قراران متعارضان
لكن مجلس غزة البلدي – بعدما أكد أنه “اتخذ القرار تداركاً لردود فعل قد تنشأ جراء أي احتكاك، وتحت ضغط أهل غزة الرافضين بقاء المخيم في خراج بلدتهم” – تراجع عن قراره بناءً على عدم موافقة وزارة الداخلية على نقل أي مخيم للنازحين السورين على الأراضي اللبنانية من مكانه.
إلا أن رئيس بلدية غزة محمد المجذوب، أصرّ على مغادرة الشاويش وعائلته الموسعة المخيم.
عائلة الشاويش
وأكد رئيس البلدية لـ”المدن” أن أبناء البلدة “لا يكنّون أي عداء للنازحين السوريين المقيمين في غزة”. وأشار إلى أن “49 عائلة سورية نازحة تأوي إلى المخيم. و13 خيمة من عدد الخيم تشغلها عائلة الشاويش الموسعة وحدها. وأبناء هذه العائلة مقيمون في غزة منذ أكثر من 35 سنة. وهم عمال ورش، وليسوا نازحين”.
وفي المقابل، كشف المجذوب عن أن في غزة 17 تجمعاً آخر للنازحين السوريين، يصل عدد النازلين فيها إلى نحو 1700 نازح. وهؤلاء لم يتعرض أي منهم لأذى في أي وقت.
لكن رواية شقيق شاويش مخيم “عبدة كلينتون” عن خلفيات الحادثة وملابساتها، تكشف عن مركب من “الاستعلاء والتشاوف” المتماديين يمارسهما الأهالي المحليون اللبنانيون على نزلاء المخيمات السوريين في المناطق المختلفة.
وفي أوضاع وأحوال يعيشها لبنان وجماعاته، يصعب ألا تجد أي حادثة جزئية أو ظرفية غطاء “عنصرياً” يؤدي إلى اعتداءات “عنصرية” على النازحين ومخيماتهم، بصرف النظر عن أحقية أي من الطرفين، وصدق روايته.
ملابسات الاشتباك
وروى شقيق الشاويش أن شرارة “المواجهة” انطلقت بعدما أقدم شبان من غزة مكلفون بتعقيم مدخل بلدتهم، على ملاحقة سيدة خرجت من المخيم لتتبضع تحضيراً لمناسبة عقد قرانها، فأسمعها الشبان الغزيين كلاماً نابياً مؤذياً. وهذا ما أدى إلى مشكل بين الشبان وأهالي البلدة من جهة، وعائلة الشاويش واللاجئين في المخيم من جهة أخرى.
لم تمر المواجهة الأولى من دون تضارب بآلات حادة وعصي. ولما كانت الغلبة للنازلين في المخيم، تكتل شبان من بلدة غزة وراحوا على مدى يومين يلاحقون سوريي المخيم ويعتدون عليهم. وهذا أدى إلى العراك الكبير الأخير، فلم تنجُ خيمة في مخيم “عبدة كلينتون” من التخريب، إضافة الى تحطيم الحمامات وخزانات مياه الشفة. وأصيب أشخاص أربعة بجروح استدعت نقلهم إلى المستشفيات، ومن بينهم شاويش المخيم، وآخر من بلدة غزه إصابته حرجة.
وتدخلت القوى العسكرية مساء الأربعاء 15 نيسان الحالي، فأوقفت شباناً شاركوا في الاشتباكات من الطرفين، لمنع تدهور الأمور إلى أخطر مما آلت إليه.
كورونا وعزلاتها
وفي الأثناء بدأ غزيون بطلب مغادرة نزلاء المخيم. لكن هذا الطلب صعب التحقيق. فحتى لو رغب نزلاؤه المغادرة، فهم لا يملكون ولا يملك من يطلب منهم ذلك جوابا عن الوجهة التي يمكن أن يقصدها سكان المخيم السوريين. وليس سبب ذلك امتناع معظم البلدات عن زيادة أعداد النازحين فيها منذ أكثر من عام، فحسب، بل أيضاً بسبب جائحة كورونا والمخاوف التي تساور معظم المجتمعات المضيفة حيال الاجئين، ونظرتها إلى مخيمات السوريين باعتبارها قنابل “وبائية” موقوتة، لا يُعرف موعد انفجارها.
فبعد صدور القرار البلدي بترحيل نزلاء مخيم “عبده كلينتون”، سارعت بلدية قب الياس المجاورة لغزة إلى إصدار بيان طلبت فيه من أهالي البلدة التنبه والاستنفار “لمنع انتقال الخيم الى منطقتنا”، على ما جاء في البيان الداعي الى مراقبة محيط المخيمات والطرق المؤدية إليها. وهذا ما لجأت إليه معظم البلدات البقاعية التي لاحق أهلها السوريين ومنعوهم من التجول، ومن التنقل بين تجمعاتهم في المناطق.
هذا وعمد النظام السوري إلى إقفال المعابر الحدودية في وجه مواطنيه المقيمين في لبنان، بذريعة منع تفشي كورونا وانتشاره عبر الحدود. وبدا أن الظروف الوبائية تشكل عاملا إضافياً ضاغطاً على النازحين السوريين في لبنان، قد تدفعهم إلى مطالبة السلطات السورية بـ”فتح سوريا أبوابها بوجه مواطنيها المهددين بالتشرد”، وفقا لما نقله مقيمون في مخيم “عبدة كلينتون”.