ولم يكن عابراً في الساعات الماضية ارتسام مؤشراتٍ مُقْلِقة بإزاء أفق الواقع اللبناني الذي لا تنقصه أساساً اضطراباتٌ فيما هو يسير على حبل رفيع مشدود وبلا أي شبكات أمان حتى الآن يمكنها أن توقف السقوط المالي الكبير الذي بدأ في هاويةٍ يبدو قعرُها مدجّجاً بألغام قابلة للانفجار.
وأبدت أوساطٌ واسعةُ الاطلاع في هذا السياق عدم ارتياحٍ لمَظاهرٍ معاودة تَحَرُّك “الفوالق” على خط الصراع “الهامد” بين رعاة حكومة الرئيس حسان دياب وبين الأطراف المعارضين لها، فيما “انتفاضةُ 17 تشرين الأول” تستكمل عُدّة الـ “ثورة 2” التي تجهز أرضيتها الإعلامية والشعبية بما يشي بانفجار غضبٍ أوسع في زمن الانهيار المالي الذي فاقم “كورونا” من تداعياته الاقتصادية والاجتماعية على وهج “احتراق” العملة الوطنية وانخفاض قيمتها في شكل غير مسبوق أمام الدولار الذي يواصل “التحليق” بسعر صرف ناهز أمس 3250 ليرة.
وفي هذا الإطار، بدا أن المناخَ السياسي الذي أتاح لحكومة دياب “فترة سماح” لنحو 3 أشهر، انقلب في ظلّ حماوةٍ متصاعدة اندفعتْ معها الحكومةُ إلى ممرٍّ عاصِفٍ باتت فيها محاصَرة:
– على يمينها خصومها الذين يشتمّون محاولاتٍ لحرْف مسار الإنقاذ المالي نحو انقلابٍ على النظام الاقتصادي – المالي اللبناني واقتصاصٍ من “الحريرية السياسية” بما هي في جانبٍ منها امتداد اقليمي لإكمال “القبضة” على السلطة والتعديلات الممنهجة على التوازنات.
– أما على يسارها فثورةٌ متجدّدةٌ بدأتْ تستعيد حضورها الميداني في أكثر من منطقة من خلف “عازل كورونا”، مستفيدةً من تَمَدُّد الأهوالِ المعيشية التي يصبّ الزيت على نارها الكلامُ عن خياراتٍ موجعة لمعالجة الخسائر المالية في الطريق إلى إعادة هيكلة الدين العام، وهي الخيارات التي يؤجج من وقْعها الصعودُ الصاروخي للدولار، من دون أن تنجح عملية “الإنزال” المباغتة للمصرف المركزي عبر ضخِّ العملة الخضراء في سوق الصيرفة في فرْملة المسار المدمّر للقدرة الشرائية للبنانيين.