“إستفادت” حكومة حسّان دياب من وباء الـ”كورونا” لتحقيق عدّة أهداف دفعة واحدة، على رغم أن تداعيات هذا الوباء ستظهر تباعًا وستنعكس سلبًا وفي شكل كارثي على المؤسسات والشركات والأفراد، وبالأخص على الدولة، التي لم يكن ينقصها هذا الوباء لتعلن إفلاسها، وهي كانت على شفير هذا الإعلان عشية تفشي هذا الفايروس الرهيب، الذي شلّ الحركة في العالم أجمع، والذي ستكون له إنعكاسات سيئة حتمية على أوضاعها الإقتصادية، وبالأخص على الدول التي كانت تعاني من أزمات إقتصادية ومالية، وحالها كحال لبنان المتعثّر، والمشلولة فيه وفيها الحركة الإنتاجية والإنمائية والإقتصادية.
ومن بين الإهداف التي حققتها حكومة “اللون الواحد”، والتي إحتمت خلفها كمتراس يقيها السهام الموجهة إليها، من داخلها ومن خارجها، يمكن التوقف عند الأبرز منها، وهي:
أول هذه الأهداف، أن الحكومة إستطاعت أن تسوّق نفسها على أنها على قدّ المسؤولية عندما إتخذت إجراءات إحترازية في مواجهة هذا الوباء، وقد نجح وزير الصحة، الذي وضعت تحت تصرّفه إمكانات من خارج إطار الدولة. وبذلك إستطاعت الحكومة أن تجيّر هذا النجاح الذي حققه الوزير حمد حسن، بإعتراف الخصوم قبل الاصدقاء، لمصلحتها ولمصلحة تبييض صفحتها. وتضاف إلى نجاحات الوزير حسن ما تمّ إتخاذه من تدابير لتأمين عودة من يرغب من اللبنانيين من الخارج، على رغم ما في هذه العودة من محسوبيات في الأولويات.
أما ثاني هذه الأهداف، فهو في تأجيل ما هو محتمّ بالنسبة إلى الإنهيار الإقتصادي، الذي لم يكن في أفضل أحواله، وقد زادت مصائب الـ”كورونا” من مضاعفاته، إلاّ أن إنفجارها فمؤجلّ، لأن الناس مشغولون بأخبار هذا الفايروس الخطير، الذي يتربص بهم عند عتبات البيوت، ولا يهتمّون كثيرًا بما تخطّط له الحكومة في الليالي المظلمة ومن وراء الستائر السوداء، وقد طلعت علينا بأفكار سمتها إنقاذية لم تسلم من الإنتقاد على أيدي الأفرقاء السياسيين، الذين ينتظرونها على الكوع بفارغ الصبر.
وثالث هذه الأهداف هو أن النقمة الشعبية، التي كانت تتظهرّ بالتظاهرات في الشارع، والتي أعلت الصوت عندما قالت لها لا ثقة شعبية، تبدو هامدة في الوقت الراهن، وهذا ما يسمح للحكومة بأن تطيل فسحة السماح الممنوحة إياها، وهي بذلك تكون قد تنصلت من فترة المئة يوم، التي ألزمت نفسها بها في بيانها الوزاري، فيتهيأ لها أنها إستطاعت أن تقلب عقارب الساعة، ولو إلى حين، علّ وعسى.
إلاّ أن ما فات الحكومة في غمرة مكابرتها وتعاميها عن الواقع أن إنتفاضة 17 أكتوبر غير نائمة على حرير، وهي وإن بدت هامدة بعض الشيء، تتحضّر لمرحلة ما بعد “كورونا”، وقد يكون نزولها إلى الشارع هذه المرّة غير كل المرّات، مستفيدة من الأجواء السياسية المؤاتية لحركتها الأفقية، ومن تنامي شعور اليأس لدى المواطنين، الذين فقدوا وظائفهم، بعد إضطرار معظم الشركات والمؤسسات على إقفال أبوابها، مع تزايد أعداد العاطلين عن العمل المستعدين للنزول إلى الشارع، لأن لم يعد لديهم من يخسرونه بعدما فقدوا أعمالهم.
إذًا فإن نزلة الشارع هذه المرّة ستكون حاسمة، وبالتالي لن تفيد الحكومة إزالة الخيم من بيروت ومن طرابلسن لأن من وضع هذه الخيمة في المرّة يستطيع أن يعيدها مرة وأثنتين وأكثر. لقد طفح الكيل ولم يعد المواطنون يتحمّلون الممارسات الغلط في حقهم، وهم يرون بأم العين كيف يُسلبون “على عينك يا تاجر”، وكأن لا من يراقب ولا من يحاسب.
هذا اليوم سوف يأتي حتمًا.