طلاب لبنانيون في فرنسا: محسوبيات “أمل” والعونيين أخّرت عودتنا

وصل عدد الطلاب الذين تقدموا بطلبات العودة إلى لبنان إلى نحو 3300 طالب

16 أبريل 2020
وليد حسين
المحسوبيات ومحاباة السياسيين في لبنان دخلت إلى ملف المساعدة الإنسانية، التي قدمتها مؤسسة الوليد بن طلال، لإجلاء الطلاب اللبنانيين المعوزين من فرنسا. والنتيجة كانت عودة طلاب ميسورين على نفقة المؤسسة، وإقصاء من كانوا بحاجة ماسة لتلك المساعدات، وفق ما قالت مايا طه لـ”المدن”.

وطه التي تعمل كباحثة في علم الإحصاء في فرنسا، إلى جانب عملها مع جمعيات فرنسية تعنى بشؤون الطلاب اللبنانيين، على تواصل دائم مع الطلاب، وتعرف ظروف العديد منهم عن كثب بحكم عملها، ومساعدتها لهم.

فعدا عن معرفتها الشخصية لبعض الطلاب الذين عادوا على حساب المؤسسة، رغم وضعهم المادي الجيد، وعمل أهلهم في مناصب رفيعة في لبنان، فقد وصلتها رسائل موثّقة من طلاب يشتكون من المحسوبيات التي حصلت. وتعطي مثلاً عن هؤلاء بأن أحدهم تواصل معها منذ بداية الأزمة، وأبدى عن استعداده لمساعدة الطلاب المحتاجين لأن وضعه المادي جيد. لكنها تفاجأت أنه عاد إلى لبنان على لائحة الوليد بن طلال المجانية.

فأحد أصدقاء والده على علاقة جيدة بمؤسسة الوليد بن طلال ودبر له بطاقة سفر، كما قالت. 

“أمل” و”التيّار”
تضع طه هذه الأمور في إطار التجاوزات والتدخلات السياسية التي حصلت من قبل بعض المسؤولين في لبنان. فأكثر من عشرين طالباً عادوا مجاناً، رغم أن وضعهم المادي جيد بعد تدخلات من حركة أمل والتيار الوطني الحر.

وقد وصلتها محادثات خاصة لهؤلاء الطلاب يقولون فيها إنه لولا تدخل هاتين الجهتين لما تمكنوا من العودة إلى لبنان.

وهناك طلاب قالوا لولا عدم تقرّب أهلهم من مؤسسة الوليد بن طلال لما عادوا أيضاً، كما قالت.

وكدليل على هذه المحسوبيات، لفتت طه إلى أن بعض الطلاب اللبنانيين في فرنسا وصلتهم معلومات عن تسيير الطائرة يوم الاثنين في 13 نيسان إلى بيروت، حتى قبل إعلان السفارة اللبنانية في فرنسا وشركة طيران الشرق الأوسط عنها يوم الأربعاء الفائت في 8 نيسان، لارتباطهم بالمكاتب التربوية لبعض الأحزاب في لبنان.

وحضروا أمتعتهم وانتقلوا إلى العاصمة حتى قبل إعلان موعد الرحلة، بينما معظم الطلاب لم يعرفوا بها إلا بعد فوات الأوان. 

ضمير السفارة مرتاح
بعد رفع الصوت، في إحدى البرامج التلفزيونية، تلقت طه اتصالاً من سفير لبنان في فرنسا، رامي عدوان، نفى فيه أن يكون هناك محسوبيات أو تدخل باختيار لائحة الطلاب التي رفعها إلى مؤسسة الوليد بن طلال.

وأكد لها أن السفارة ضميرها مرتاح في هذا الشأن. وأن السفارة وضعت لائحة بـ 93 طالباً وضعهم المادي صعب جداً، ومؤسسة الوليد بن طلال تكفلت بنقل 55 طالب على حسابها. لكنها اختارت من لائحة السفارة 33 طالباً فحسب، أما الـ22 الباقين فمن خارج لائحة السفارة.

ووقع خيار المؤسسة عليهم بعد توسط جهات سياسية في لبنان. لذا تسأل طه: كيف اختير هؤلاء الطلاب؟ ولماذا لم تلتزم المؤسسة بلائحة السفارة؟ خصوصاً أن الأمر أدى إلى حرمان طلاب بحاجة فعلية للعودة، حتى أنهم باتوا غير قادرين على دفع إيجار السكن.

لا شفافية
وإذ تلفت طه إلى أن السفارة تتعاطى بإيجابية مع الجميع، وتتعاون مع الطلاب والجمعيات المعنية، وخصصت خطاً ساخناً للإجابة على جميع استفسارات اللبنانيين، تعتبر أن اختيار الطلاب عابه غياب الشفافية في التعاطي مع هذا الملف الإنساني. حتى أن وزير الخارجية والمغتربين أكد لها بلسانه، خلال برنامج تلفزيوني كانت ضيفته، أن منطق المحسوبيات موجود في لبنان والتدخلات والوساطات قائمة وأنهم يعملون لمحاربتها.

السفارة توضح
تواصلت “المدن” مع السفير عدوان، الذي شرح أن السفارة منذ بداية أزمة كورونا، وقرار عودة اللبنانيين، طبقت المعايير التي وضعتها الحكومة في لبنان، وفق الأولويات: الأشخاص المسنين والمرضى والنساء الحوامل والنساء والرجال الذين برفقتهم أطفال، والطلاب المحتاجين، والأشخاص المتواجدين في فرنسا بإقامة مؤقتة.

وإذ لفت إلى إمكانية عودة بعض الأشخاص من خارج هذه الأولوية، إلا أنه شدد على أن ليس للسفارة أو وزارة الخارجية علاقة بالأمر. فهناك جهات معينة في لبنان تضغط ربما على شركة طيران الشرق الأوسط لتمرير بعض الأشخاص. ورغم تأكيده أن مدير الشركة في باريس تعاون معهم بجدية وبمهنية، لكن ربما هناك حسابات سياسية وجهات تضغط في لبنان، ولا مسؤولية تقع على عاتق السفارة.

معايير اختيار الطلاب
وبخصوص آخر طائرة أقلت الطلاب على نفقة مؤسسة الوليد بن طلال الإنسانية، أكد السفير أنهم وضعوا لائحة بالطلاب المحتاجين فعلاً، وذلك وفق معايير الظروف المالية الصعبة والضرورة القصوى للعودة. وشدد أن ليس هناك أي جهة تدخلت بعمل السفارة إطلاقاً.

بل هناك لجنة عملت على التحقق من أوضاع الطلاب، قبل رفع اللائحة لمؤسسة الوليد بن طلال.

وتقصت عن أوضاعهم عبر التواصل المباشر معهم ومن خلال الجمعيات. وتأكدوا من أوضاع أهلهم في لبنان.

وإذ أكد أن المؤسسة اختارت من اللائحة عدداً كبيراً من الطلاب، وأنها خصصت بعض البطاقات لطلاب من خارج اللائحة، شدد على أن السفارة لم تتدخل بهذا الأمر.

فالمؤسسة هي التي قدمت الهبة، ولها حرية التصرف.

وأوضح أن المؤسسة تعاونت مع السفارة بمهنية فائقة، ووعدت بتأمين عودة دفعة إضافية من اللائحة التي رفعت إليها، عندما يعاد فتح المطار مجدداً آخر الشهر الحالي.

دعم مالي للطلاب
وشرح السفير الصعوبات التي يعاني منها الطلاب، لافتاً إلى أن القنصلية في مرسيليا والسفارة في باريس مدت يد العون للجميع. وشكلتا خلية أزمة لدعم الطلاب مادياً، من خلال التواصل مع غرفة التجارة اللبنانية الفرنسية.

والأخيرة شكلت لجنة ضمت ممثلين عن الطلاب وعن السفارة، وفتحت حساباً مصرفياً لدعم الطلاب.

وتبرعت جهات أخرى، ووصل المبلغ إلى نحو 60 ألف يورو إلى حد الساعة. كما وصل عدد الطلبات المقدمة من الطلاب للمساعدة إلى نحو 280 طلباً. وبدأوا بتوزيع المساعدات المالية عليهم.

وهي عبارة عن مبالغ بسيطة كي يتمكن هؤلاء الطلاب من الصمود لمدة أسبوعين، إلى حين إعادة فتح المطار. 

إجلاء إنساني
وصل عدد الطلاب الذين تقدموا بطلبات العودة إلى لبنان إلى نحو 3300 طالب، كما أكد السفير.

وهذا الرقم قد يتضاعف في الأيام المقبلة، خصوصاً أن إعادة فتح الجامعات تأجل إلى شهر أيلول المقبل.

وهذا يستدعي من شركة طيران الشرق الأوسط والحكومة اللبنانية التفكير بإعادة النظر بسعر بطاقات السفر.

فعلى المستوى الشخصي، يعتبر السفير، أن ثمن البطاقات باهظ جداً، بينما يجب أن تكون الرحلات بخلفية إجلاء إنساني للبنانيين الراغبين بالعودة.

المصدر المدن