عشرة جرحى في طرابلس: ثورة خبز وغضب

التحرك الاحتجاجي سرعان ما تطور إلى صدام مع الجيش

17 أبريل 2020
عشرة جرحى في طرابلس: ثورة خبز وغضب
جنى الدهيبي

قبل نحو أسبوع، أزالت وحدات الجيش الحواجز والخيم التي أغلقت لشهور “ساحة النور” في طرابلس، منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية في 17 تشرين الأول 2019. وبعد أن سبق هذه الخطوة أخرى مماثلة، بإزالة خيم الثورة في ساحتي رياض الصلح والشهداء في بيروت، بدا المشهد العام كأنّ السلطة اتخذت قرارًا حاسمًا بمحو كلّ آثار تلك الانتفاضة. فلم تجد أفضل من حالة التعبئة العامة لتحقيق مبتغاها.

أخبار صادمة
الإشكالية في طرابلس كما كل مناطق لبنان، لم تعد بالخلاف حول جدوى فتح واغلاق ساحةٍ هنا وأخرى هناك. هذا ما أثبتته مجموعات من المحتجين في المدينة يوم الخميس، أي أنّها قادرة على فرض وجودها في الساحة ساعة تشاء. فنزلوا إلى “ساحة النور” رجالًا ونساءً وشبابًا، رفعوا رغيف الخبر، ورددوا الشعارات ضدّ السلطة، في ظلّ الغلاء الفاحش لكلفة المعيشة والارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار مقابل انهيار قيمة الليرة اللبنانية.

وعمليًا، بدا واضحًا في الأيام الأخيرة أنّ حالة “التعبئة العامة” في طرابلس باتت مجرد وهمٍ أو كذبة يتحايل معظم أبناء المدينة عليها، إمّا سعيًا لكسب رزقهم، وإمّا لأنّ ذرعهم ضاق في الحجر المنزلي، وهم يتلقون القرارات المجحفة والظالمة بحقهم من السلطتين السياسية والمالية. يوم أمس، تلقى اللبنانيون سلسلة أخبار وقرارات صادمةٍ وغير قابلة للتحمّل. الدولار بسعر قياسي وتاريخي يتجاوز عتبة الـ 3000 ليرة، حاكم مصرف لبنان يفرض على مؤسسات التحويل المالي تسليم الحوالات للبنانيين بالليرة حصرًا، ووزير الاقتصاد يدعو الناس للذهاب “إلى السوبرماركت الأرخص”، في وقت أصبح فيه الأمن الغذائي في لبنان يواجه تهديدًا حقيقيًا!

عودة شعارات تشرين
وفيما تتسارع الأحداث في البلد نحو الانهيار، تلقى أهالي طربلس إشارات لتجديد انتفاضاتهم من بيروت التي عبرت بعض المجموعات فيها عن غضبها، فنزلوا عفويًا إلى “ساحة النور” عدّة مجموعات، ورددوا سويًا شعارات الثورة الشهيرة: “طاق طاق طاقية كلهم قرطة حرامية” و”شبيحة شبيحة” و”ثورة ثورة”. لكنّ هذا التحرك الاحتجاجي، سرعان ما تطور إلى وقوع إشكالٍ مع الجيش بلغ حدود الضرب والتدافع ورمي الحجارة، بعد أن حاول عدد من الشبان قطع الطرق المؤدية إلى ساحة النور، فوقعت بعض الإصابات في صفوفهم.

ولاحقًا، عمد الجيش بالقوة على فضّ الاعتصام، لا سيما بحجة الحفاظ على “التعبئة العامة”، وطارد المجموعات بالعصي التي تعرضت له، كما أطلق عددًا كبيرًا من القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي بعد احتدام المواجهات، التي انتقلت إلى متفرعات الساحة الداخلية، والحصيلة أكثر من 10 جرحى.

انفجار الغضب في طرابلس، ينذر أنّ المدينة تتحضر في الأيام المقبلة لتحركات مختلفة في الشارع، وهو ما تحضر له بعض المجموعات، بحسب معلومات “المدن”. أمّا الجدير ذكره، هو أنّ هذا التحرك يأتي بعد يومين من اجتماع نواب المدينة، ويأتي بعد انتظار “الهبة” الموعودة من الحكومة للعائلات الأكثر فقرًا بقيمة 400 ألف ليرة، وهي بالمناسبة باتت تساوي أقل من 130 دولار أميركي، ويأتي أيضًا بالتزامن مع كلمة رئيس الحكومة حسان دياب، التي لم ولن يسمعها المحتجون بطبيعة الحال.

المصدر المدن