حسان دياب يرغب بالتماثل مع صورة سليم الحص في المخيلة الشعبية. أن يبدو الحص “أباً روحياً” للبروفسور التكنوقراطي. بل وباكراً أظهر دياب أنه آت من هناك، من الهامش البيروتي الميكروسكوبي الذي يشبه مثلاً شخصيات “تجمع اللجان والروابط الشعبية”، كمعن بشور أو عصام نعمان.. الذين ازدهروا بمعية “الممانعة” والمخابرات السورية. وربما أيضاً هو أقرب ما يكون إلى حلقات وشخصيات “جمعية المشاريع” (الأحباش) ومنطوقها السياسي الذي تجلى ذات مرة في تظاهرة السواطير عام 2001.

باكراً أيضاً، بثّ دياب إشارات كثيرة عن انتمائه وانحيازه إلى “معسكر” الذين أطاح بهم انتخابياً وشعبياً وسياسياً رفيق الحريري، حتى قبل إجراء أي انتخابات. ويبدو دياب أنه لم ينسَ بعد المرارة التي ذاقها أسلافه، طالما أنه يومياً لا إنجاز له ولحكومته سوى ترداد النغمة التي تطرب ميشال عون شخصياً، أي إعلان الرغبة بالتخلص من “تبعات 30 سنة الماضية”. وهي عبارة لا تفسير ثانياً لها عنده سوى: الثأر من رفيق الحريري.

فهذه العبارة تحديداً، تختلف بمعناها جذرياً إن قالها متظاهرو 17 تشرين، ولها معان أخرى عند الحزب الشيوعي مثلاً، وربما لـ”المجتمع المدني” قصد مغاير إن قالها. أما فحواها عند الدوائر التي ينتسب إليها دياب، وتتنكب اليوم السلطة، فهي وحسب الانتقام من الحريري الأب، من تاريخه وإرثه. وهي للأسف مهمة باتت أسهل كثيراً بفضل ما اقترفه سعد الحريري (وسائر الورثة) في السنوات الأخيرة.

عندما أتى دياب إلى رئاسة الحكومة، بدا أشبه باليتيم، شبه مكتوم القيد، مجهولاً بلا نسب سياسي، بلا حزب ولا جماعة، وتقريباً بلا ماض. بدا وكأنه على قياس شرطيّ “المستقل” و”التكنوقراطي” اللذين راجا كمطلب عمومي و”ثوري”. لكن أيضاً كان واضحاً أنه خيار حزب الله – جبران باسيل. خيار يتمم الخدعة التي أنعشت السلطة وأظهرت فيها مرونتها الفائقة.

لكن اليوم، أضحى دياب أكثر انتباهاً إلى نفاد فعالية “اليتيم”. وأنه بحاجة إلى شجرة عائلة سياسية، إلى سلالة تمنحه شرعية السلطة، وديمومته فيها.

تلك هي أهمية الزيارة التي قام بها إلى منزل الرئيس سليم الحص يوم الأربعاء 15 نيسان. فعند عتبة المنزل سيقول: “لا يمكننا التفكير بإصلاح من دون العودة إلى الرئيس الحص”. معلناً مرجعيته ونسبه، وخطه السياسي. منذ هذا اليوم، خلع حسان دياب البدلة التنكرية، “التكنوقراطي المستقل”، ليتحول إلى طامح سياسي على المعنى الانتخابي المديد. أي بلغة أخرى سائدة: مشروع زعيم بيروتي، تقوم زعامته على أنقاض الحريرية تحديداً.

اختيار الحص، ليس بوصفه صاحب قاعدة شعبية. فهذا غير موجود. ولا بوصفه صاحب “عباءة” الطائفة وعمامتها وصولجانها. فهذا أيضاً ليس في خزائن الحص. إنما هو اختيار لـ”خرافة” سياسية، لها الآن في زمن القحط مفعول سحري. خرافة “الآدمي” الفقير الذي هو في الاعتقاد الشعبي على طول الخط نقيض “الفاسد” الثري. والتجسيد السياسي المحلي لهذه الخرافة هو: الحص – الحريري.

بهذا المعنى، وإذا تحقق لدياب مراده سنعود إلى ما قبل رفيق الحريري فعلياً.. إلى ما يشبه الحال في زمن سليم الحص وميشال عون معاً (هل تذكرون؟)، حين كان الدولار يساوي ثلاثة آلاف ليرة، و”المقاومة” تسجل انتصاراتها المتتالية.

المصدر المدن